ولما كان القادر قد لا يكون ملكا، قال دالا على ملكه مادحا له بالقطع خبرا لمبتدأ محذوف: الرحمن مفتتحا بالوصف المفيض للنعم العامة للطائع والعاصي; [ثم ذكر خبرا ثانيا دالا على عموم الرحمة فقال -]: على العرش الحاوي لذلك كله استوى أي أخذ في تدبير ذلك منفردا، فخاطب العباد بما يفهمونه من قولهم: فلان استوى، أي جلس معتدلا على سرير الملك، فانفرد بتدبيره وإن لم يكن هناك سرير ولا كون عليه أصلا، هذا روح هذه العبارة، كما أن روح قوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه عن مسلم رضي الله عنهما عبد الله بن عمرو أنه سبحانه وتعالى عظيم القدرة على ذلك، وهو عليه يسير خفيف كخفته على من هذا [ ص: 269 ] حاله، وليس المراد أن هناك إصبعا أصلا - نبه على ذلك حجة الإسلام "القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف شاء" ومنه أخذ الغزالي، أن يد فلان مبسوطة كناية عن جواد وإن لم يكن هناك يد ولا بسط أصلا. الزمخشري