من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا .
قوله تعالى: " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه " ; أي: له ثواب اهتدائه، وعليه عقاب ضلاله .
قوله تعالى: " ولا تزر وازرة " ; أي: نفس وازرة . " وزر أخرى " قال إن ابن عباس: الوليد بن المغيرة قال: اتبعوني وأنا أحمل أوزاركم، فقال الله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " . قال والمعنى: ولا تأثم آثمة إثم أخرى . قال أبو عبيدة: يقال: وزر، يزر، فهو وازر، وزرا، ووزرا، ووزرة، ومعناه: أثم إثما . الزجاج:
وفي تأويل هذه الآية وجهان:
أحدهما: أن الآثم لا يؤخذ بذنب غيره .
والثاني: أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسان بالإثم ; لأن غيره عمله كما [ ص: 18 ] قال الكفار: إنا وجدنا آباءنا على أمة [ الزخرف: 22 ] . ومعنى " حتى نبعث رسولا " ; أي: حتى نبين ما به نعذب، وما من أجله ندخل الجنة .
فصل
قال في هذا دليل على أن القاضي أبو يعلى: وهو بعثة الرسل، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار . قال: وقيل: معناه: أنه لا يعذب في ما طريقه السمع إلا بقيام حجة السمع من جهة الرسول، ولهذا قالوا: لو أسلم بعض أهل الحرب في دار الحرب ولم يسمع بالصلاة والزكاة ونحوها، لم يلزمه قضاء شيء منها ; لأنها لم تلزمه إلا بعد قيام حجة السمع، والأصل فيه قصة أهل معرفة الله لا تجب عقلا، وإنما تجب بالشرع، قباء حين استداروا إلى الكعبة ولم يستأنفوا، ولو أسلم في دار الإسلام ولم يعلم بفرض الصلاة، فالواجب عليه القضاء ; لأنه قد رأى الناس يصلون في المساجد بأذان وإقامة، وذلك دعاء إليها .