ولما كان ذلك مألوفا لهم؛ محبوبا عندهم؛ وكان ترك المألوف أمر من ضرب السيوف؛ أكد دعوتهم إلى اجتنابه؛ محذرا من المخالفة؛ بقوله - عاطفا على ما تقديره: "فانتهوا" -:
nindex.php?page=treesubj&link=28328_30532_32028_34096_34144_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وأطيعوا الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ الذي لا شريك له؛ ولا أمر لأحد سواه؛ أي: فيما أمركم به من اجتناب ذلك؛ وأكد الأمر بإعادة العامل؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وأطيعوا الرسول ؛ أي: الكامل في الرسلية؛ في ذلك؛ وزاد في التخويف بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92واحذروا ؛ أي: من المخالفة؛ ثم بلغ الغاية في ذلك بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فإن توليتم ؛ أي: بالإقبال على شيء من ذلك؛ وأشار بصيغة "التفعل" إلى أن ذلك إنما يعمل بمعالجة من النفس للفطرة الأولى؛ وعظم الشأن في ابتداء الجزاء بالتنبيه
[ ص: 295 ] بالأمر بالعلم؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فاعلموا ؛ أنكم لم تضروا إلا أنفسكم؛ لأن الحجة قد قامت عليكم؛ ولم يبق على الرسول شيء؛ لأنكم علمتم
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92أنما على رسولنا ؛ أي: البالغ في العظمة مقدارا يجل عن الوصف؛ بإضافته إلينا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92البلاغ المبين ؛ أي: البين في نفسه؛ الموضح لكل من سمعه ما يراد منه؛ لا غيره؛ فمن خالف فلينظر ما يأتيه من البلاء من قبلنا؛ وهذا ناظر إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67بلغ ما أنـزل إليك من ربك ؛ فكأنه قيل: ما عليه إلا ما تقدم من إلزامنا له به من البلاغ؛ فمن اختار لنفسه المخالفة كفر؛ والله لا يهدي من كان مختارا لنفسه الكفر.
وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مَأْلُوفًا لَهُمْ؛ مَحْبُوبًا عِنْدَهُمْ؛ وَكَانَ تَرْكُ الْمَأْلُوفِ أَمَرَّ مِنْ ضَرْبِ السُّيُوفِ؛ أَكَّدَ دَعْوَتَهُمْ إِلَى اجْتِنَابِهِ؛ مُحَذِّرًا مِنَ الْمُخَالَفَةِ؛ بِقَوْلِهِ - عَاطِفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ: "فَانْتَهُوا" -:
nindex.php?page=treesubj&link=28328_30532_32028_34096_34144_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وَأَطِيعُوا اللَّهَ ؛ أَيْ: الْمَلِكَ الْأَعْلَى؛ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَلَا أَمْرَ لِأَحَدٍ سِوَاهُ؛ أَيْ: فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ اجْتِنَابِ ذَلِكَ؛ وَأَكَّدَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ؛ أَيْ: الْكَامِلَ فِي الرُّسُلِيَّةِ؛ فِي ذَلِكَ؛ وَزَادَ فِي التَّخْوِيفِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وَاحْذَرُوا ؛ أَيْ: مِنَ الْمُخَالَفَةِ؛ ثُمَّ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ؛ أَيْ: بِالْإِقْبَالِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ وَأَشَارَ بِصِيغَةِ "التَّفَعُّلِ" إِلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَعْمَلُ بِمُعَالَجَةٍ مِنَ النَّفْسِ لِلْفِطْرَةِ الْأُولَى؛ وَعَظَّمَ الشَّأْنَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَزَاءِ بِالتَّنْبِيهِ
[ ص: 295 ] بِالْأَمْرِ بِالْعِلْمِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فَاعْلَمُوا ؛ أَنَّكُمْ لَمْ تَضُرُّوا إِلَّا أَنْفُسَكُمْ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ قَامَتْ عَلَيْكُمْ؛ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الرَّسُولِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّكُمْ عَلِمْتُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا ؛ أَيْ: الْبَالِغِ فِي الْعَظَمَةِ مِقْدَارًا يَجِلُّ عَنِ الْوَصْفِ؛ بِإِضَافَتِهِ إِلَيْنَا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92الْبَلاغُ الْمُبِينُ ؛ أَيْ: الْبَيِّنُ فِي نَفْسِهِ؛ الْمُوَضِّحُ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مَا يُرَادُ مِنْهُ؛ لَا غَيْرَهُ؛ فَمَنْ خَالَفَ فَلْيَنْظُرْ مَا يَأْتِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ مِنْ قِبَلِنَا؛ وَهَذَا نَاظِرٌ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67بَلِّغْ مَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ؛ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مَا عَلَيْهِ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِلْزَامِنَا لَهُ بِهِ مِنَ الْبَلَاغِ؛ فَمَنِ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ الْمُخَالَفَةَ كَفَرَ؛ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي مَنْ كَانَ مُخْتَارًا لِنَفْسِهِ الْكُفْرَ.