ولما بصرهم قصور صغير الكواكب ، رقى النظر إلى أكبر منه ، فسبب عن الإعراض عن الكواكب لقصوره قوله : فلما رأى القمر بازغا أي : طالعا أول طلوعه; قال : كأنه مأخوذ من البزغ الذي هو الشق ، كأنه بنوره يشق الظلمة شقا الأزهري قال هذا ربي دأبه في الأولى .
ولما كان تأمل أن الكوكب محل الحوادث بالأفول قد طرق أسماعهم فخالج صدورهم ، قال : فلما أفل قال مؤكدا غاية التأكيد لئن لم يهدني ربي أي : الذي قدر على الإحسان إلي بالإيجاد والتربية لكونه لا يتغير ولا شريك له بخلق الهداية في قلبي ، فدل ذلك على أن الهداية ليست إلى غيره ، ولا تحمل على نصب الأدلة ، لأنها منصوبة قبل ذلك ، ولا على معرفة الاستدلال فإنه عارف به [ ص: 161 ] لأكونن أي : بعبادة غيره من القوم الضالين فكانت هذه أشد من الأولى وأقرب إلى التصريح بنفي الربوبية عن الكواكب وإثبات أن الرب غيرها ، مع الملاطفة وإبعاد الخصم عما يوجب عناده .