قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا .
قوله تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا " فيهم قولان:
أحدهما: أنهم القسيسون والرهبان، قاله علي عليه السلام والضحاك .
والثاني: اليهود والنصارى، قاله سعد بن أبي وقاص .
قوله تعالى: " أعمالا " منصوب على التمييز ; لأنه لما قال: " بالأخسرين " كان ذلك مبهما لا يدل على ما خسروه، فبين ذلك في أي نوع وقع .
قوله تعالى: " الذين ضل سعيهم " ; أي: بطل عملهم واجتهادهم في الدنيا، وهم يظنون أنهم محسنون بأفعالهم، فرؤساؤهم يعلمون الصحيح ويؤثرون الباطل لبقاء رئاستهم، وأتباعهم مقلدون بغير دليل . " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم " جحدوا دلائل توحيده وكفروا بالبعث والجزاء، وذلك أنهم بكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن، صاروا كافرين بهذه الأشياء، " فحبطت أعمالهم " ; أي: بطل اجتهادهم ; لأنه خلا عن الإيمان، " فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " وقرأ ابن مسعود والجحدري: ( فلا يقيم ) بالياء . [ ص: 198 ]
وفي معناه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه إنما يثقل الميزان بالطاعة، وإنما توزن الحسنات والسيئات، والكافر لا طاعة له .
والثاني: أن المعنى: لا نقيم لهم قدرا . قال في تفسير هذه الآية: يقال: ما لفلان عندنا وزن ; أي: قدر ; لخسته . فالمعنى: أنهم لا يعتد بهم ولا يكون لهم عند الله قدر ولا منزلة . وقد روى ابن الأعرابي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أبو هريرة فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " . يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب، فلا يزن جناح بعوضة، اقرؤوا إن شئتم:
والثالث: أنه قال: " فلا نقيم لهم " ; لأن الوزن عليهم لا لهم، ذكره ابن الأنباري .
قوله تعالى: " ذلك جزاؤهم " ; أي: الأمر ذلك الذي ذكرت من بطلان عملهم وخسة قدرهم، ثم ابتدأ فقال: " جزاؤهم جهنم " ، وقيل: المعنى: ذلك التصغير لهم وجزاؤهم جهنم، فأضمرت واو الحال .
قوله تعالى: " بما كفروا " ; أي: بكفرهم واتخاذهم " آياتي " التي أنزلتها " ورسلي هزوا " ; أي: مهزوءا به . [ ص: 199 ]