آ. (107) قوله تعالى: فإذا هي ثعبان : "إذا" فجائية. وقد تقدم أن فيها ثلاثة مذاهب: ظرف مكان أو زمان أو حرف. قال "وإذا ظرف مكان في هذا الموضع عند ابن عطية: من حيث كانت خبرا عن جثة، والصحيح الذي عليه الناس أنها ظرف زمان في كل موضع". قلت: المشهور عند الناس قول المبرد وهو مذهب المبرد وأما كونها زمانا فهو مذهب سيبويه. وعزي الرياشي، أيضا. وقوله "من حيث كانت خبرا عن جثة" ليست هي هنا خبرا عن جثة، بل الخبر عن "هي" لفظ "ثعبان" لا لفظ "إذا". لسيبويه
والثعبان هو ذكر الحيات العظيم. واشتقاقه من ثعبت المكان أي: فجرته بالماء، شبه في انسيابه بانسياب الماء، يقال: ثعبت الماء فجرته فانثعب. ومنه مثعب المطر. وفي الحديث: وهنا سؤال وجوابه، وصفها تارة بكونها ثعبانا وهو العظيم الهائل الخلق، وفي موضع آخر بقوله: "جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما"، كأنها جان والجان من الحيات الخفيف الضئيل الخلق، فكيف يجمع بين هاتين الصفتين؟ وقد أجاب في غير هذا المكان بجوابين، أحدهما: أنه جمع لها بين الشيئين: أي كبر الجثة كالثعبان وبين خفة الحركة وسرعة المشي كالجان. والثاني: أنها في [ ص: 407 ] ابتداء أمرها تكون كالجان ثم تتعاظم وتتزايد خلقها إلى أن تصير ثعبانا. الزمخشري