يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط في سبب نزولها قولان .
[ ص: 222 ] أحدهما: أن فقيرا وغنيا اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان صغوه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول السدي .
والثاني: أنها متعلقة بقصة ابن أبيرق ، فهي خطاب للذين جادلوا عنه ، ذكره و "القوام": مبالغة من قائم . و "القسط": العدل . قال أبو سليمان الدمشقي . : كونوا قوالين بالعدل في الشهادة على من كانت ، ولو على أنفسكم . وقال ابن عباس : معنى الكلام: قوموا بالعدل ، واشهدوا لله بالحق ، وإن كان الحق على الشاهد ، أو على والديه ، أو قريبه ، الزجاج (إن يكن) المشهود له (غنيا) فالله أولى به ، وإن يكن (فقيرا) فالله أولى به . فأما الشهادة على النفس ، فهي إقرار الإنسان بما عليه من حق . وقد أمرت الآية بأن لا ينظر إلى فقر المشهود عليه ، ولا إلى غناه ، فإن الله تعالى أولى بالنظر إليهما . قال لا تحيفوا على الفقير ، ولا تعظموا الغني ، فتمسكوا عن القول فيه . وممن قال: إن الآية نزلت في الشهادات ، عطاء: ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، والزهري ، وقتادة ، والضحاك .
قوله تعالى: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا فيه أربعة أقوال .
أحدها: أن معناه: فلا تتبعوا الهوى ، واتقوا الله أن تعدلوا عن الحق ، قاله . مقاتل
والثاني: ولا تتبعوا الهوى لتعدلوا ، قاله . والثالث: فلا تتبعوا الهوى كراهية أن تعدلوا عن الحق . والرابع: فلا تتبعوا الهوى فتعدلوا ، ذكرهما الزجاج . الماوردي
قوله تعالى: وإن تلووا قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، [ ص: 223 ] وعاصم ، تلووا ، بواوين ، الأولى مضمومة ، واللام ساكنة . والكسائي:
وفي معنى هذه القراءة ثلاثة أقوال .
أحدها: أن يلوي الشاهد لسانه بالشهادة إلى غير الحق . قال : يلوي لسانه بغير الحق ، ولا يقيم الشهادة على وجهها ، أو يعرض عنها ويتركها . وهذا قول ابن عباس مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد .
والثاني: أن يلوي الحاكم وجهه إلى بعض الخصوم ، أو يعرض عن بعضهم ، روي عن أيضا . ابن عباس
والثالث: أن يلوي الإنسان عنقه إعراضا عن أمر الله لكبره وعتوه .
ويكون: "أو تعرضوا" بمعنى: وتعرضوا ، ذكره . وقرأ الماوردي الأعمش ، وحمزة ، "تلوا" بواو واحدة ، واللام مضمومة . والمعنى: أن تلوا أمور الناس ، أو تتركوا ، فيكون الخطاب للحكام . وابن عامر: