ولما قرره بالكيفية تنبيها على ما فيها من وجوه الدلالة على مقدمات الرسالة، أشار إلى تلك الوجوه مقدما عليها تقريرا آخر جامعا لقصتهم ومعلما بغصتهم فقال: ألم يجعل أي بما له من الإحسان إلى العرب لا سيما قريش كيدهم [أي -] في تعطيل الكعبة بتخريبها وبصرف الحج إلى كنيستهم على زعمهم و[قد -] كان كيدهم عظيما غلبوا به من ناوأهم من العرب في تضليل أي مظروفا لتضييع عما قصدوا له من نسخ الحج إلى الكعبة أولا ومن هدمها ثانيا وإبطال وبعد عن السداد وإهمال بحيث صار بكونه مظروفا لذلك معمورا به لا مخلص له منه، وهذا مشير إلى أن كل من تعرض لشيء من حرمات الله كبيت من بيوته أو ولي من أوليائه أو عالم من علماء الدين وإن كان مقصرا نوع تقصير وقع في مكره، وعاد عليه وبال شره " " وإلى أن من جاهر بالمعصية أسرع إليه الهلاك بخلاف من تستر، وإلى أن من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ليدوم الحذر منه ولا يؤمن [ ص: 256 ] مكره ولو كان الخصم أقل عباده، لم يخطر للحبشة ما وقع لهم أصلا ولا خطر لأحد سواهم أن طيورا تقتل جيشا دوخ الأبطال ودانت له غلب الرجال، يقوده ملك جبار كتيبته في السهل تمشي ورجله على القاذفات في رؤوس المناقب. الله تعالى يأتي من يريد عذابه من حيث لا يحتسب