تفسير سورة الطور
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=32416_33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور nindex.php?page=treesubj&link=33062_34225_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وكتاب مسطور nindex.php?page=treesubj&link=33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3في رق منشور nindex.php?page=treesubj&link=33062_34370_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=4والبيت المعمور nindex.php?page=treesubj&link=32433_33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=5والسقف المرفوع nindex.php?page=treesubj&link=33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=6والبحر المسجور nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_33678_34513_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_33678_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8ما له من دافع nindex.php?page=treesubj&link=30296_34257_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يوم تمور السماء مورا nindex.php?page=treesubj&link=30296_31757_34257_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وتسير الجبال سيرا nindex.php?page=treesubj&link=30296_30525_30532_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فويل يومئذ للمكذبين nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=12الذين هم في خوض يلعبون nindex.php?page=treesubj&link=30428_30433_30437_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يوم [ ص: 1719 ] يدعون إلى نار جهنم دعا nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هذه النار التي كنتم بها تكذبون nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون nindex.php?page=treesubj&link=30364_30433_30530_30531_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون
يقسم تعالى بهذه الأمور العظيمة، المشتملة على الحكم الجليلة، على البعث والجزاء للمتقين وللمكذبين، فأقسم بالطور الذي هو الجبل الذي كلم الله عليه نبيه
موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وأوحى إليه ما أوحى من الأحكام، وفي ذلك من المنة عليه وعلى أمته، ما هو من آيات الله العظيمة،
ونعمه التي لا يقدر العباد لها على عد ولا ثمن.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وكتاب مسطور يحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي كتب الله به كل شيء، ويحتمل أن المراد به القرآن الكريم، الذي هو أفضل الكتب أنزله الله محتويا على نبأ الأولين والآخرين، وعلوم السابقين واللاحقين.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3في رق أي: ورق
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3منشور أي: مكتوب مسطر، ظاهر غير خفي، لا تخفى حاله على كل عاقل بصير.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=4والبيت المعمور وهو البيت الذي فوق السماء السابعة، المعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه لربهم ثم ، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وقيل: إن البيت المعمور هو
بيت الله الحرام، والمعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت، وبالوفود إليه بالحج والعمرة.
كما أقسم الله به في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=3وهذا البلد الأمين وحقيق ببيت أفضل بيوت الأرض، الذي قصده بالحج والعمرة، أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، التي لا يتم إلا بها، وهو الذي بناه
إبراهيم وإسماعيل، وجعله الله مثابة للناس وأمنا، أن يقسم الله به، ويبين من عظمته ما هو اللائق به وبحرمته.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=5والسقف المرفوع أي: السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات، وبناء للأرض، تستمد منها أنوارها، ويقتدى بعلاماتها ومنارها، وينزل الله منها المطر والرحمة وأنواع الرزق.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=6والبحر المسجور أي: المملوء ماء، قد سجره الله، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض، مع أن مقتضى الطبيعة، أن يغمر وجه الأرض، ولكن
[ ص: 1720 ] حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان، ليعيش من على وجه الأرض من أنواع الحيوان وقيل: إن المراد بالمسجور، الموقد الذي يوقد نارا يوم القيامة، فيصير نارا تلظى، ممتلئا على عظمته وسعته من أصناف العذاب.
هذه الأشياء التي أقسم الله بها، مما يدل على أنها من آيات الله وأدلة توحيده، وبراهين قدرته، وبعثه الأموات، ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع أي: لا بد أن يقع، ولا يخلف الله وعده وقيله.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8ما له من دافع يدفعه، ولا مانع يمنعه، لأن قدرة الله تعالى لا يغالبها
مغالب، ولا يفوتها هارب، ثم ذكر وصف ذلك اليوم، الذي يقع فيه العذاب، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يوم تمور السماء مورا أي: تدور السماء وتضطرب، وتدوم حركتها بانزعاج وعدم سكون،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وتسير الجبال سيرا أي: تزول عن أماكنها، وتسير كسير السحاب، وتتلون كالعهن المنفوش، وتبث بعد ذلك حتى تصير مثل الهباء، وذلك كله لعظم هول يوم القيامة، وفظاعة ما فيه من الأمور المزعجة، والزلازل المقلقة، التي أزعجت هذه الأجرام العظيمة، فكيف بالآدمي الضعيف!؟
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فويل يومئذ للمكذبين والويل: كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف.
ثم ذكر وصف المكذبين الذين استحقوا به الويل، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=12الذين هم في خوض يلعبون أي: خوض بالباطل ولعب به. فعلومهم وبحوثهم بالعلوم الضارة المتضمنة للتكذيب بالحق، والتصديق بالباطل، وأعمالهم أعمال أهل الجهل والسفه واللعب، بخلاف ما عليه أهل التصديق والإيمان من العلوم النافعة، والأعمال الصالحة.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يوم يدعون إلى نار جهنم دعا أي: يوم يدفعون إليها دفعا، ويساقون إليها سوقا عنيفا، ويجرون على وجوههم، ويقال لهم توبيخا ولوما:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هذه النار التي كنتم بها تكذبون فاليوم ذوقوا عذاب الخلد الذي لا يبلغ قدره، ولا يوصف أمره.
[ ص: 1721 ] nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون يحتمل أن الإشارة إلى النار والعذاب، كما يدل عليه سياق الآيات أي: لما رأوا النار والعذاب قيل لهم من باب التقريع:" أهذا سحر لا حقيقة له، فقد رأيتموه، أم أنتم في الدنيا لا تبصرون "أي: لا بصيرة لكم ولا علم عندكم، بل كنتم جاهلين بهذا الأمر، لم تقم عليكم الحجة؟ والجواب انتفاء الأمرين:
أما كونه سحرا، فقد ظهر لهم أنه أحق الحق، وأصدق الصدق، المنافي للسحر من جميع الوجوه، وأما كونهم لا يبصرون، فإن الأمر بخلاف ذلك، بل حجة الله قد قامت عليهم، ودعتهم الرسل إلى الإيمان بذلك، وأقامت من الأدلة والبراهين على ذلك، ما يجعله من أعظم الأمور المبرهنة الواضحة الجلية.
ويحتمل أن الإشارة بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق المبين، والصراط المستقيم أي: أفيتصور من له عقل أن يقول عنه : إنه سحر ، وهو أعظم الحق وأجله ، ولكن لعدم بصيرتهم قالوا فيه ما قالوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصلوها أي: ادخلوا النار على وجه تحيط بكم، وتشمل أبدانكم وتطلع على أفئدتكم.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم أي: لا يفيدكم الصبر على النار شيئا، ولا يتأسى بعضكم ببعض، ولا يخفف عنكم العذاب، وليست من الأمور التي إذا صبر العبد عليها هانت مشقتها وزالت شدتها.
وإنما فعل بهم ذلك، بسبب أعمالهم الخبيثة وكسبهم، ولهذا قال
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إنما تجزون ما كنتم تعملون
تَفْسِيرُ سُورَةِ الطُّورِ
مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=32416_33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ nindex.php?page=treesubj&link=33062_34225_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ nindex.php?page=treesubj&link=33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ nindex.php?page=treesubj&link=33062_34370_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=4وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ nindex.php?page=treesubj&link=32433_33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=5وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ nindex.php?page=treesubj&link=33062_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=6وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_33678_34513_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ nindex.php?page=treesubj&link=30525_30539_33678_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ nindex.php?page=treesubj&link=30296_34257_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا nindex.php?page=treesubj&link=30296_31757_34257_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا nindex.php?page=treesubj&link=30296_30525_30532_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=12الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30428_30433_30437_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يَوْمَ [ ص: 1719 ] يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30364_30433_30530_30531_30539_29023nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
يُقْسِمُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ، الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِكَمِ الْجَلِيلَةِ، عَلَى الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ لِلْمُتَّقِينَ وَلِلْمُكَذِّبِينَ، فَأَقْسَمَ بِالطُّورِ الَّذِي هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَبِيَّهَ
مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى مِنَ الْأَحْكَامِ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْمِنَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ، مَا هُوَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْعَظِيمَةِ،
وَنِعَمِهِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ الْعِبَادُ لَهَا عَلَى عَدٍّ وَلَا ثَمَنٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ بِهِ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْكُتُبِ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مُحْتَوِيًا عَلَى نَبَأِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَعُلُومِ السَّابِقِينَ وَاللَّاحِقِينَ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3فِي رَقٍّ أَيْ: وَرَقٍّ
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=3مَنْشُورٍ أَيْ: مَكْتُوبٍ مُسَطَّرٍ، ظَاهِرٍ غَيْرِ خَفِيٍّ، لَا تَخْفَى حَالُهُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ بَصِيرٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=4وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، الْمَعْمُورُ مَدَى الْأَوْقَاتِ بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ، الَّذِي يَدْخُلُهُ كُلُّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ لِرَبِّهِمْ ثُمَّ ، لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ: إِنَّ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ هُوَ
بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، وَالْمَعْمُورُ بِالطَّائِفِينَ وَالْمُصَلِّينَ وَالذَّاكِرِينَ كُلَّ وَقْتٍ، وَبِالْوُفُودِ إِلَيْهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
كَمَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=3وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ وَحَقِيقٌ بِبَيْتٍ أَفْضَلِ بُيُوتِ الْأَرْضِ، الَّذِي قَصَدَهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَحَدِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَمَبَانِيهِ الْعِظَامِ، الَّتِي لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهَا، وَهُوَ الَّذِي بَنَاهُ
إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا، أَنْ يُقْسِمَ اللَّهُ بِهِ، وَيُبَيِّنَ مِنْ عَظَمَتِهِ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِهِ وَبِحُرْمَتِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=5وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ أَيِ: السَّمَاءِ، الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ سَقْفًا لِلْمَخْلُوقَاتِ، وَبِنَاءً لِلْأَرْضِ، تَسْتَمِدُّ مِنْهَا أَنْوَارَهَا، وَيُقْتَدَى بِعَلَامَاتِهَا وَمَنَارِهَا، وَيُنْزِلُ اللَّهُ مِنْهَا الْمَطَرَ وَالرَّحْمَةَ وَأَنْوَاعَ الرِّزْقِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=6وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ أَيِ: الْمَمْلُوءُ مَاءً، قَدْ سَجَّرَهُ اللَّهُ، وَمَنَعَهُ مِنْ أَنْ يَفِيضَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ، أَنْ يُغْمَرَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ
[ ص: 1720 ] حِكْمَتَهُ اقْتَضَتْ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنِ الْجَرَيَانِ وَالْفَيَضَانِ، لِيَعِيشَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجُورِ، الْمَوْقِدُ الَّذِي يُوقِدُ نَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَصِيرُ نَارًا تَلَظَّى، مُمْتَلِئًا عَلَى عَظَمَتِهِ وَسِعَتِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْعَذَابِ.
هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَدِلَّةِ تَوْحِيدِهِ، وَبَرَاهِينِ قُدْرَتِهِ، وَبِعْثَهِ الْأَمْوَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ أَيْ: لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ، وَلَا يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَقِيلَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ يَدْفَعُهُ، وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُهُ، لِأَنَّ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُغَالِبُهَا
مُغَالِبٌ، وَلَا يُفَوِّتُهَا هَارِبٌ، ثُمَّ ذَكَرَ وَصْفَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْعَذَابُ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا أَيْ: تَدُورُ السَّمَاءُ وَتَضْطَرِبُ، وَتَدُومُ حَرَكَتُهَا بِانْزِعَاجٍ وَعَدَمِ سُكُونٍ،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا أَيْ: تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَتَسِيرُ كَسَيْرِ السَّحَابِ، وَتَتَلَوَّنُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ، وَتَبُثُّ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَصِيرَ مِثْلَ الْهَبَاءِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لِعِظَمِ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَفَظَاعَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُزْعِجَةِ، وَالزَّلَازِلِ الْمُقْلِقَةِ، الَّتِي أَزْعَجَتْ هَذِهِ الْأَجْرَامَ الْعَظِيمَةَ، فَكَيْفَ بِالْآدَمِيِّ الضَّعِيفِ!؟
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَالْوَيْلُ: كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِكُلِّ عُقُوبَةٍ وَحُزْنٍ وَعَذَابٍ وَخَوْفٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ وَصْفَ الْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا بِهِ الْوَيْلَ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=12الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ أَيْ: خَوْضٌ بِالْبَاطِلِ وَلَعِبٌ بِهِ. فَعُلُومُهُمْ وَبُحُوثُهُمْ بِالْعُلُومِ الضَّارَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلتَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ، وَالتَّصْدِيقِ بِالْبَاطِلِ، وَأَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالسَّفَهِ وَاللَّعِبِ، بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ مِنَ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا أَيْ: يَوْمَ يُدْفَعُونَ إِلَيْهَا دَفْعًا، وَيُسَاقُونَ إِلَيْهَا سَوْقًا عَنِيفًا، وَيَجْرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُمْ تَوْبِيخًا وَلَوْمًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ فَالْيَوْمَ ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ الَّذِي لَا يُبْلَغُ قَدْرُهُ، وَلَا يُوصَفُ أَمْرُهُ.
[ ص: 1721 ] nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى النَّارِ وَالْعَذَابِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَاتِ أَيْ: لَمَّا رَأَوُا النَّارَ وَالْعَذَابَ قِيلَ لَهُمْ مِنْ بَابِ التَّقْرِيعِ:" أَهَذَا سِحْرٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ، أَمْ أَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا لَا تُبْصِرُونَ "أَيْ: لَا بَصِيرَةَ لَكُمْ وَلَا عِلْمَ عِنْدَكُمْ، بَلْ كُنْتُمْ جَاهِلِينَ بِهَذَا الْأَمْرِ، لَمْ تَقُمْ عَلَيْكُمُ الْحُجَّةُ؟ وَالْجَوَابُ انْتِفَاءُ الْأَمْرَيْنِ:
أَمَّا كَوْنُهُ سِحْرًا، فَقَدْ ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ أَحَقُّ الْحَقِّ، وَأَصْدُقُ الصِّدْقِ، الْمُنَافِي لِلسِّحْرِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُمْ لَا يُبْصِرُونَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، بَلْ حُجَّةُ اللَّهِ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ، وَدَعَتْهُمُ الرُّسُلُ إِلَى الْإِيمَانِ بِذَلِكَ، وَأَقَامَتْ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ عَلَى ذَلِكَ، مَا يَجْعَلُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ الْمُبَرْهِنَةِ الْوَاضِحَةِ الْجَلِيَّةِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَيْ: أَفَيَتَصَوَّرُ مَنْ لَهُ عَقْلٌ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ : إِنَّهُ سِحْرٌ ، وَهُوَ أَعْظَمُ الْحَقِّ وَأَجَلُّهُ ، وَلَكِنْ لِعَدَمِ بَصِيرَتِهِمْ قَالُوا فِيهِ مَا قَالُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصْلَوْهَا أَيِ: ادْخُلُوا النَّارَ عَلَى وَجْهٍ تُحِيطُ بِكُمْ، وَتَشْمَلُ أَبْدَانَكُمْ وَتَطَّلِعُ عَلَى أَفْئِدَتِكُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَيْ: لَا يُفِيدُكُمِ الصَّبْرُ عَلَى النَّارِ شَيْئًا، وَلَا يَتَأَسَّى بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْكُمُ الْعَذَابُ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي إِذَا صَبَرَ الْعَبْدُ عَلَيْهَا هَانَتْ مَشَقَّتُهَا وَزَالَتْ شِدَّتُهَا.
وَإِنَّمَا فُعِلَ بِهِمْ ذَلِكَ، بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمِ الْخَبِيثَةِ وَكَسْبِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ