باب
nindex.php?page=treesubj&link=9234_9232كيفية القصاص قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى وقال في آية أخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به فأوجب بهذه الآي استيفاء المثل لم يجعل لأحد ممن أوجب عليه أو على وليه أن يفعل بالجاني أكثر مما فعل .
واختلف الفقهاء في كيفية القصاص ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : " على أي وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " إن قتله بعصا أو بحجر أو بالنار أو بالتغريق قتله بمثله ، فإن لم يمت بمثله فلا يزال يكرر عليه من جنس ما قتله به حتى يموت ، وإن زاد على فعل القاتل الأول " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة : " نضربه مثل ضربه ، ولا نضربه أكثر من ذلك ، وقد كانوا يكرهون المثلة ويقولون : السيف يجزي عن ذلك كله ، فإن غمسه في الماء فإني لا أزال أغمسه فيه حتى يموت " . ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " إن ضربه بحجر فلم يقلع عنه حتى مات فعل به مثل ذلك ، وإن حبسه بلا طعام ولا شراب حتى مات حبس ، فإن لم يمت في مثل تلك المدة قتل بالسيف " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لما كان في مفهوم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كتب عليكم القصاص في القتلى وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45والجروح قصاص استيفاء المثل من غير زيادة عليه ، كان محظورا على الولي استيفاء زيادة على فعل الجاني ، ومتى استوفى على مذهب من ذكرنا في التحريق والتغريق والرضخ بالحجارة والحبس أدى ذلك إلى أن يفعل به أكثر مما فعل ؛ لأنه إذا لم يمت بمثل ذلك الفعل قتله بالسيف أو زاد على جنس فعله ، وذلك هو الاعتداء الذي زجر الله عنه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ؛ لأن الاعتداء هو مجاوزة القصاص ، والقصاص أن يفعل به مثل فعله سواء إن أمكن ، وإن تعذر فأن يقتله بأوحى وجوه القتل فيكون مقتصا من جهة إتلاف نفسه غير متعد ما جعل له .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بتكرار مثل ذلك الفعل عليه حتى يموت زائد على فعل القاتل خارج عن معنى القصاص ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنه يفعل به مثل ما فعل ثم يقتله مخالف لحكم الآية ؛ لأن القصاص إن كان من جهة أن يفعل به مثل ما فعل فقد استوفى فقتله بعد ذلك تعد ، ومجاوزة لحد القصاص ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه
وإن كان معنى القصاص هو إتلاف نفس من غير مجاوزة لمقدار الفعل فهو الذي نقوله ، فلا ينفك موجب القصاص على الوجه الذي ذهب إليه مخالفونا من مخالفة الآية لمجاوزة
[ ص: 199 ] حد القصاص ؛ لأن فاعل ذلك داخل في حد الاعتداء الذي أوعد الله عليه .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به يمنع أن يجرح أكثر من جراحته أو يفعل به أكثر مما فعل .
ويدل على أن المراد به مثل ما فعل لا زائدا عليه اتفاق الجميع على أن
nindex.php?page=treesubj&link=9183_27317من قطع يد رجل من نصف الساعد أنه لا يقتص منه لعدم التيقن بالاقتصار على مقدار حقه ، وإن كان قد يغلب في الظن إذا اجتهد أنه قد وضع السكين في موضعه من المجني عليه ، ولم يكن للاجتهاد في ذلك حظ ، فكيف يجوز القصاص على وجه نعلم يقينا أنه مستوف لأكثر من حقه وجان عليه بأكثر من جنايته ؟
وأيضا لا خلاف أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=9233_9235للولي أن يقتله ولا يحرقه ولا يغرقه ، وهذا يدل على أن ذلك مراده بالآية ، وإذا كان القتل بالسيف مرادا ثبت أن القصاص هو إتلاف نفسه بأيسر وجوه القتل .
وإذا ثبت أن ذلك مراده انتفت إرادة التحريق والتغريق والرضخ ، وما جرى مجرى ذلك ؛ لأن وجوب الاقتصار على قتله بالسيف ينفي وقوع غيره .
فإن قيل : اسم المثل في القصاص يقع على قتله بالسيف ، وعلى أن يفعل به مثل فعله ، وله إن لم يمت أن يقتله بالسيف ، وله أن يقتصر بديا على قتله بالسيف ، فيكون تاركا لبعض حقه ، وله ذلك ، قيل له : غير جائز أن يكون الرضخ والتحريق مستحقا مع قتله بالسيف ؛ لأن ذلك ينافي القصاص ، وفعل المثل ، ومن حيث أوجب الله تعالى القصاص لا غير فغير جائز حمله على معنى ينافي مضمون اللفظ وحكمه .
وعلى أن الرضخ بالحجارة والتحريق والتغريق والرمي لا يمكن استيفاء القصاص به ؛ لأن القصاص إذا كان هو استيفاء المثل فليس للرضخ حد معلوم حتى يعلم أنه في مقادير أجزاء رضخ القاتل للمقتول ، وكذلك الرمي والتحريق لم يجز أن يكون ذلك مرادا بذكر القصاص ، فوجب أن يكون المراد إتلاف نفسه بأوحى الوجوه . ويدل على هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نفي القصاص في المنقلة والجائفة لتعذر استيفائه على مقادير أجزاء الجناية ، فكذلك القصاص بالرمي والرضخ غير ممكن استيفاؤه في معنى الإيلام ، وإتلاف الأجزاء التي أتلفها .
فإن قيل : لما كان المثل ينتظم معنيين ، وكذلك القصاص :
أحدهما إتلاف نفسه كما أتلف ، فيكون القصاص والمثل في هذا الوجه إتلاف نفس بنفس ، والآخر : أن يفعل به مثل ما فعل ، استعملنا حكم اللفظ في الأمرين ؛ لأن عمومه يقتضيهما ، فقلنا : نفعل به مثل ما فعل فإن مات ، وإلا استوفى المثل من جهة
[ ص: 200 ] إتلاف النفس قيل له : لا يجوز أن يكون المراد بالمثل والقصاص جميع الأمرين بأن يفعل به مثل ما فعل بالمقتول ثم يقتل ، وإن كان يجوز أن يكون المراد كل واحد من المعنيين على الانفراد غير مجموع إلى الآخر ؛ لأن الاسم يتناوله ، وهو غير مناف لحكم الآية وأما إذا جمعهما فغير جائز أن يكون مرادا على وجه الجمع ؛ لأنه يخرج عن حد القصاص والمثل بل يكون زائدا عليه ، وغير جائز تأويل الآية على معنى يضادها ، وينفي حكمها ، فلذلك امتنع إرادة القتل بالسيف بعد الرضخ والتغريق والحبس والإجاعة .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
جابر عن
أبي عازب عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=679171لا قود إلا بالسيف ، وهذا الخبر قد حوى معنيين :
أحدهما : بيان مراد الآية في ذكر القصاص والمثل والآخر : أنه ابتداء عموم يحتج به في نفي القود بغيره .
ويدل عليه أيضا ما روى
يحيى بن أبي أنيسة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907115لا يستقاد من الجراح حتى تبرأ ، وهذا ينفي قول المخالف لنا ؛ وذلك لأنه لو كان الواجب أن يفعل بالجاني كما فعل لم يكن لاستثنائه وجه ، فلما ثبت الاستثناء دل على أن حكم الجراحة معتبر بما يئول إليه حالها .
فإن قيل :
يحيى بن أبي أنيسة لا يحتج بحديثه ، قيل له : هذا قول جهال لا يلتفت إلى جرحهم ، ولا تعديلهم ، وليس ذلك طريقة الفقهاء في قبول الأخبار ، وعلى أن
علي بن المديني قد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد أنه قال :
يحيى بن أبي أنيسة أحب إلي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق . ويدل عليه أيضا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء عن
أبي قلابة ، عن
أبي الأشعث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663699إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح فأوجب عموم لفظه أن من له قتل غيره أن يقتله بأحسن وجوه القتل ، وأوحاها وأيسرها ، وذلك ينفي تعذيبه ، والمثلة به . ويدل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=663765أنه نهى أن يتخذ شيء من الحيوان غرضا فمنع بذلك أن يقتل القاتل رميا بالسهام .
وحكي أن
القسم بن معن حضر مع
nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله عند بعض السلاطين فقال : ما تقول فيمن رمى رجلا بسهم فقتله ؟ قال : يرمى فيقتل ، قال : فإن لم يمت بالرمية الأولى ؟ قال : يرمى ثانيا . قال : أفتتخذه غرضا ، وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=660625نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ شيء من الحيوان غرضا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك لم تمرق . فقال
القسم : يا
أبا عبد الله هذا ميدان إن سابقناك فيه سبقتنا ، يعني البذاء ، وقام
ويدل عليه أيضا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وغيره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698295أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة . ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب :
[ ص: 201 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=699856ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا فيها بالصدقة ونهانا عن المثلة . وهذا خبر ثابت قد تلقاه الفقهاء بالقبول واستعملوه ، وذلك يمنع
nindex.php?page=treesubj&link=9232_19823_9236المثلة بالقاتل ، وقول مخالفينا فيه المثلة به ، وهو يثني عن مراد الآية في إيجاب القصاص ، واستيفاء المثل ، فوجب أن يكون القصاص مقصورا على وجه المثلة ، ويستعمل الآية على وجه لا يخالف معنى الخبر .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثل بالعرنيين فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في
الحرة حتى ماتوا ثم نسخ سمل الأعين بنهيه عن المثلة ، فوجب على هذا أن يكون معنى آية القصاص محمولا على ما لا مثلة فيه . واحتج مخالفونا في ذلك بحديث
همام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس :
أن يهوديا رضخ رأس صبي بين حجرين ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضخ رأسه بين حجرين .
وهذا الحديث لو ثبت كان منسوخا بنسخ المثلة ؛ وذلك لأن النهي عن المثلة مستعمل عند الجميع والقود على هذا الوجه مختلف فيه ، ومتى ورد عنه صلى الله عليه وسلم خبران ، واتفق الناس على استعمال أحدهما واختلفوا في استعمال الآخر كان المتفق عليه منهما قاضيا على المختلف فيه خاصا كان أو عاما ، ومع ذلك فجائز أن يكون قتل اليهودي على وجه الحد كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
هشام بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670958عدا يهودي على جارية فأخذ أوضاحا كانت عليها ، ورضخ رأسها فأتى بها أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في آخر رمق ، فقال صلى الله عليه وسلم : من قتلك ؛ فلان ؟ فأشارت برأسها أي لا ، ثم قال : فلان ؟ يعني اليهودي ، قالت : نعم ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين .
فجائز أن يكون قتله حدا لما أخذ المال وقتل ، وقد كان ذلك جائزا على وجه المثلة كما سمل العرنيين ثم نسخ بالنهي عن المثلة .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
أبي قلابة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=693273أن رجلا من اليهود رضخ رأس جارية على حلي لها فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجم حتى قتلفذكر في هذا الحديث الرجم ، وليس ذلك بقصاص عند الجميع ، وجائز أن يكون اليهودي نقض العهد ولحق بدار الحرب لقرب محال
اليهود كانت حينئذ من
المدينة ، فأخذ بعد ذلك فقتله على أنه حربي ناقض للعهد متهم بقتل صبي ؛ لأنه غير جائز أن يكون قتله بإيماء الصبية وإشارتها أنه قتلها ؛ لأن ذلك لا يوجب قتل المدعى عليه القتل عند الجميع ، فلا محالة قد كان هناك سبب آخر استحق به القتل لم ينقله الراوي على جهته .
ويدل على صحة ما ذكرنا من أن المراد بالقصاص إتلاف نفسه بأيسر الوجوه ، وهو السيف اتفاق الجميع على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=9236_9233لو أوجره خمرا حتى مات لم يجز أن يوجره خمرا ، وقتل بالسيف .
فإن قيل : لأن شرب
[ ص: 202 ] الخمر معصية . قيل له : كذلك المثلة معصية ، والله أعلم .
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=9234_9232كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ فَأَوْجَبَ بِهَذِهِ الْآيِ اسْتِيفَاءَ الْمِثْلِ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِالْجَانِي أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرُ : " عَلَى أَيِّ وَجْهٍ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِالسَّيْفِ " . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : " إِنْ قَتَلَهُ بِعَصًا أَوْ بِحَجَرٍ أَوْ بِالنَّارِ أَوْ بِالتَّغْرِيقِ قَتَلَهُ بِمِثْلِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِمِثْلِهِ فَلَا يَزَالُ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا قَتَلَهُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ ، وَإِنْ زَادَ عَلَى فِعْلِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابْنُ شُبْرُمَةَ : " نَضْرِبُهُ مِثْلَ ضَرْبِهِ ، وَلَا نَضْرِبُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْمُثْلَةَ وَيَقُولُونَ : السَّيْفُ يُجْزِي عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَإِنْ غَمَسَهُ فِي الْمَاءِ فَإِنِّي لَا أَزَالُ أَغْمِسُهُ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ " . ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : " إِنْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فُعِلَ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَإِنْ حَبَسَهُ بِلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ حَتَّى مَاتَ حُبِسَ ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ قُتِلَ بِالسَّيْفِ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ اسْتِيفَاءُ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ ، كَانَ مَحْظُورًا عَلَى الْوَلِيِّ اسْتِيفَاءُ زِيَادَةٍ عَلَى فِعْلِ الْجَانِي ، وَمَتَى اسْتَوْفَى عَلَى مَذْهَبِ مَنْ ذَكَرْنَا فِي التَّحْرِيقِ وَالتَّغْرِيقِ وَالرَّضْخِ بِالْحِجَارَةِ وَالْحَبْسِ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَفْعَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَمُتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ زَادَ عَلَى جِنْسِ فِعْلِهِ ، وَذَلِكَ هُوَ الِاعْتِدَاءُ الَّذِي زَجَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَاءَ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْقِصَاصِ ، وَالْقِصَاصُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ سَوَاءً إِنْ أَمْكَنَ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَنْ يَقْتُلَهُ بِأَوْحَى وُجُوهِ الْقَتْلِ فَيَكُونَ مُقْتَصًّا مِنْ جِهَةِ إِتْلَافِ نَفْسِهِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ مَا جُعِلَ لَهُ .
وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ بِتِكْرَارِ مِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ زَائِدٌ عَلَى فِعْلِ الْقَاتِلِ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْقِصَاصِ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ ثُمَّ يَقْتُلُهُ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ فَقَدِ اسْتَوْفَى فَقَتْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَعَدٍّ ، وَمُجَاوَزَةٌ لِحَدِّ الْقِصَاصِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْقِصَاصِ هُوَ إِتْلَافُ نَفْسٍ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةٍ لِمِقْدَارِ الْفِعْلِ فَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ ، فَلَا يَنْفَكُّ مُوجِبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُونَا مِنْ مُخَالَفَةِ الْآيَةِ لِمُجَاوَزَةِ
[ ص: 199 ] حَدِّ الْقِصَاصِ ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ الِاعْتِدَاءِ الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ يَمْنَعُ أَنْ يُجْرَحَ أَكْثَرَ مِنْ جِرَاحَتِهِ أَوْ يُفْعَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ .
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ لَا زَائِدًا عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9183_27317مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ إِذَا اجْتَهَدَ أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ السِّكِّينَ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ حَظٌّ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ الْقِصَاصُ عَلَى وَجْهٍ نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَجَانٍ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ جِنَايَتِهِ ؟
وَأَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=9233_9235لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَا يَحْرِقُهُ وَلَا يُغْرِقُهُ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ بِالْآيَةِ ، وَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ مُرَادًا ثَبَتَ أَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ إِتْلَافُ نَفْسِهِ بِأَيْسَرِ وُجُوهِ الْقَتْلِ .
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ انْتَفَتْ إِرَادَةُ التَّحْرِيقِ وَالتَّغْرِيقِ وَالرَّضْخِ ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ يَنْفِي وُقُوعَ غَيْرِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : اسْمُ الْمِثْلِ فِي الْقِصَاصِ يَقَعُ عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ ، وَعَلَى أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ ، وَلَهُ إِنْ لَمْ يَمُتْ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالسَّيْفِ ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ بَدِيًّا عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ ، فَيَكُونَ تَارِكًا لِبَعْضِ حَقِّهِ ، وَلَهُ ذَلِكَ ، قِيلَ لَهُ : غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الرَّضْخُ وَالتَّحْرِيقُ مُسْتَحِقًّا مَعَ قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْقِصَاصَ ، وَفِعْلَ الْمِثْلِ ، وَمِنْ حَيْثُ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِصَاصَ لَا غَيْرُ فَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى يُنَافِي مَضْمُونَ اللَّفْظِ وَحُكْمَهُ .
وَعَلَى أَنَّ الرَّضْخَ بِالْحِجَارَةِ وَالتَّحْرِيقَ وَالتَّغْرِيقَ وَالرَّمْيَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إِذَا كَانَ هُوَ اسْتِيفَاءَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ لِلرَّضْخِ حَدٌّ مَعْلُومٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ فِي مَقَادِيرِ أَجْزَاءِ رَضْخِ الْقَاتِلِ لِلْمَقْتُولِ ، وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَالتَّحْرِيقُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادًا بِذِكْرِ الْقِصَاصِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِتْلَافَ نَفْسِهِ بِأَوْحَى الْوُجُوهِ . وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مَقَادِيرِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ ، فَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ بِالرَّمْيِ وَالرَّضْخِ غَيْرُ مُمْكِنٍ اسْتِيفَاؤُهُ فِي مَعْنَى الْإِيلَامِ ، وَإِتْلَافِ الْأَجْزَاءِ الَّتِي أَتْلَفَهَا .
فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا كَانَ الْمِثْلُ يَنْتَظِمُ مَعْنَيَيْنِ ، وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ :
أَحَدُهُمَا إِتْلَافُ نَفْسِهِ كَمَا أَتْلَفَ ، فَيَكُونُ الْقِصَاصُ وَالْمِثْلُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إِتْلَافَ نَفْسٍ بِنَفْسٍ ، وَالْآخَرُ : أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ ، اسْتَعْمَلْنَا حُكْمَ اللَّفْظِ فِي الْأَمْرَيْنِ ؛ لِأَنَّ عُمُومَهُ يَقْتَضِيهِمَا ، فَقُلْنَا : نَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فَإِنْ مَاتَ ، وَإِلَّا اسْتَوْفَى الْمِثْلَ مِنْ جِهَةِ
[ ص: 200 ] إِتْلَافِ النَّفْسِ قِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ وَالْقِصَاصِ جَمِيعَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ ثُمَّ يُقْتَلَ ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ غَيْرَ مَجْمُوعٍ إِلَى الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِحُكْمِ الْآيَةِ وَأَمَّا إِذَا جَمَعَهُمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْقِصَاصِ وَالْمِثْلِ بَلْ يَكُونُ زَائِدًا عَلَيْهِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ تَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى مَعْنًى يُضَادُّهَا ، وَيَنْفِي حُكْمَهَا ، فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ إِرَادَةُ الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ بَعْدَ الرَّضْخِ وَالتَّغْرِيقِ وَالْحَبْسِ وَالْإِجَاعَةِ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
جَابِرٍ عَنْ
أَبِي عَازِبٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=114النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=679171لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ ، وَهَذَا الْخَبَرُ قَدْ حَوَى مَعْنَيَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : بَيَانُ مُرَادِ الْآيَةِ فِي ذِكْرِ الْقِصَاصِ وَالْمِثْلِ وَالْآخَرُ : أَنَّهُ ابْتِدَاءُ عُمُومٍ يُحْتَجُّ بِهِ فِي نَفْيِ الْقَوَدِ بِغَيْرِهِ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى
يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907115لَا يُسْتَقَادُ مِنَ الْجِرَاحِ حَتَّى تَبْرَأَ ، وَهَذَا يَنْفِي قَوْلَ الْمُخَالِفِ لَنَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُفْعَلَ بِالْجَانِي كَمَا فَعَلَ لَمْ يَكُنْ لِاسْتِثْنَائِهِ وَجْهٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ الِاسْتِثْنَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجِرَاحَةِ مُعْتَبَرٌ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ حَالُهَا .
فَإِنْ قِيلَ :
يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ ، قِيلَ لَهُ : هَذَا قَوْلُ جُهَّالٍ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى جَرْحِهِمْ ، وَلَا تَعْدِيلِهِمْ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ طَرِيقَةَ الْفُقَهَاءِ فِي قَبُولِ الْأَخْبَارِ ، وَعَلَى أَنَّ
عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيَّ قَدْ ذَكَرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17316يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ :
يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12563مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15804خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ
أَبِي الْأَشْعَثِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=75شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663699إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ فَأَوْجَبَ عُمُومُ لَفْظِهِ أَنَّ مَنْ لَهُ قَتْلُ غَيْرِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِأَحْسَنِ وُجُوهِ الْقَتْلِ ، وَأَوْحَاهَا وَأَيْسَرِهَا ، وَذَلِكَ يَنْفِي تَعْذِيبَهُ ، وَالْمُثْلَةَ بِهِ . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=663765أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ غَرَضًا فَمَنَعَ بِذَلِكَ أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ رَمْيًا بِالسِّهَامِ .
وَحُكِيَ أَنَّ
الْقَسْمَ بْنَ مَعْنٍ حَضَرَ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16100شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ بَعْضِ السَّلَاطِينِ فَقَالَ : مَا تَقُولُ فِيمَنْ رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ؟ قَالَ : يُرْمَى فَيُقْتَلُ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِالرَّمْيَةِ الْأُولَى ؟ قَالَ : يُرْمَى ثَانِيًا . قَالَ : أَفَتَتَّخِذُهُ غَرَضًا ، وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=660625نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ غَرَضًا ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16101شَرِيكٌ لَمْ تَمْرُقْ . فَقَالَ
الْقَسْمُ : يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَيْدَانٌ إِنْ سَابَقْنَاكَ فِيهِ سَبَقْتَنَا ، يَعْنِي الْبَذَاءَ ، وَقَامَ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَغَيْرُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698295أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ . ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ :
[ ص: 201 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=699856مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إِلَّا أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ . وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ قَدْ تَلَقَّاهُ الْفُقَهَاءُ بِالْقَبُولِ وَاسْتَعْمَلُوهُ ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=9232_19823_9236الْمُثْلَةَ بِالْقَاتِلِ ، وَقَوْلُ مُخَالِفِينَا فِيهِ الْمُثْلَةُ بِهِ ، وَهُوَ يَثْنِي عَنْ مُرَادِ الْآيَةِ فِي إِيجَابِ الْقِصَاصِ ، وَاسْتِيفَاءِ الْمِثْلِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ مَقْصُورًا عَلَى وَجْهِ الْمُثْلَةِ ، وَيَسْتَعْمِلُ الْآيَةَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخَالِفُ مَعْنَى الْخَبَرِ .
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي
الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا ثُمَّ نُسِخَ سَمْلُ الْأَعْيُنِ بِنَهْيِهِ عَنِ الْمُثْلَةِ ، فَوَجَبَ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى آيَةِ الْقِصَاصِ مَحْمُولًا عَلَى مَا لَا مُثْلَةَ فِيهِ . وَاحْتَجَّ مُخَالِفُونَا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ
هَمَّامٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ :
أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ صَبِيٍّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْضَخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ ثَبَتَ كَانَ مَنْسُوخًا بِنَسْخِ الْمُثْلَةِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْمُثْلَةِ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْقَوَدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، وَمَتَى وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَانِ ، وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الْآخَرِ كَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا قَاضِيًا عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا ، وَمَعَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْيَهُودِيِّ عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ عَنْ
هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670958عَدَا يَهُودِيٌّ عَلَى جَارِيَةٍ فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا ، وَرَضَخَ رَأْسَهَا فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَكِ ؛ فُلَانٌ ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ لَا ، ثُمَّ قَالَ : فُلَانٌ ؟ يَعْنِي الْيَهُودِيَّ ، قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ .
فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ حَدًّا لَمَّا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى وَجْهِ الْمُثْلَةِ كَمَا سَمَلَ الْعُرَنِيِّينَ ثُمَّ نُسِخَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
أَيُّوبَ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=693273أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى قُتِلَفَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرَّجْمَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقِصَاصٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْيَهُودِيُّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِقُرْبِ مَحَالِّ
الْيَهُودِ كَانَتْ حِينَئِذٍ مِنَ
الْمَدِينَةِ ، فَأُخِذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ عَلَى أَنَّهُ حَرْبِيٌّ نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ مُتَّهَمٌ بِقَتْلِ صَبِيٍّ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِإِيمَاءِ الصَّبِيَّةِ وَإِشَارَتِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ قَتْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، فَلَا مَحَالَةَ قَدْ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ آخَرُ اسْتَحَقَّ بِهِ الْقَتْلَ لَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي عَلَى جِهَتِهِ .
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِصَاصِ إِتْلَافُ نَفْسِهِ بِأَيْسَرِ الْوُجُوهِ ، وَهُوَ السَّيْفُ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=9236_9233لَوْ أَوْجَرَهُ خَمْرًا حَتَّى مَاتَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجِرَهُ خَمْرًا ، وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ .
فَإِنْ قِيلَ : لِأَنَّ شُرْبَ
[ ص: 202 ] الْخَمْرِ مَعْصِيَةٌ . قِيلَ لَهُ : كَذَلِكَ الْمُثْلَةُ مَعْصِيَةٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .