كذلك أي مثل هذا الذي بلونا به أصحاب الجنة من إهلاك ما كانوا [ ص: 316 ] عند أنفسهم في غاية القدرة عليه والثقة به مع الاستحسان منهم لفعلهم والاستصواب وهددنا به أهل مكة فلم يبادروا إلى المتاب: العذاب الذي تحذرهم [ منه -] وتخوفهم به في الدنيا، فإذا تم الأجل الذي قدرناه له أخذناهم به غير مستعجلين ولا مفرطين لأنه لا يعجل إلا ناقص يخاف الفوت.
ولما كانوا منكرين لأمور الآخرة أشد من إنكارهم لأمور الدنيا أكد قوله: ولعذاب الآخرة أي الذي يكون فيها للعصاة والجبارين أكبر أي في كل ما يتوهمونه.
ولما كان هذا موجبا لمن له أدنى شعور للهروب منه قال: لو كانوا أي الكفار يعلمون أي لو كان لهم علم بشيء من غرائزهم في وقت من الأوقات لرجعوا عما هم فيه مما عرفوا أنه يغضب الله فيكون سبب العذاب في الدارين، وهم مع ذلك مما يرزأ بهم عند الله وعند الناس من تلك الآثار الخبيثة التي منها الأيمان الكاذبة، ويدل على [ عدم -] شجاعتهم وقلة عقولهم، لكنهم ليس لهم نوع علم الآن، والمختوم بموته على الكفر لا يتجدد له نوع علم، وغيره سيرجع في الوقت الذي قدره الله له.