تفسير سورة المائدة
وهي مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=17047_25507_29723_30945_32445_34089_34383_3441_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد
(1) هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم.
والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع
[ ص: 390 ] والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إنما المؤمنون إخوة بالتناصر على الحق، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع.
فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها. ويستدل بهذه الآية أن
nindex.php?page=treesubj&link=28296الأصل في العقود والشروط الإباحة، وأنها تنعقد بما دل عليها من قول أو فعل لإطلاقها .ثم قال ممتنا على عباده:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أحلت لكم أي: لأجلكم، رحمة بكم
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، بل ربما دخل في ذلك الوحشي منها، والظباء وحمر الوحش، ونحوها من الصيود.
واستدل بعض الصحابة بهذه الآية على إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=16888الجنين الذي يموت في بطن أمه بعدما تذبح. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إلا ما يتلى عليكم تحريمه منها في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير... إلى آخر الآية. فإن هذه المذكورات وإن كانت من بهيمة الأنعام فإنها محرمة.
ولما كانت إباحة بهيمة الأنعام عامة في جميع الأحوال والأوقات، استثنى منها
nindex.php?page=treesubj&link=25507الصيد في حال الإحرام فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غير محلي الصيد وأنتم حرم أي: أحلت لكم بهيمة الأنعام في كل حال، إلا حيث كنتم متصفين بأنكم غير محلي الصيد وأنتم حرم، أي: متجرئون على قتله في حال الإحرام، وفي الحرم، فإن ذلك لا يحل لكم إذا كان صيدا، كالظباء ونحوه.
والصيد هو الحيوان المأكول المتوحش.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إن الله يحكم ما يريد أي: فمهما أراده تعالى حكم به حكما موافقا لحكمته، كما أمركم بالوفاء بالعقود لحصول مصالحكم ودفع المضار عنكم.
وأحل لكم بهيمة الأنعام رحمة بكم، وحرم عليكم ما استثنى منها من ذوات العوارض، من الميتة ونحوها، صونا لكم واحتراما، ومن صيد الإحرام احتراما للإحرام وإعظاما.
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمَائِدَةِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=17047_25507_29723_30945_32445_34089_34383_3441_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ
(1) هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، أَيْ: بِإِكْمَالِهَا، وَإِتْمَامِهَا، وَعَدَمِ نَقْضِهَا وَنَقْصِهَا. وَهَذَا شَامِلٌ لِلْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ، مِنَ الْتِزَامِ عُبُودِيَّتِهِ، وَالْقِيَامِ بِهَا أَتَمَّ قِيَامٍ، وَعَدَمِ الِانْتِقَاصِ مِنْ حُقُوقِهَا شَيْئًا، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ، بِبَرِّهِمْ وَصِلَتِهِمْ، وَعَدَمِ قَطِيعَتِهِمْ.
وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الصُّحْبَةِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ، كَالْبَيْعِ
[ ص: 390 ] وَالْإِجَارَةِ، وَنَحْوِهِمَا، وَعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي عَقَدَهَا اللَّهُ بَيْنَهُمْ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ بِالتَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ وَالتَّآلُفِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمِ التَّقَاطُعِ.
فَهَذَا الْأَمْرُ شَامِلٌ لِأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، فَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِالْقِيَامِ بِهَا. وَيُسْتَدَلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28296الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ الْإِبَاحَةُ، وَأَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ لِإِطْلَاقِهَا .ثُمَّ قَالَ مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ أَيْ: لِأَجْلِكُمْ، رَحْمَةً بِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، بَلْ رُبَّمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْوَحْشِيُّ مِنْهَا، وَالظِّبَاءُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ، وَنَحْوُهَا مِنَ الصُّيُودِ.
وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى إِبَاحَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=16888الْجَنِينِ الَّذِي يَمُوتُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَمَا تُذْبَحُ. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ تَحْرِيمُهُ مِنْهَا فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ... إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَإِنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ.
وَلَمَّا كَانَتْ إِبَاحَةُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ عَامَّةً فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ، اسْتَثْنَى مِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=25507الصَّيْدَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أَيْ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ فِي كُلِّ حَالٍ، إِلَّا حَيْثُ كُنْتُمْ مُتَّصِفِينَ بِأَنَّكُمْ غَيْرُ مَحَلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، أَيْ: مُتَجَرِّئُونَ عَلَى قَتْلِهِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْحَرَمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ إِذَا كَانَ صَيْدًا، كَالظِّبَاءِ وَنَحْوِهِ.
وَالصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمَأْكُولُ الْمُتَوَحِّشُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ أَيْ: فَمَهْمَا أَرَادَهُ تَعَالَى حَكَمَ بِهِ حُكْمًا مُوَافِقًا لِحِكْمَتِهِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ لِحُصُولِ مَصَالِحِكُمْ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ عَنْكُمْ.
وَأَحَلَّ لَكُمْ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ رَحْمَةً بِكُمْ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ مَا اسْتَثْنَى مِنْهَا مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِضِ، مِنَ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، صَوْنًا لَكُمْ وَاحْتِرَامًا، وَمِنْ صَيْدِ الْإِحْرَامِ احْتِرَامًا لِلْإِحْرَامِ وَإِعْظَامًا.