ولما أنزلهم بالحضيض الأسفل، علل ذلك [بما يدل على] أنه سبحانه لا شريك له بإتمام كلماته بنصر أوليائه على ضعفهم وخذلان أعدائه على قوتهم لأنه سبحانه [غيب] محض لا دلالة عليه إلا بأفعاله فقال: كتب أي فعل فعل من أبرم أمرا ففرغ منه وكتبه فأوجب وحتم وقضى وبت الله [أي الملك] الذي لا كفؤ له لأغلبن أكد لما لهم من ظن الغلب بالكثرة والقوة أنا ورسلي أي بقوة الجدال وشدة الجلاد، فهو صادق بالنسبة إلى من بعث بالحرب، وإلى من بعث بالحجة، وعلل هذا القهر بقوله مؤكدا لأن أفعالهم مع أوليائه أفعال من يظن ضعفه: إن الله [أي] الذي له الأمر كله قوي فهو يفيض من باطن قوته [ ص: 396 ] ما يظهر به ظاهر قدرة أوليائه، فإن القوي من له استقلال باطن بما يحمله القائم في الأمر ولو ضوعف عليه ما عسى أن يضاعف وحمايته مما يتطرق إلى الإجلال بشدة وبطش منبعث عن ذلك الاستقلال الباطن، وما ظهر من أثر ذلك فهو قدرة، فلا اقتدار يظهر من الخلق إلا بالاستناد إلى القوة بالله، ولا قيام بالحقيقة لباطن إلا بالله الذي بيده ملكوت كل شيء، فلذلك كان بالحقيقة لا قوي إلا هو.
ولما كان القوي من المخلوقات قد يكون غيره [أقوى من غيره] ولو في وقت، [نفى] ذلك بقوله: عزيز أي غالب غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات، ثابت له هذا الوصف دائما.