1859 - إلى عرق الثرى رسخت عروقي وهذا الموت يسلبني شبابي
قالوا: أراد بعرق الثرى: آدم عليه السلام؛ لأنه أصله.
قوله: "ثم قضى" إن كان "قضى" بمعنى أظهر، فـ "ثم" للترتيب الزماني على أصلها؛ لأن ذلك متأخر عن خلقنا وهي صفة فعل، وإن كان بمعنى كتب وقدر، فهي للترتيب في الذكر؛ لأنها صفة ذات، وذلك مقدم على خلقنا.
قوله: "وأجل مسمى عنده" مبتدأ وخبر، وسوغ الابتداء هنا شيئان، أحدهما: وصفه، والثاني: عطفه، ومجرد العطف من المسوغات، قال: [ ص: 527 ]
1860 - عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا
والتنكير في الأجلين للإبهام. وهنا مسوغ آخر وهو التفصيل، كقوله:
1861 - إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وشق عندنا لم يحول
ولم يجب هنا تقديم الخبر وإن كان المبتدأ نكرة والخبر ظرفا؛ قال : "لأنه تخصص بالصفة فقارب المعرفة". قال الشيخ: "وهذا الذي ذكره من كونه مسوغا للابتداء بالنكرة لكونها وصفت لا يتعين، لجواز أن يكون المسوغ التفصيل، ثم أنشد البيت: إذا ما بكى". قلت: الزمخشري لم يقل: إنه تعين ذلك، حتى يلزمه به، وإنما ذكر أشهر المسوغات، فإن العطف والتفصيل قل من يذكرهما في المسوغات. الزمخشري
قال : "فإن قلت: الكلام السائر أن يقال: "عندي ثوب جيد، ولي عبد كيس" فما أوجب التقديم ؟ قلت: أوجبه أن المعنى: وأي أجل مسمى عنده، تعظيما لشأن الساعة، فلما جرى فيه هذا المعنى أوجب التقديم". قال الشيخ: "وهذا لا يجوز؛ لأنه إذا كان التقدير: وأي أجل مسمى عنده، كانت "أي" صفة لموصوف محذوف تقديره: وأجل أي أجل مسمى عنده، ولا يجوز حذف الصفة إذا كانت "أيا"، ولا حذف موصوفها وإبقاؤها لو قلت: مررت بأي رجل، تريد: برجل أي رجل، لم يجز". قلت: ولم أدر كيف يؤاخذ من فسر معنى بلفظ لم يدع أن ذلك اللفظ هو أصل الكلام المفسر، بل قال: معناه كيت وكيت، فكيف يلزمه أن يكون ذلك [ ص: 528 ] الكلام الذي فسر به هو أصل ذلك المفسر ؟ على أنه قد ورد حذف موصوف "أي" وإبقاؤها، كقوله: الزمخشري
1862 - إذا حارب الحجاج أي منافق علاه بسيف كلما هز يقطع
قوله: "ثم أنتم تمترون" قد تقدم الكلام على "ثم" هذه. وتمترون: تفتعون من المرية، وتقدم معناها في البقرة عند قوله: "من الممترين". وجعل الشيخ هذا من باب الالتفات، أعني: قوله: "خلقكم ثم أنتم تمترون"، يعني: أن قوله: "ثم الذين كفروا" غائب، فالتفت عنه إلى قوله: "خلقكم ثم أنتم". ثم كأنه اعترض على نفسه بأن خلقكم، وقضاء الأجل لا يختص به الكفار، بل المؤمنون مثلهم في ذلك. وأجاب بأنه إنما قصد الكفار تنبيها لهم على خلقه لهم، وقدرته وقضائه لآجالهم. قال: "وإنما جعلته من الالتفات؛ لأن هذا الخطاب وهو "ثم أنتم تمترون" يمكن أن يندرج فيه من اصطفاه الله بالنبوة والإيمان".
وأصل مسمى: مسمو؛ لأنه من مادة الاسم، وقد تقدم ذلك، فقلبت الواو ياء، ثم الياء ألفا. وتمترون أصله: تمتريون، فأعل كنظائر له تقدمت.