ولما كان الدوران بالآنية متجددا، عبر فيه بالمضارع، وبناه للمفعول أيضا لأنه المقصود مطلقا من غير تعيين طائف فقال: ويطاف أي من أي طائف كان لكثرة الخدم عليهم بآنية جمع إناء جزاء على طوافهم على المحتاجين بما يصلحهم.
ولما كان مقصود هذه السورة وكان الإنسان أدنى أسنان المخاطبين في مراتب الخطاب، اقتصر في الترغيب في شرف الآنية على الفضة دون الذهب المذكور في فاطر والحج المعبر فيهما بالناس، فلعل هذا لصنف [وذاك لصنف -] أعلى منه مع إمكان الجمع والمعاقبة، وأما من هو أعلى من هذين الصنفين من الذين آمنوا ومن فوقهم فلهم فوق هذين الجوهرين من الجواهر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على [ ص: 145 ] قلب بشر فقال: ترهيب الإنسان الموبخ في سورة القيامة من الكفر، من فضة أي اسمه ذلك، وأما الحقيقة فأين الثريا من يد المتناول.
ولما جمع الآنية خص فقال: وأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له، فيسهل الشرب منه من كل موضع فلا يحتاج عند التناول إلى إدارة كانت أي تلك الأكواب كونا هو من جبلتها قواريرا أي كانت بصفة القوارير من الصفاء والرقة والشفوف والإشراق والزهارة، جمع قارورة وهي ما قر فيه الشراب ونحوه من كل إناء رقيق صاف، وقيل: هو خاص بالزجاج.