إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون
قوله تعالى: إن تستفتحوا في سبب نزولها خمسة أقوال .
أحدها: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استنصروا الله وسألوه الفتح ، فنزلت هذه الآية; وهذا المعنى مروي عن أبي بن كعب ، [ ص: 335 ] والثاني: أن وعطاء الخراساني . أبا جهل قال: اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم ، فنزلت هذه الآية ، قاله عن أبو صالح ابن عباس .
والثالث: أن المشركين أخذوا بأستار الكعبة قبل خروجهم إلى بدر ، فقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم القبيلتين; فنزلت هذه الآية; قاله السدي .
والرابع: أن المشركين قالوا: اللهم إنا لا نعرف ما جاء به محمد ، فافتح بيننا وبينه بالحق; فنزلت هذه الآية ، قاله عكرمة .
والخامس: أنهم قالوا بمكة: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء الآية[الأنفال:32] ، فعذبوا يوم بدر ، قاله ابن زيد . فخرج من هذه الأقوال أن في المخاطبين بقوله: "إن تستفتحوا" قولان .
أحدهما: أنهم المؤمنون . والثاني: المشركون; وهو الأشهر .
وفي الاستفتاح قولان .
أحدهما: أنه الاستنصار; قاله ابن عباس ، في آخرين . فإن قلنا: إنهم المسلمون ، كان المعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر بالملائكة; وإن قلنا: إنهم المشركون; احتمل وجهين . أحدهما: إن تستنصروا فقد جاء النصر عليكم . والثاني: إن تستنصروا لأحب الفريقين إلى الله ، فقد جاء النصر لأحب الفريقين . والزجاج
والثاني: أن الاستفتاح: طلب الحكم ، والمعنى: إن تسألوا الحكم بينكم وبين المسلمين ، فقد جاءكم الحكم; وإلى هذا المعنى ذهب عكرمة ، ومجاهد ، فأما قوله: وقتادة . وإن تنتهوا فهو خير لكم فهو خطاب للمشركين على قول الجماعة .
وفي معناه قولان .
أحدهما: إن تنتهوا عن قتال محمد صلى الله عليه وسلم ، والكفر ، قاله عن أبو صالح [ ص: 336 ] والثاني: إن تنتهوا عن استفتاحكم ، فهو خير لكم ، لأنه كان عليهم ، لا لهم ، ذكره ابن عباس . . الماوردي
وفي قوله: وإن تعودوا نعد قولان .
أحدهما: وإن تعودوا إلى القتال ، نعد إلى هزيمتكم ، قاله عن أبو صالح والثاني: وإن تعودوا إلى الاستفتاح ، نعد إلى الفتح ابن عباس . لمحمد صلى الله عليه وسلم ، قاله السدي .
قوله تعالى: ولن تغني عنكم فئتكم شيئا أي: جماعتكم وإن كثرت ، وأن الله مع المؤمنين بالعون والنصر . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، عن وأبو بكر "وإن الله" بكسر الألف . وقرأ عاصم: نافع ، وابن عامر ، وحفص عن "وأن" بفتح الألف فمن قرأ بكسر "أن" استأنف . قال عاصم: وهو أحب إلي من فتحها . ومن فتحها ، أراد: ولأن الله مع المؤمنين . الفراء:
قوله تعالى: ولا تولوا عنه فيه قولان .
أحدهما: لا تولوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والثاني: لا تولوا عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تسمعون ما نزل من القرآن ، روي القولان عن ابن عباس .