[ ص: 1864 ] تفسير سورة ن
وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=32450_33062_34237_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن والقلم وما يسطرون nindex.php?page=treesubj&link=31788_32024_34212_34513_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2ما أنت بنعمة ربك بمجنون nindex.php?page=treesubj&link=31034_34141_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وإن لك لأجرا غير ممنون nindex.php?page=treesubj&link=30961_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم nindex.php?page=treesubj&link=30532_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فستبصر ويبصرون nindex.php?page=treesubj&link=30532_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأييكم المفتون nindex.php?page=treesubj&link=30454_34091_34513_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين
يقسم تعالى بالقلم، وهو اسم جنس شامل للأقلام، التي تكتب بها أنواع العلوم، ويسطر بها المنثور والمنظوم، وذلك أن القلم وما يسطر به من أنواع الكلام، من آياته العظيمة، التي تستحق أن يقسم الله بها، على براءة نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم، مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون فنفى عنه ذلك بنعمة ربه عليه وإحسانه، حيث من عليه بالعقل الكامل، والرأي الجزل، والكلام الفصل، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام، وسطره الأنام، وهذا هو السعادة في الدنيا، ثم ذكر سعادته في الآخرة، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وإن لك لأجرا غير ممنون . أي: لأجرا عظيما، كما يفيده التنكير، غير مقطوع، بل هو دائم مستمر، وذلك لما أسلفه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة، والأخلاق الكاملة، ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم أي: عليا به، مستعليا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين،
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها عنه، فقالت:
nindex.php?page=hadith&LINKID=704984 "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم الآية ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الآية، وما أشبه ذلك من
nindex.php?page=treesubj&link=30961الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، [ ص: 1865 ] والآيات الحاثات على كل خلق جميل فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم سهلا لينا، قريبا من الناس، مجيبا لدعوة من دعاه، قاضيا لحاجة من استقضاه، جابرا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبا، وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إليه غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم.
فلما أنزله الله في أعلى المنازل من جميع الوجوه، وكان أعداؤه ينسبون إليه أنه مجنون مفتون قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فستبصر ويبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأييكم المفتون وقد تبين أنه أهدى الناس، وأكملهم لنفسه ولغيره، وأن أعداءه أضل الناس، وشر الناس للناس، وأنهم هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله، وكفى بعلم الله بذلك، فإنه هو المحاسب المجازي.
و
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين وهذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين، وبيان لحكمة الله، حيث كان يهدي من يصلح للهداية، دون غيره.
[ ص: 1864 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ ن
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=32450_33062_34237_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31788_32024_34212_34513_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ nindex.php?page=treesubj&link=31034_34141_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ nindex.php?page=treesubj&link=30961_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=treesubj&link=30532_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30532_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ nindex.php?page=treesubj&link=30454_34091_34513_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
يُقْسِمُ تَعَالَى بِالْقَلَمِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ شَامِلٍ لِلْأَقْلَامِ، الَّتِي تُكْتَبُ بِهَا أَنْوَاعُ الْعُلُومِ، وَيُسَطَّرُ بِهَا الْمَنْثُورُ وَالْمَنْظُومُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلَمَ وَمَا يُسْطَرُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ، مِنْ آيَاتِهِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْسِمَ اللَّهُ بِهَا، عَلَى بَرَاءَةِ نَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْجُنُونِ فَنَفَى عَنْهُ ذَلِكَ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ عَلَيْهِ وَإِحْسَانِهِ، حَيْثُ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ الْكَامِلِ، وَالرَّأْيِ الْجَزْلِ، وَالْكَلَامِ الْفَصْلِ، الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ مَا جَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَسَطَّرَهُ الْأَنَامُ، وَهَذَا هُوَ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ ذَكَرَ سَعَادَتَهُ فِي الْآخِرَةِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ . أَيْ: لَأَجْرًا عَظِيمًا، كَمَا يُفِيدُهُ التَّنْكِيرُ، غَيْرَ مَقْطُوعٍ، بَلْ هُوَ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، وَذَلِكَ لَمَّا أَسْلَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالْأَخْلَاقِ الْكَامِلَةِ، وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ أَيْ: عَلِيًّا بِهِ، مُسْتَعْلِيًا بِخَلْقِكَ الَّذِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ بِهِ، وَحَاصِلُ خُلُقِهِ الْعَظِيمِ، مَا فَسَّرَتْهُ بِهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ،
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لِمَنْ سَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=704984 "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ"، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ الْآيَةَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ الْآيَةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=30961الْآيَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى اتِّصَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، [ ص: 1865 ] وَالْآيَاتِ الْحَاثَّاتِ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ فَكَانَ لَهُ مِنْهَا أَكْمَلُهَا وَأَجَلُّهَا، وَهُوَ فِي كُلِّ خَصْلَةٍ مِنْهَا، فِي الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلًا لَيِّنًا، قَرِيبًا مِنَ النَّاسِ، مُجِيبًا لِدَعْوَةِ مَنْ دَعَاهُ، قَاضِيًا لِحَاجَةِ مَنِ اسْتَقْضَاهُ، جَابِرًا لِقَلْبِ مَنْ سَأَلَهُ، لَا يَحْرِمُهُ، وَلَا يَرُدُّهُ خَائِبًا، وَإِذَا أَرَادَ أَصْحَابُهُ مِنْهُ أَمْرًا وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ، وَتَابَعَهُمْ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ، وَإِنْ عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسْتَبِدْ بِهِ دُونَهُمْ، بَلْ يُشَاوِرُهُمْ وَيُؤَامِرُهُمْ، وَكَانَ يَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ يُعَاشِرُ جَلِيسًا لَهُ إِلَّا أَتَمَّ عِشْرَةً وَأَحْسَنَهَا، فَكَانَ لَا يَعْبَسُ فِي وَجْهِهِ، وَلَا يُغْلِظُ عَلَيْهِ فِي مَقَالِهِ، وَلَا يَطْوِي عَنْهُ بِشَرِّهِ، وَلَا يُمْسِكُ عَلَيْهِ فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَلَا يُؤَاخِذُهُ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ جَفْوَةٍ، بَلْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ غَايَةَ الْإِحْسَانِ، وَيَحْتَمِلُهُ غَايَةَ الِاحْتِمَالِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي أَعْلَى الْمَنَازِلِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَكَانَ أَعْدَاؤُهُ يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ مَفْتُونٌ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَهْدَى النَّاسِ، وَأَكْمَلَهُمْ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَأَنَّ أَعْدَاءَهُ أَضَلُّ النَّاسِ، وَشَرُّ النَّاسِ لِلنَّاسِ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ فَتَنُوا عِبَادَ اللَّهِ، وَأَضَلُّوهُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، وَكَفَى بِعِلْمِ اللَّهِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ هُوَ الْمُحَاسِبُ الْمُجَازِي.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَهَذَا فِيهِ تَهْدِيدٌ لِلضَّالِّينَ، وَوَعْدٌ لِلْمُهْتَدِينَ، وَبَيَانٌ لِحِكْمَةِ اللَّهِ، حَيْثُ كَانَ يَهْدِي مَنْ يَصْلُحُ لِلْهِدَايَةِ، دُونَ غَيْرِهِ.