ورفعناه جزاء منا له على تقواه وإحسانه، رفعة تليق بعظمتنا، فأحللناه مكانا عليا أي الجنة أو السماء الرابعة، وهي التي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بها ليلة الإسراء; قال ابن قتيبة في المعارف: وفي التوراة أن أخنوح أحسن قدام الله فرفعه إليه - انتهى. وفي نسخة ترجمة التوراة وهي قديمة جدا وقابلتها مع بعض فضلاء الربانيين من اليهود وعلى ترجمة سعيد الفيومي بالمعنى [وكان هو القارئ -] ما نصه: وكانت جميع حياة حنوخ ثلاثمائة وخمسا وستين سنة، فأرضى حنوخ الله ففقد لأن الله غيبه، وفي نسخة [ ص: 217 ] أخرى: لأن الله قبله، وفي أخرى: لأن الله أخذه. وهو قريب مما قال ابن قتيبة ، لأن أصل الكلام عبراني، وإنما نقله إلى العربي المترجمون، فكل ترجم على قدر فهمه من ذلك اللسان، ويؤيد أن المراد الجنة [ما -] في مجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي عن معجمي - الأوسط والأصغر إن لم يكن موضوعا: حدثنا الطبراني محمد بن واسط ثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ثنا عن حجاج بن محمد أبي غسان محمد بن مطرف عن عن زيد بن أسلم عبيد الله بن أبي رافع عن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أم سلمة إدريس عليه السلام كان صديقا لملك الموت فسأله أن يريه الجنة والنار، فصعد بإدريس فأراه النار ففزع منها، وكاد يغشى عليه فالتف عليه ملك الموت بجناحه، فقال ملك الموت: أليس قد رأيتها؟ قال: بلى! ولم أر كاليوم قط، ثم انطلق به حتى أراه الجنة فدخلها فقال له ملك الموت: انطلق! قد رأيتها، قال: إلى أين؟ قال [ملك الموت -]: حيث كنت، قال إدريس: لا والله! لا أخرج منها بعد إذ دخلتها، فقيل لملك الموت: أليس أنت أدخلته [إياها -] وأنه ليس لأحد دخلها أن يخرج منها" . "إن
وقال: لا يروى عن إلا بهذا الإسناد، وقال أم سلمة الحافظ نور الدين: إبراهيم المصيصي متروك. [ ص: 218 ] قلت وفي لسان الميزان لتلميذه شيخنا حافظ العصر ابن حجر عن الذهبي أنه كذاب، وعن أنه كان يسوي الحديث، أي يدلس تدليس التسوية. وفي تفسير ابن حبان عن البغوي قريب من هذا، وفيه أنه سأل وهب ملك الموت أن يقبض روحه ويردها إليه بعد ساعة، فأوحى الله إليه أن يفعل، وفيه أنه احتج في امتناعه من الخروج بأن كل نفس ذائقة الموت وقد ذاقه، وأنه لا بد من ورود النار وقد وردها، وأنه ليس أحد يخرج من الجنة، فأوحى الله إلى ملك الموت: بإذني دخل الجنة - يعني: فخل سبيله - فهو حي هناك. وفي تفسير أيضا عن البغوي وغيره أن كعب إدريس عليه السلام مشى ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال: يا رب! فكيف بمن يحملها؟ اللهم! خفف عنه من ثقلها، فخفف عنه فسأل ربه عن السبب فأخبره فسأل أن يكون بينهما خلة، فأتاه فسأله إدريس عليه السلام أن يسأل ملك الموت أن يؤخر أجله، فقال: لا يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها، وأنا مكلمه، فرفع إدريس عليه السلام فوضعه عند مطلع الشمس، ثم أتى ملك الموت وكلمه فقال: ليس ذلك إلي، ولكن [إن -] أحببت أعلمته أجله [ ص: 219 ] فيتقدم في نفسه، قال: نعم! فنظر في ديوانه فقال: إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبدا، قال: وكيف [ذلك -]؟ قال: لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس، قال: فإني أتيتك وتركته هناك، قال: انطلق فلا أراك تجده إلا [و -] قد مات، فوالله ما بقي من أجل إدريس - عليه السلام - شيء، فرجع الملك فوجده ميتا. ومن جيد المناسبات أن إسماعيل وإدريس عليهما الصلاة والسلام اشتركا في البيان بالعلم واللسان، فإسماعيل عليه السلام أول [من أجاد البيان باللسان، وإدريس عليه السلام -] فقد روى أول من أعرب الخطاب بالكتاب، عن الطبراني رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عباس إسماعيل عليه السلام" "أول من فتق لسانه بهذه العربية
عن ولأحمد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي ذر "أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام" .