[ ص: 3776 ] سورة النحل
سميت بها لاشتمالها على قوله تعالى: وأوحى ربك إلى النحل ، المشير إلى أنه لا يبعد أن يلهم الله عز وجل بعض خواص عباده، أن يستخرجوا الفوائد الحلوة الشافية من هذا الكتاب. بحمل كلماته على مواضع الشرف. وعلى المعاني المثمرة، وعلى التصرفات العالية. مع تحصيل الأخلاق الفاضلة وسلوك سبيل التصفية والتزكية. وهذا أكمل ما يعرف به فضائل القرآن ويدرك به مقاصده. قاله
المهايمي.
وقال بعضهم: تسمية السورة بذلك تسمية بالأمر المهم. ليتفطن الغرض الذي يرمى إليه. كـ (الجمعة) لأهمية الاجتماع الأسبوعي وما ينجم عنه من مصالح الأمور العامة، والحديد لمنافعه العظيمة. و (النحل) . و (العنكبوت) . و (النمل) . للتفطن لصغار الحيوانات الحكيمة الصنائع. وهكذا. وسيأتي طرف من حكمة النحل وأسراره عند آيته في هذه السورة.
وهي مكية. واستثنى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس آخرها. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي إلا قوله تعالى: وإن عاقبتم، الآيات وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: إلا قوله تعالى: والذين هاجروا في الله ، الآيات. وآياتها مائة وثمان وعشرون.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: تسمى سورة النعم. وذلك لما عدد الله فيها من النعم على عباده.
[ ص: 3777 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى :
[1]
nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_30292_33143_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون تقرر في غير ما آية ، أن المشركين كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة أو إهلاكهم ، كما فعل يوم بدر ، استهزاء وتكذيبا بالوعد . فقيل لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله أي : ما توعدونه مما ذكر . والتعبير عنه بـ : { أمر الله } ; للتفخيم والتهويل . وللإيذان بأن تحققه في نفسه وإتيانه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب. وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه ، على طريقة نظم المتوقع في سلك الواقع . أو عن إتيان مباديه القريبة ، على نهج إسناد حال الأسباب إلى المسببات . والآية كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره ، وعبادتهم معه ما سواه ، من الأوثان والأنداد ، الذي أفضى بهم إلى الاستهزاء والعناد ، واعتقادهم أنها شفعاؤهم إذا جاء الميعاد .
[ ص: 3776 ] سُورَةُ اَلنَّحْلِ
سُمِّيَتْ بِهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى اَلنَّحْلِ ، اَلْمُشِيرِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُلْهِمَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضَ خَوَاصِّ عِبَادِهِ، أَنْ يَسْتَخْرِجُوا اَلْفَوَائِدَ اَلْحُلْوَةَ اَلشَّافِيَةَ مِنْ هَذَا اَلْكِتَابِ. بِحَمْلِ كَلِمَاتِهِ عَلَى مَوَاضِعِ اَلشَّرَفِ. وَعَلَى اَلْمَعَانِي اَلْمُثْمِرَةِ، وَعَلَى اَلتَّصَرُّفَاتِ اَلْعَالِيَةِ. مَعَ تَحْصِيلِ اَلْأَخْلَاقِ اَلْفَاضِلَةِ وَسُلُوكِ سَبِيلِ اَلتَّصْفِيَةِ وَالتَّزْكِيَةِ. وَهَذَا أَكْمَلُ مَا يُعْرَفُ بِهِ فَضَائِلُ اَلْقُرْآنِ وَيُدْرَكُ بِهِ مَقَاصِدُهُ. قَالَهُ
الْمَهَايِمِيُّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَسْمِيَةُ اَلسُّورَةِ بِذَلِكَ تَسْمِيَةً بِالْأَمْرِ اَلْمُهِمِّ. لِيَتُفَطَّنَ اَلْغَرَضُ اَلَّذِي يُرْمَى إِلَيْهِ. كَـ (الْجُمُعَةِ) لِأَهَمِيَّةِ اَلِاجْتِمَاعِ اَلْأُسْبُوعِيِّ وَمَا يَنْجُمُ عَنْهُ مِنْ مَصَالِحِ اَلْأُمُورِ اَلْعَامَّةِ، وَالْحَدِيدِ لِمَنَافِعِهِ اَلْعَظِيمَةِ. وَ (النَّحْلِ) . وَ (الْعَنْكَبُوتِ) . وَ (النَّمْلِ) . لِلتَّفَطُّنِ لِصِغَارِ اَلْحَيَوَانَاتِ اَلْحَكِيمَةِ اَلصَّنَائِعِ. وَهَكَذَا. وَسَيَأْتِي طَرَفٌ مِنْ حِكْمَةِ اَلنَّحْلِ وَأَسْرَارِهِ عِنْدَ آيَتِهِ فِي هَذِهِ اَلسُّورَةِ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَاسْتَثْنَى
nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنُ عَبَّاسٍ آخِرَهَا. وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577اَلشَّعْبِيِّ إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِنْ عَاقَبْتُمُ، اَلْآيَاتِ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577اَلشَّعْبِيِّ: إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اَللَّهِ ، اَلْآيَاتِ. وَآيَاتُهَا مِائَةٌ وَثَمَانٌ وَعِشْرُونَ.
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ: تُسَمَّى سُورَةَ اَلنِّعَمِ. وَذَلِكَ لِمَا عَدَّدَ اَللَّهُ فِيهَا مِنَ اَلنِّعَمِ عَلَى عِبَادِهِ.
[ ص: 3777 ] بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
اَلْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[1]
nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_30292_33143_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ ، أَنَّ اَلْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ مَا وُعِدُوا مِنْ قِيَامِ اَلسَّاعَةِ أَوْ إِهْلَاكِهِمْ ، كَمَا فُعِلَ يَوْمَ بَدْرٍ ، اِسْتِهْزَاءً وَتَكْذِيبًا بِالْوَعْدِ . فَقِيلَ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ أَيْ : مَا تُوعَدُونَهُ مِمَّا ذُكِرَ . وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِـ : { أَمْرُ اَللَّهِ } ; لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّهْوِيلِ . وَلِلْإِيذَانِ بِأَنَّ تَحَقُّقَهُ فِي نَفْسِهِ وَإِتْيَانَهُ مَنُوطٌ بِحُكْمِهِ اَلنَّافِذِ وَقَضَائِهِ اَلْغَالِبِ. وَإِتْيَانُهُ عِبَارَةٌ عَنْ دُنُوِّهِ وَاقْتِرَابِهِ ، عَلَى طَرِيقَةِ نَظْمِ اَلْمُتَوَقَّعِ فِي سَلْكِ اَلْوَاقِعِ . أَوْ عَنْ إِتْيَانِ مَبَادِيهِ اَلْقَرِيبَةِ ، عَلَى نَهْجِ إِسْنَادِ حَالِ اَلْأَسْبَابِ إِلَى اَلْمُسَبِّبَاتِ . وَالْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ شِرْكِهِمْ بِهِ غَيْرَهُ ، وَعِبَادَتِهِمْ مَعَهُ مَا سِوَاهُ ، مِنَ اَلْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ ، اَلَّذِي أَفْضَى بِهِمْ إِلَى اَلِاسْتِهْزَاءِ وَالْعِنَادِ ، وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا شُفَعَاؤُهُمْ إِذَا جَاءَ اَلْمِيعَادُ .