قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين
(104) يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، سيد المرسلين، وإمام المتقين وخير الموقنين: قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني أي: في ريب واشتباه، فإني لست في شك منه، بل لدي العلم اليقيني أنه الحق، وأن ما تدعون من دون الله باطل، ولي على ذلك الأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة.
ولهذا قال: فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الأنداد، والأصنام وغيرها، لأنها لا تخلق ولا ترزق، ولا تدبر شيئا من الأمور، وإنما هي مخلوقة مسخرة، ليس فيها ما يقتضي [ ص: 735 ] عبادتها.
ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم أي: هو الله الذي خلقكم، وهو الذي يميتكم، ثم يبعثكم، ليجازيكم بأعمالكم، فهو الذي يستحق أن يعبد، ويصلى له ويخضع ويسجد. وأمرت أن أكون من المؤمنين 105 وأن أقم وجهك للدين حنيفا أي: أخلص أعمالك الظاهرة والباطنة لله، وأقم جميع شرائع الدين حنيفا، أي: مقبلا على الله، معرضا عما سواه، ولا تكونن من المشركين لا في حالهم، ولا تكن معهم.
(106) ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك وهذا وصف لكل مخلوق، أنه لا ينفع ولا يضر، وإنما النافع الضار، هو الله تعالى.
فإن فعلت أي: دعوت من دون الله، ما لا ينفعك ولا يضرك فإنك إذا من الظالمين أي: الضارين أنفسهم بإهلاكها، وهذا الظلم هو الشرك كما قال تعالى: إن الشرك لظلم عظيم فإذا كان خير الخلق، لو دعا مع الله غيره، لكان من الظالمين المشركين؛ فكيف بغيره؟!!