ولما بين سبحانه وتعالى المقطوع لهم بالنار بين الذين هم أهل لرجاء الجنة لئلا يزال العبد هاربا من موجبات النار مقبلا على مرجئات الجنة خوفا من أن يقع فيما يسقط رجاءه -
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : لما ذكر أمر المتزلزلين ذكر أمر الثابتين; انتهى - فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29680_29694_30658_31104_34085_34135_34478_7856_7920_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218إن الذين آمنوا أي أقروا بالإيمان.
ولما كانت الهجرة التي هي فراق المألوف والجهاد الذي هو المخاطرة بالنفس في مفارقة وطن البدن والمال في مفارقة وطن النعمة أعظم الأشياء على النفس بعد مفارقة وطن الدين كرر لهما الموصول إشعارا
[ ص: 237 ] باستحقاقهما للصالة في أنفسهما فقال مؤكدا للمعنى بالإخراج في صيغة المفاعلة:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218والذين هاجروا أي أوقعوا المهاجرة بأن فارقوا بغضا ونفرة تصديقا لإقرارهم بذلك ديارهم ومن خالفهم فيه من أهلهم وأحبابهم.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : من المهاجرة وهو مفاعلة من الهجرة وهو التخلي عما شأنه الاغتباط به لمكان ضرر منه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218وجاهدوا أي أوقعوا المجاهدة، مفاعلة من الجهد - فتحا وضما، وهو الإبلاغ في الطاقة والمشقة في العمل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218في سبيل الله أي دين الملك الأعظم كل من خالفهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218أولئك العالو الرتبة العظيمو الزلفى والقربة ولما كان أجرهم إنما هو من فضل الله قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218يرجون من الرجاء وهو ترقب الانتفاع بما تقدم له سبب ما - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218رحمت الله [ ص: 238 ] أي إكرامه لهم غير قاطعين بذلك علما منهم أن له أن يفعل ما يشاء لأنه الملك الأعظم فلا كفؤ له وهم غير قاطعين بموتهم محسنين، قاطعون بأنه سبحانه وتعالى لو أخذهم بما يعلم من ذنوبهم عذبهم.
ولما كان الإنسان محل النقصان فهو لا يزال في فعل ما إن أوخذ به هلك قال مشيرا إلى ذلك مبشرا بسعة الحلم في جملة حالية من واو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218يرجون ويجوز أن يكون عطفا على ما تقديره: ويخافون عذابه فالله منتقم عظيم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218والله أي الذي له صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218غفور أي ستور لما فرط منهم من الصغائر أو تابوا عنه من الكبائر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218رحيم فاعل بهم فعل الراحم من الإحسان والإكرام والاستقبال بالرضا.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وفي الختم بالرحمة أبدا في خواتم الآي إشعار بأن
[ ص: 239 ] فضل الله في الدنيا والآخرة ابتداء فضل ليس في الحقيقة جزاء العمل فكما يرحم العبد طفلا ابتداء يرحمه كهلا انتهاء ويبتدئه برحمته في معاده كما ابتدأه برحمته في ابتدائه - انتهى بالمعنى.
وَلَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَقْطُوعَ لَهُمْ بِالنَّارِ بَيَّنَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلٌ لِرَجَاءِ الْجَنَّةِ لِئَلَّا يَزَالَ الْعَبْدُ هَارِبًا مِنْ مُوجِبَاتِ النَّارِ مُقْبِلًا عَلَى مُرْجِئَاتِ الْجَنَّةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقَعَ فِيمَا يُسْقِطُ رَجَاءَهُ -
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : لَمَّا ذَكَرَ أَمْرَ الْمُتَزَلْزِلِينَ ذَكَرَ أَمْرَ الثَّابِتِينَ; انْتَهَى - فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29680_29694_30658_31104_34085_34135_34478_7856_7920_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ أَقَرُّوا بِالْإِيمَانِ.
وَلَمَّا كَانَتِ الْهِجْرَةُ الَّتِي هِيَ فِرَاقُ الْمَأْلُوفِ وَالْجِهَادُ الَّذِي هُوَ الْمُخَاطَرَةُ بِالنَّفْسِ فِي مُفَارَقَةِ وَطَنِ الْبَدَنِ وَالْمَالِ فِي مُفَارَقَةِ وَطَنِ النِّعْمَةِ أَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ عَلَى النَّفْسِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ وَطَنِ الدِّينِ كَرَّرَ لَهُمَا الْمَوْصُولَ إِشْعَارًا
[ ص: 237 ] بِاسْتِحْقَاقِهِمَا لِلصَّالَّةِ فِي أَنْفُسِهِمَا فَقَالَ مُؤَكِّدًا لِلْمَعْنَى بِالْإِخْرَاجِ فِي صِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218وَالَّذِينَ هَاجَرُوا أَيْ أَوْقَعُوا الْمُهَاجَرَةَ بِأَنْ فَارَقُوا بُغْضًا وَنَفْرَةً تَصْدِيقًا لِإِقْرَارِهِمْ بِذَلِكَ دِيَارَهُمْ وَمَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِهِمْ وَأَحْبَابِهِمْ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : مِنَ الْمُهَاجَرَةِ وَهُوَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ التَّخَلِّي عَمَّا شَأْنُهُ الِاغْتِبَاطُ بِهِ لِمَكَانِ ضَرَرٍ مِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218وَجَاهَدُوا أَيْ أَوْقَعُوا الْمُجَاهَدَةَ، مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْجَهْدِ - فَتْحًا وَضَمًّا، وَهُوَ الْإِبْلَاغُ فِي الطَّاقَةِ وَالْمَشَقَّةِ فِي الْعَمَلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ دِينِ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218أُولَئِكَ الْعَالُّو الرُّتْبَةِ الْعَظِيمُو الزُّلْفَى وَالْقُرْبَةِ وَلَمَّا كَانَ أَجْرُهُمْ إِنَّمَا هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218يَرْجُونَ مِنَ الرَّجَاءِ وَهُوَ تَرَقُّبُ الِانْتِفَاعِ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ سَبَبُ مَا - قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218رَحْمَتَ اللَّهِ [ ص: 238 ] أَيْ إِكْرَامُهُ لَهُمْ غَيْرَ قَاطِعِينَ بِذَلِكَ عِلْمًا مِنْهُمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ لِأَنَّهُ الْمَلِكُ الْأَعْظَمُ فَلَا كُفُؤَ لَهُ وَهُمْ غَيْرُ قَاطِعِينَ بِمَوْتِهِمْ مُحْسِنِينَ، قَاطِعُونَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَوْ أَخَذَهُمْ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ عَذَّبَهُمْ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ مَحَلَّ النُّقْصَانِ فَهُوَ لَا يَزَالُ فِي فِعْلِ مَا إِنْ أُوخِذَ بِهِ هَلَكَ قَالَ مُشِيرًا إِلَى ذَلِكَ مُبَشِّرًا بِسِعَةِ الْحِلْمِ فِي جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ مِنْ وَاوِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218يَرْجُونَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ: وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ فَاللَّهُ مُنْتَقِمٌ عَظِيمٌ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218وَاللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218غَفُورٌ أَيْ سَتُورٌ لِمَا فَرَطَ مِنْهُمْ مِنَ الصَّغَائِرِ أَوْ تَابُوا عَنْهُ مِنَ الْكَبَائِرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218رَحِيمٌ فَاعِلٌ بِهِمْ فِعْلَ الرَّاحِمِ مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْإِكْرَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ بِالرِّضَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَفِي الْخَتْمِ بِالرَّحْمَةِ أَبَدًا فِي خَوَاتِمِ الْآيِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ
[ ص: 239 ] فَضْلَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ابْتِدَاءُ فَضْلٍ لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ جَزَاءَ الْعَمَلِ فَكَمَا يَرْحَمُ الْعَبْدُ طِفْلًا ابْتِدَاءً يَرْحَمُهُ كَهْلًا انْتِهَاءً وَيَبْتَدِئُهُ بِرَحْمَتِهِ فِي مَعَادِهِ كَمَا ابْتَدَأَهُ بِرَحْمَتِهِ فِي ابْتِدَائِهِ - انْتَهَى بِالْمَعْنَى.