والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين . [ ص: 13 ] والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم
قوله تعالى: والذين يرمون أزواجهم سبب نزولها أن هلال بن أمية وجد عند أهله رجلا، فرأى بعينه وسمع بأذنه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إني جئت أهلي، فوجدت عندها رجلا، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه، فقال الآن يضرب رسول الله سعد بن عبادة: هلالا ويبطل شهادته، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه [إذ] نزل عليه الوحي، فنزلت هذه الآية، رواه عن عكرمة وفي حديث آخر ابن عباس . شريك بن سحماء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهلال حين قذفها: " ائتني بأربعة شهداء، وإلا فحد في ظهرك " ، فنزلت هذه الآية، فنسخ حكم الجلد في حق الزوج القاذف . أن الرجل الذي قذفها به
[ ص: 14 ] فصل
في بيان حكم الآية
إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، لزمه الحد، وله التخلص منه بإقامة البينة، أو باللعان، فإن أقام البينة لزمها الحد، وإن لاعنها، فقد حقق عليها الزنا، ولها التخلص منه باللعان; فإن فعليه حد القذف، وإن نكلت الزوجة، لم تحد، وحبست حتى تلاعن أو تقر بالزنا في إحدى الروايتين، وفي الأخرى: يخلى سبيلها . وقال نكل الزوج عن اللعان، أبو حنيفة: لا يحد واحد منهما، ويحبس حتى يلاعن . وقال مالك، يجب الحد على الناكل منهما . والشافعي:
فصل
ولا تصح إلا بحضرة الحاكم . فإن كانت المرأة خفرة، بعث الحاكم من يلاعن بينهما . الملاعنة أن يبدأ الزوج فيقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا، أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: ولعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول الزوجة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول: وغضب الله عليها إن كان من الصادقين . وصفة اللعان ويقال للزوج إذا بلغ اللعنة: اتق الله فإنها الموجبة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وكذلك يقال للزوجة إذا بلغت إلى الغضب . فإن كان بينهما ولد، اقتصر نفيه عن الأب إلى ذكره في اللعان، فيزيد في الشهادة: وما هذا الولد ولدي وتزيد هي: وإن هذا الولد ولده . والسنة أن يتلاعنا قياما،
[ ص: 15 ] فصل
واختلف الفقهاء في الزوجين اللذين يجري بينهما اللعان، فالمشهور عن أن كل زوج صح قذفه صح لعانه، فيدخل تحت هذا المسلم والكافر والحر والعبد، وكذلك المرأة، وهذا قول أحمد مالك، وقال والشافعي . أبو حنيفة: لا يجوز ولا بين العبد والحرة، ولا بين الذميين، أو إذا كان أحدهما ذميا; ونقل حرب عن اللعان بين الحر والأمة، نحو هذا، والمذهب هو الأول . ولا تختلف الرواية عن أحمد أن فرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده . واختلف هل تقع بلعانهما من غير فرقة الحاكم على روايتين . أحمد مؤبد، فإن أكذب الملاعن نفسه لم تحل له زوجته أيضا، وبه قال وتحريم اللعان عمر، وعلي وابن مسعود; وعن روايتان، أصحهما: هذا، والثانية: يجتمعان بعد التكذيب، وهو قول أحمد أبي حنيفة .
قوله تعالى: ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم وقرأ أبو المتوكل . وابن يعمر، " تكن " بالتاء . والنخعي:
قوله تعالى: فشهادة أحدهم أربع شهادات قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو وابن عامر، عن وأبو بكر " أربع " بفتح العين . وقرأ عاصم: حمزة، والكسائي، وحفص عن برفع العين . قال عاصم: من رفع " أربع " ، فالمعنى: فشهادة أحدهم التي تدرأ حد القذف أربع; ومن نصب فالمعنى: فعليهم أن يشهد أحدهم أربعا . الزجاج:
قوله تعالى: والخامسة قرأ حفص عن " والخامسة " نصبا، حملا على نصب " عاصم: أربع شهادات " .
قوله تعالى: أن لعنت الله عليه قرأ نافع، ويعقوب، والمفضل: " أن [ ص: 16 ] لعنة الله " و " أن غضب الله " بتخفيف النون فيهما وسكونهما ورفع الهاء من " لعنة " والباء من " غضب " ، إلا أن كسر الضاد من " غضب " وفتح الباء . نافعا
قوله تعالى: ويدرأ عنها أي: ويدفع عنها العذاب وفيه ثلاثة أقوال .
أحدها: [أنه] الحد . والثاني: الحبس ذكرهما والثالث العار . ابن جرير .
قوله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته أي: ستره ونعمته . قال وجواب " لولا " هاهنا متروك; والمعنى: لولا ذلك لنال الكاذب منكم عذاب عظيم . وقال غيره: لولا فضل الله لبين الكاذب من الزوجين فأقيم عليه الحد، الزجاج: وأن الله تواب يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة حكيم فيما فرض من الحدود .