باب
nindex.php?page=treesubj&link=24227_27961الشاهد والوصي إذا علما الجور في الوصية قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو [ ص: 212 ] بكر : حدثنا
عبد الله بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14103الحسن بن أبي الربيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما قال : " هو الرجل يوصي فيجنف في وصيته فيردها الولي إلى العدل والحق " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبو جعفر الرازي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس قال : " الجنف الخطأ والإثم العمد " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
وابن طاوس عن أبيه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما قال : " هو الموصي لابن ابنه يريد لبنيه " .
وروى
المعتمر بن سليمان عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن في الرجل يوصي للأباعد ويترك الأقارب قال : " يجعل وصيته ثلاثة أثلاث : للأقارب الثلثين ، وللأباعد الثلث " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس في الرجل يوصي للأباعد قال : " ينتزع منهم فيدفع للأقارب إلا أن يكون فيهم فقير " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : " الجنف الميل عن الحق ، وقد حكينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس أنه قال : " الجنف الخطأ " ويجوز أن يكون مراده الميل عن الحق على وجه الخطأ ، والإثم ميله عنه على وجه العمد ؛ وهو تأويل مستقيم .
وتأوله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن على الوصية للأجنبي ، وله أقرباء أن ذلك جنف وميل عن الحق ؛ لأن الوصية كانت عنده للأقارب الذين لا يرثون . وتأوله
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس على معنيين ، أحدهما : الوصية للأباعد فترد إلى الأقارب ، والآخر : أن من يوصي لابن ابنته يريد ابنته . وقد نسخ وجوب الوصية للوالدين والأقربين :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما غير موجب أن يكون هذا الحكم مقصورا على الوصية المذكورة قبلها ؛ لأنه كلام مستقل بنفسه يصح ابتداء الخطاب به غير مضمن بما قبله ، فهو عام في سائر الوصايا إذا عدل بها عن جهة العدل إلى الجور ، منتظمة للوصية التي كانت واجبة للوالدين والأقربين في حال بقاء وجوبها ، وشاملة لسائر الوصايا غيرها ؛ فمن خاف من سائر الناس من موص ميلا عن الحق وعدولا إلى الجور فالواجب عليه إرشاده إلى العدل والصلاح .
ولا يختص بذلك الشاهد والوصي والحاكم دون سائر الناس ؛ لأن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فإن قيل : فما معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم والخوف إنما يختص بما يمكن وقوعه في المستقبل ، وأما الماضي فلا يكون فيه خوف ؟ قيل له : يجوز أن يكون قد ظهر له من أحوال الموصي ما يغلب معه على ظنه أنه يريد الجور وصرف الميراث عن الوارث ، فعلى من خاف ذلك منه رده إلى العدل ويخوفه ذميم عاقبة الجور أو يدخل بين الموصى له وبين الورثة على وجه الصلاح .
وقد قيل إن معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف أنه علم أن
[ ص: 213 ] فيها جورا فيردها إلى العدل . وإنما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فلا إثم عليه ولم يقل " فعليه ردها إلى العدل والصلاح " ولا ذكر له فيه استحقاق الثواب ؛ لأن أكثر أحوال الداخلين بين الخصوم على وجه الإصلاح أن يسألوا كل واحد منهما ترك بعض حقه ، فيسبق مع هذه الحال إلى ظن المصلح أن ذلك غير سائغ له ؛ ولأنه إنما يعمل في كثير منه على غالب ظنه دون الحقيقة ، فرخص الله تعالى في الإصلاح بينهم ، وأزال ظن الظان لامتناع جواز ذلك ، فلذلك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فلا إثم عليه في هذا الموضع ، وقد وعد بالثواب على مثله في غيره ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما
وروي في
nindex.php?page=treesubj&link=27961تغليظ الجنف في الوصية ما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
أحمد بن الحسن قال : حدثنا
عبد الصمد بن حسان قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=treesubj&link=27961الإضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تلك حدود الله فلا تعتدوها وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15252القاسم بن زكريا ومحمد بن الليث قالا : حدثنا
عبد الله بن يوسف قال : حدثنا
عمر بن المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=13841الإضرار في الوصية من الكبائر .
وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي قال : حدثنا
طاهر بن عبد الرحمن بن إسحاق القاضي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أشعث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=679208إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة .
وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
عبدة بن عبد الله قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا
نصر بن علي الحداني قال : حدثني
الأشعث بن جابر قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664413إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ثم قرأ علي nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة من هاهنا : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار حتى بلغ : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13وذلك الفوز العظيم فهذه الأخبار مع ما قدمنا توجب على من علم جنفا في الوصية من موص أن يرده إلى العدل إذا أمكنه ذلك .
فإن قيل : على ماذا يعود الضمير الذي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182بينهم ؟ قيل
[ ص: 214 ] له : لما ذكر الله الموصي أفاد بفحوى الخطاب أن هناك موصى له ووارثا تنازعوا ، فعاد الضمير إليهم بفحوى الخطاب في الإصلاح بينهم ؛ وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء :
وأدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني الخير الذي أنا أبتغيه
أم الشر الذي هو يبتغيني
فكنى في البيت الأول عن الشر بعد ذكر الخير وحده لما في فحوى اللفظ من الدلالة عليه عند ذكر الخير وغيره . وقد قيل : إن الضمير عائد على المذكورين في ابتداء الخطاب ، وهم الوالدان والأقربون .
وقد أفادت هذه الآية على أن على الوصي والحاكم والوارث وكل من وقف على جور في الوصية من جهة الخطأ أو العمد ردها إلى العدل ، ودل على أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله بعدما سمعه خاص في الوصية العادلة دون الجائرة . وفيها الدلالة على جواز اجتهاد الرأي والعمل على غالب الظن ؛ لأن الخوف من الميل يكون في غالب ظن الخائف .
وفيها رخصة في الدخول بينهم على وجه الإصلاح مع ما فيه من زيادة أو نقصان عن الحق بعد أن يكون ذلك بتراضيهم . والله الموفق .
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=24227_27961الشَّاهِدُ وَالْوَصِيُّ إِذَا عَلِمَا الْجَوْرَ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو [ ص: 212 ] بَكْرٍ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14103الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا قَالَ : " هُوَ الرَّجُلُ يُوصِي فَيَجْنَفُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيَرُدُّهَا الْوَلِيُّ إِلَى الْعَدْلِ وَالْحَقِّ " . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11960أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : " الْجَنَفُ الْخَطَأُ وَالْإِثْمُ الْعَمْدُ " . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ ،
وَابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا قَالَ : " هُوَ الْمُوصِي لِابْنِ ابْنِهِ يُرِيدُ لِبَنِيهِ " .
وَرَوَى
الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِلْأَبَاعِدِ وَيَتْرُكُ الْأَقَارِبَ قَالَ : " يَجْعَلُ وَصِيَّتَهُ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ : لِلْأَقَارِبِ الثُّلُثَيْنِ ، وَلِلْأَبَاعِدِ الثُّلُثُ " . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِلْأَبَاعِدِ قَالَ : " يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ لِلْأَقَارِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ فَقِيرٌ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : " الْجَنَفُ الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ ، وَقَدْ حَكَيْنَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ : " الْجَنَفُ الْخَطَأُ " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْمَيْلَ عَنِ الْحَقِّ عَلَى وَجْهِ الْخَطَأِ ، وَالْإِثْمُ مَيْلُهُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ ؛ وَهُوَ تَأْوِيلٌ مُسْتَقِيمٌ .
وَتَأَوَّلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ ، وَلَهُ أَقْرِبَاءُ أَنَّ ذَلِكَ جَنَفٌ وَمَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ . وَتَأَوَّلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : الْوَصِيَّةُ لِلْأَبَاعِدِ فَتُرَدُّ إِلَى الْأَقَارِبِ ، وَالْآخَرُ : أَنَّ مَنْ يُوصِي لِابْنِ ابْنَتِهِ يُرِيدُ ابْنَتَهُ . وَقَدْ نَسَخَ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا غَيْرَ مُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ يَصِحُّ ابْتِدَاءُ الْخِطَابِ بِهِ غَيْرَ مُضَمَّنٍ بِمَا قَبْلَهُ ، فَهُوَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْوَصَايَا إِذَا عَدَلَ بِهَا عَنْ جِهَةِ الْعَدْلِ إِلَى الْجَوْرِ ، مُنْتَظِمَةً لِلْوَصِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَةً لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فِي حَالِ بَقَاءِ وُجُوبِهَا ، وَشَامِلَةً لِسَائِرِ الْوَصَايَا غَيْرِهَا ؛ فَمَنْ خَافَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ مِنْ مُوصٍ مَيْلًا عَنِ الْحَقِّ وَعُدُولًا إِلَى الْجَوْرِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِرْشَادُهُ إِلَى الْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ .
وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الشَّاهِدُ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ وَالْخَوْفُ إِنَّمَا يَخْتَصُّ بِمَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَأَمَّا الْمَاضِي فَلَا يَكُونُ فِيهِ خَوْفٌ ؟ قِيلَ لَهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَحْوَالِ الْمُوصِي مَا يَغْلِبُ مَعَهُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْجَوْرَ وَصَرْفَ الْمِيرَاثِ عَنِ الْوَارِثِ ، فَعَلَى مَنْ خَافَ ذَلِكَ مِنْهُ رَدُّهُ إِلَى الْعَدْلِ وَيُخَوِّفُهُ ذَمِيمَ عَاقِبَةِ الْجَوْرِ أَوْ يَدْخُلُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى وَجْهِ الصَّلَاحِ .
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ
[ ص: 213 ] فِيهَا جَوْرًا فَيَرُدُّهَا إِلَى الْعَدْلِ . وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ " فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إِلَى الْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ " وَلَا ذَكَرَ لَهُ فِيهِ اسْتِحْقَاقَ الثَّوَابِ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْوَالِ الدَّاخِلِينَ بَيْنَ الْخُصُومِ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ أَنْ يَسْأَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكَ بَعْضِ حَقِّهِ ، فَيَسْبِقُ مَعَ هَذِهِ الْحَالِ إِلَى ظَنِّ الْمُصْلِحِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ سَائِغٍ لَهُ ؛ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ دُونَ الْحَقِيقَةِ ، فَرَخَّصَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ، وَأَزَالَ ظَنَّ الظَّانِّ لِامْتِنَاعِ جَوَازِ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَقَدْ وَعَدَ بِالثَّوَابِ عَلَى مِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
وَرُوِيَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27961تَغْلِيظِ الْجَنَفِ فِي الْوَصِيَّةِ مَا حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=27961الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15252الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا وَمُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=13841الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ .
وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ : حَدَّثَنَا
طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
أَشْعَثَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=679208إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَبْعِينَ سَنَةً فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ سَبْعِينَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ .
وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُدَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي
الْأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664413إِنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ لَيَعْمَلَانِ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ هَاهُنَا : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ حَتَّى بَلَغَ : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ مَا قَدَّمْنَا تُوجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ جَنَفًا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ مُوصٍ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى الْعَدْلِ إِذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ .
فَإِنْ قِيلَ : عَلَى مَاذَا يَعُودُ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182بَيْنَهُمْ ؟ قِيلَ
[ ص: 214 ] لَهُ : لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْمُوصِي أَفَادَ بِفَحْوَى الْخِطَابِ أَنَّ هُنَاكَ مُوصًى لَهُ وَوَارِثًا تَنَازَعُوا ، فَعَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِمْ بِفَحْوَى الْخِطَابِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ؛ وَأَنْشُدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ :
وَأَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيَّهُمَا يَلِينِي الْخَيْرُ الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ
أَمِ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي
فَكَنَّى فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ عَنِ الشَّرِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وَحْدَهُ لِمَا فِي فَحْوَى اللَّفْظِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ ، وَهُمُ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ .
وَقَدْ أَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَكُلِّ مَنْ وَقَفَ عَلَى جَوْرٍ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْخَطَأِ أَوِ الْعَمْدِ رَدَّهَا إِلَى الْعَدْلِ ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ خَاصٌّ فِي الْوَصِيَّةِ الْعَادِلَةِ دُونَ الْجَائِرَةِ . وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْعَمَلِ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنَ الْمَيْلِ يَكُونُ فِي غَالِبِ ظَنِّ الْخَائِفِ .
وَفِيهَا رُخْصَةٌ فِي الدُّخُولِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمْ . وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .