[ ص: 359 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله في
nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم } - في طرده الكلام على ما يتعلق بهذه الآية وغيرها فقال - وأما الجواب المفصل فمن ثلاثة أوجه .
" أحدها " أن هذه الآية في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة في قول كثير من أهل العلم فروى
هشيم عن
العوام بن حوشب ثنا شيخ من
بني كاهل قال فسر
ابن عباس " سورة النور " فلما أتى على هذه الآية : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } إلى آخر الآية قال : هذه في شأن
عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وهي مبهمة ليس فيها توبة ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2820&ayano=3إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة قال : فهم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسره .
[ ص: 360 ] وقال
أبو سعيد الأشج : حدثنا
عبد الله بن خراش عن
العوام عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات الغافلات } نزلت في
عائشة خاصة واللعنة في المنافقين عامة فقد بين
ابن عباس أن هذه الآية إنما نزلت فيمن يقذف
عائشة وأمهات المؤمنين ; لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه فإن قذف المرأة أذى لزوجها كما هو أذى لابنها لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه ; فإن زنا امرأته يؤذيه أذى عظيما ولهذا جوز له الشارع أن يقذفها إذا زنت ودرأ الحد عنه باللعان ولم يبح لغيره أن يقذف امرأة بحال ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف أهله أعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف .
ولهذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في إحدى الروايتين المنصوصتين عنه إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=10507_10508_10503من قذف امرأة محصنة كالأمة والذمية ولها زوج أو ولد محصن حد لقذفها لما ألحقه من العار بولدها وزوجها المحصنين والرواية الأخرى عنه وهي قول الأكثرين أنه لا حد عليه ; لأنه أذى لهما لا قذف لهما والحد التام إنما يجب بالقذف وفي جانب النبي صلى الله عليه وسلم أذى كقذفه ومن يقصد عيب النبي صلى الله عليه وسلم بعيب أزواجه فهو منافق وهذا معنى قول
ابن عباس اللعنة في المنافقين عامة .
وقد وافق
ابن عباس جماعة فروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد والأشج عن
خصيف [ ص: 361 ] قال سألت
سعيد بن جبير فقلت :
nindex.php?page=treesubj&link=10279_10465الزنا أشد أو قذف المحصنة ؟ قال : لا ; بل الزنا قال : قلت : فإن الله تعالى يقول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة } فقال : إنما كان هذا في
عائشة خاصة وروى
أحمد بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=11838أبي الجوزاء في هذه الآية : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة } فقال : هذه الآية لأمهات المؤمنين خاصة وروى
الأشج بإسناده عن
الضحاك في هذه الآية قال : هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال
معمر عن
الكلبي : إنما عنى بهذه الآية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأما من رمى امرأة من المسلمين فهو فاسق كما قال الله تعالى أو يتوب .
ووجه هذا أن لعنة الله في الدنيا والآخرة لا تستوجب بمجرد القذف فتكون اللام في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24المحصنات الغافلات المؤمنات } لتعريف المعهود والمعهود هنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأن الكلام في قصة الإفك ووقوع من وقع في أم المؤمنين
عائشة أو يقصر اللفظ العام على سببه للدليل الذي يوجب ذلك .
ويؤيد هذا القول : أن الله سبحانه رتب هذا الوعيد على قذف محصنات غافلات مؤمنات وقال في أول السورة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } الآية . فرتب الحد ورد الشهادة والفسق على مجرد قذف المحصنات فلا بد أن يكون
[ ص: 362 ] المحصنات الغافلات المؤمنات لهن مزية على مجرد المحصنات ; وذلك - والله أعلم - لأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مشهود لهن بالإيمان ; لأنهن أمهات المؤمنين وهن أزواج نبيه في الدنيا والآخرة وعوام المسلمات إنما يعلم منهن في الغالب ظاهر الإيمان .
ولأن الله سبحانه قال في قصة
عائشة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2826&ayano=24والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } فتخصيصه متولي كبره دون غيره دليل على اختصاصه بالعذاب العظيم وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم } فعلم أن العذاب العظيم لا يمس كل من قذف وإنما يمس متولي كبره فقط وقال هنا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=2ولهم عذاب عظيم } فعلم أن الذي رمى أمهات المؤمنين يعيب بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وتولى كبر الإفك وهذه صفة المنافق
ابن أبي والله أعلم أنه على هذا القول تكون هذه الآية حجة أيضا موافقة لتلك الآية لأنه لما كان رمي أمهات المؤمنين أذى للنبي صلى الله عليه وسلم لعن صاحبه في الدنيا والآخرة ولهذا قال
ابن عباس ليس فيها توبة ; لأن مؤذي النبي صلى الله عليه وسلم لا تقبل توبته أو يريد إذا تاب من القذف حتى يسلم إسلاما جديدا وعلى هذا فرميهن نفاق مبيح للدم إذا قصد به أذى النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد العلم بأنهن أزواجه في الآخرة فإنه ما بغت امرأة نبي قط .
[ ص: 363 ] ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي صلى الله عليه وسلم ما خرجاه في الصحيحين في حديث الإفك عن
عائشة قالت : {
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقام سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية - فقال لسعد بن معاذ : لعمر الله لا تقتلنه ولا تقدر على قتله فقام nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين قالت فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت } وفي رواية أخرى صحيحة أن هذه الآية في أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة .
ويقول آخرون يعني أزواج المؤمنين عامة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=233أبو سلمة : قذف
[ ص: 364 ] المحصنات من الموجبات ثم قرأ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إن الذين يرمون المحصنات } الآية وعن
عمر بن قيس قال : قذف المحصنة يحبط عمل تسعين سنة رواهما
الأشج وهذا قول كثير من الناس .
ووجهه ظاهر الخطاب فإنه عام فيجب إجراؤه على عمومه ; إذ لا موجب لخصوصه وليس هو مختصا بنفس السبب بالاتفاق لأن حكم غير
عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم داخل في العموم وليس هو من السبب ولأنه لفظ جمع والسبب في واحدة هنا ; ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=21162_28861قصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل فإن عامة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك وقد علم أن شيئا منها لم يقصر على سببه والفرق بين الآيتين : أنه في أول السورة ذكر العقوبات المشروعة على أيدي المكلفين من الجلد ورد الشهادة والتفسيق وهنا ذكر العقوبة الواقعة من الله سبحانه وهي اللعنة في الدارين والعذاب العظيم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه وعن أصحابه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597738أن قذف المحصنات من الكبائر } وفي لفظ في الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597739قذف المحصنات الغافلات المؤمنات .
} تم اختلف هؤلاء فقال
أبو حمزة الثمالي : بلغنا أنها نزلت في مشركي
أهل مكة إذ كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فكانت المرأة إذا خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة [ ص: 365 ] مهاجرة قذفها المشركون من
أهل مكة وقالوا : إنما خرجت تفجر فعلى هذا يكون
nindex.php?page=treesubj&link=10465فيمن قذف المؤمنات قذفا يصدهن به عن الإيمان ويقصد بذلك ذم المؤمنين لينفر الناس عن الإسلام كما فعل
كعب بن الأشرف وعلى هذا فمن فعل ذلك فهو كافر وهو بمنزلة من سب النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله : إنها نزلت زمن العهد يعني - والله أعلم - أنه عنى بها مثل أولئك المشركين المعاهدين وإلا فهذه الآية نزلت ليالي الإفك وكان الإفك في غزوة
بني المصطلق قبل
الخندق والهدنة كانت بعد ذلك بسنين ومنهم من أجراها على ظاهرها وعمومها لأن سبب نزولها قذف
عائشة وكان فيمن قذفها مؤمن ومنافق وسبب النزول لا بد أن يندرج في العموم ولأنه لا موجب لتخصيصها .
والجواب على هذا التقدير أنه سبحانه قال هنا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24لعنوا في الدنيا والآخرة } على بناء الفعل للمفعول ولم يسم اللاعن وقال في الآية الأخرى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } وإذا لم يسم الفاعل جاز أن يلعنهم غير الله من الملائكة والناس وجاز أن يلعنهم الله في وقت ويلعنهم بعض خلقه في وقت وجاز أن الله يتولى لعنة بعضهم وهو من كان قذفه طعنا في الدين ويتولى خلقه لعنة الآخرين وإذا كان اللاعن مخلوقا فلعنه قد يكون بمعنى
[ ص: 366 ] الدعاء عليهم وقد يكون بمعنى أنهم يبعدونهم عن رحمة الله .
ويؤيد هذا أن
nindex.php?page=treesubj&link=10534الرجل إذا قذف امرأته تلاعنا وقال الزوج في الخامسة : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فهو يدعو على نفسه إن كان كاذبا في القذف أن يلعنه الله كما أمر الله رسوله أن يباهل من حاجه في
المسيح بعد ما جاءه من العلم بأن يبتهلوا فيجعلوا لعنة الله على الكاذبين فهذا مما يلعن به القاذف ومما يلعن به أن يجلد وأن ترد شهادته ويفسق فإنه عقوبة له وإقصاء له عن مواطن الأمن والقبول وهي من رحمة الله وهذا بخلاف من أخبر الله أنه لعنه في الدنيا والآخرة فإن لعنة الله له توجب زوال النصر عنه من كل وجه وبعده عن أسباب الرحمة في الدارين .
ومما يؤيد الفرق أنه قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا } ولم يجئ إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=534&ayano=4الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=474&ayano=3إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2674&ayano=22والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4527&ayano=45وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5167&ayano=58وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5253&ayano=58اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين
} وأما قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=511&ayano=4ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } فهي - والله أعلم - فيمن جحد الفرائض واستخف بها على أنه لم يذكر أن العذاب أعد له .
وأما العذاب العظيم فقد جاء وعيدا للمؤمنين في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1236&ayano=8لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم } وفي المحارب {
nindex.php?page=tafseer&surano=707&ayano=5ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } وفي القاتل {
nindex.php?page=tafseer&surano=590&ayano=4وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2011&ayano=16ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم } وقد قال سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2635&ayano=22ومن يهن الله فما له من مكرم } وذلك لأن الإهانة إذلال وتحقير وخزي وذلك قدر زائد على ألم العذاب فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان فلما قال في هذه الآية : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33وأعد لهم عذابا مهينا } علم أنه من جنس العذاب الذي توعد به الكفار والمنافقين ولما قال هناك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=2ولهم عذاب عظيم } جاز أن يكون من جنس العذاب في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم
} ومما يبين الفرق أيضا أنه سبحانه قال هناك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33وأعد لهم عذابا مهينا } والعذاب إنما أعد للكافرين ; فإن جهنم لهم خلقت لأنهم لا بد أن يدخلوها وما هم منها بمخرجين وأهل الكبائر من المؤمنين يجوز أن يدخلوها إذا غفر الله لهم وإذا دخلوها فإنهم يخرجون منها ولو بعد حين قال سبحانه {
nindex.php?page=tafseer&surano=427&ayano=3واتقوا النار التي أعدت للكافرين } فأمر سبحانه المؤمنين أن لا يأكلوا الربا وأن يتقوا الله وأن يتقوا النار التي أعدت للكافرين فعلم أنهم يخاف عليهم من دخول النار إذا أكلوا الربا وفعلوا المعاصي مع أنها معدة للكافرين لا لهم .
ولذلك جاء في الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47387أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما أقوام لهم ذنوب فيصيبهم سفع من النار ثم يخرجهم الله منها .
} وهذا كما أن الجنة أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء وإن كان لا يدخلها الأبناء بعمل آبائهم ويدخلها قوم بالشفاعة وقوم بالرحمة وينشئ الله لما فضل منها خلقا آخر في الدار الآخرة فيدخلهم إياها وذلك لأن الشيء إنما يعد لمن يستوجبه ويستحقه ولمن هو أولى الناس به ثم قد يدخل معه غيره بطريق التبع أو لسبب آخر . والله أعلم .
[ ص: 359 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْله تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } - فِي طَرْدِهِ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ - وَأَمَّا الْجَوَابُ الْمُفَصَّلُ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .
" أَحَدُهَا " أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَوَى
هَشِيمٌ عَنْ
الْعَوَّامِ بْنِ حوشب ثِنَا شَيْخٌ مِنْ
بَنِي كَاهِلٍ قَالَ فَسَّرَ
ابْنُ عَبَّاسٍ " سُورَةَ النُّورِ " فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } إلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ : هَذِهِ فِي شَأْنِ
عَائِشَةَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَهِيَ مُبْهَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَوْبَةٌ وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ تَوْبَةً ثُمَّ قَرَأَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2820&ayano=3إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا } فَجَعَلَ لِهَؤُلَاءِ تَوْبَةً وَلَمْ يَجْعَلْ لِأُولَئِكَ تَوْبَةً قَالَ : فَهَمَّ رَجُلٌ أَنْ يَقُومَ فَيُقَبِّلَ رَأْسَهُ مِنْ حُسْنِ مَا فَسَّرَهُ .
[ ص: 360 ] وَقَالَ
أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ عَنْ
الْعَوَّامِ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ } نَزَلَتْ فِي
عَائِشَةَ خَاصَّةً وَاللَّعْنَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ عَامَّةٌ فَقَدْ بَيَّنَ
ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ يَقْذِفُ
عَائِشَةَ وَأُمَّهَاتَ الْمُؤْمِنِينَ ; لِمَا فِي قَذْفِهِنَّ مِنْ الطَّعْنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيْبِهِ فَإِنَّ قَذْفَ الْمَرْأَةِ أَذًى لِزَوْجِهَا كَمَا هُوَ أَذًى لِابْنِهَا لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ لَهُ إلَى الدِّيَاثَةِ وَإِظْهَارٌ لِفَسَادِ فِرَاشِهِ ; فَإِنَّ زِنَا امْرَأَتِهِ يُؤْذِيهِ أَذًى عَظِيمًا وَلِهَذَا جَوَّزَ لَهُ الشَّارِعُ أَنْ يَقْذِفَهَا إذَا زَنَتْ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهُ بِاللِّعَانِ وَلَمْ يُبِحْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْذِفَ امْرَأَةً بِحَالِ وَلَعَلَّ مَا يَلْحَقُ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ الْعَارِ وَالْخِزْيِ بِقُذُفِ أَهْلِهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَلْحَقُهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَقْذُوفُ .
وَلِهَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ عَنْهُ إلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10507_10508_10503مَنْ قَذَفَ امْرَأَةً مُحْصَنَةً كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ وَلَدٌ مُحْصَنٌ حُدَّ لِقَذْفِهَا لِمَا أَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ بِوَلَدِهَا وَزَوْجِهَا الْمُحْصَنَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ وَهِيَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَذًى لَهُمَا لَا قَذْفٌ لَهُمَا وَالْحَدُّ التَّامُّ إنَّمَا يَجِبُ بِالْقَذْفِ وَفِي جَانِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذًى كَقَذْفِهِ وَمَنْ يَقْصِدُ عَيْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْبِ أَزْوَاجِهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ اللَّعْنَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ عَامَّةٌ .
وَقَدْ وَافَقَ
ابْنَ عَبَّاسٍ جَمَاعَةٌ فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَد وَالْأَشَجُّ عَنْ
خَصِيفٍ [ ص: 361 ] قَالَ سَأَلْت
سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقُلْت :
nindex.php?page=treesubj&link=10279_10465الزِّنَا أَشَدُّ أَوْ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ ؟ قَالَ : لَا ; بَلْ الزِّنَا قَالَ : قُلْت : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } فَقَالَ : إنَّمَا كَانَ هَذَا فِي
عَائِشَةَ خَاصَّةً وَرَوَى
أَحْمَد بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11838أَبِي الْجَوْزَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } فَقَالَ : هَذِهِ الْآيَةُ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً وَرَوَى
الْأَشَجُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
الضَّحَّاكِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : هُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ
مَعْمَرٌ عَنْ
الْكَلْبِيِّ : إنَّمَا عَنَى بِهَذِهِ الْآيَةِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَنْ رَمَى امْرَأَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ فَاسِقٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ يَتُوبُ .
وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَا تُسْتَوْجَبُ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ فَتَكُونُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } لِتَعْرِيفِ الْمَعْهُودِ وَالْمَعْهُودُ هُنَا أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَوُقُوعِ مَنْ وَقَعَ فِي أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
عَائِشَةَ أَوْ يُقْصَرُ اللَّفْظُ الْعَامُّ عَلَى سَبَبِهِ لِلدَّلِيلِ الَّذِي يُوجِبُ ذَلِكَ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَتَّبَ هَذَا الْوَعِيدَ عَلَى قَذْفِ مُحْصَنَاتٍ غَافِلَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ وَقَالَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } الْآيَةُ . فَرَتَّبَ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةَ وَالْفِسْقَ عَلَى مُجَرَّدِ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ
[ ص: 362 ] الْمُحْصَنَاتُ الْغَافِلَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ لَهُنَّ مَزِيَّةٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُحْصَنَاتِ ; وَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْهُودٌ لَهُنَّ بِالْإِيمَانِ ; لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُنَّ أَزْوَاجُ نَبِيِّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَعَوَامُّ الْمُسْلِمَاتِ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْهُنَّ فِي الْغَالِبِ ظَاهِرُ الْإِيمَانِ .
وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي قِصَّةِ
عَائِشَةَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2826&ayano=24وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَتَخْصِيصُهُ مُتَوَلِّي كِبَرَهُ دُونَ غَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْعَذَابِ الْعَظِيمِ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَعُلِمَ أَنَّ الْعَذَابَ الْعَظِيمَ لَا يَمَسُّ كُلَّ مَنْ قَذَفَ وَإِنَّمَا يَمَسُّ مُتَوَلِّي كِبَرَهُ فَقَطْ وَقَالَ هُنَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=2وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي رَمَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَعِيبُ بِذَلِكَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَلَّى كِبَرَ الْإِفْكِ وَهَذِهِ صِفَةُ الْمُنَافِقِ
ابْنُ أبي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةً أَيْضًا مُوَافِقَةً لِتِلْكَ الْآيَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رَمْيُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَذًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُعِنَ صَاحِبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلِهَذَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ فِيهَا تَوْبَةٌ ; لِأَنَّ مُؤْذِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَوْ يُرِيدُ إذَا تَابَ مِنْ الْقَذْفِ حَتَّى يُسْلِمَ إسْلَامًا جَدِيدًا وَعَلَى هَذَا فَرَمْيُهُنَّ نِفَاقٌ مُبِيحٌ لِلدَّمِ إذَا قُصِدَ بِهِ أَذَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ مَا بَغَتْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ .
[ ص: 363 ] وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَذْفَهُنَّ أَذًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : {
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي ابْنِ سلول قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاَللَّهِ مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْت عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : أَنَا أَعْذُرُك مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَك فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عبادة - وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ - فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ : لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلَنَّهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بْنُ حضير وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عبادة : كَذَبْت لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّك مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ } وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً .
وَيَقُولُ آخَرُونَ يَعْنِي أَزْوَاجَ الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=233أَبُو سَلَمَةَ : قَذْفُ
[ ص: 364 ] الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ ثُمَّ قَرَأَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } الْآيَةُ وَعَنْ
عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ يُحْبِطُ عَمَلَ تِسْعِينَ سَنَةٍ رَوَاهُمَا
الْأَشَجُّ وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ .
وَوَجْهُهُ ظَاهِرُ الْخِطَابِ فَإِنَّهُ عَامٌّ فَيَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ ; إذْ لَا مُوجِبَ لِخُصُوصِهِ وَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِنَفْسِ السَّبَبِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ حُكْمَ غَيْرِ
عَائِشَةَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلٌ فِي الْعُمُومِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ السَّبَبِ وَلِأَنَّهُ لَفْظُ جَمْعٍ وَالسَّبَبُ فِي وَاحِدَةٍ هُنَا ; وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21162_28861قَصْرَ عمومات الْقُرْآنِ عَلَى أَسْبَابِ نُزُولِهَا بَاطِلٌ فَإِنَّ عَامَّةَ الْآيَاتِ نَزَلَتْ بِأَسْبَابِ اقْتَضَتْ ذَلِكَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يُقْصَرْ عَلَى سَبَبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ : أَنَّهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ذَكَرَ الْعُقُوبَاتِ الْمَشْرُوعَةَ عَلَى أَيْدِي الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْجَلْدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَالتَّفْسِيقِ وَهُنَا ذَكَرَ الْعُقُوبَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَهِيَ اللَّعْنَةُ فِي الدَّارَيْنِ وَالْعَذَابُ الْعَظِيمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَعَنْ أَصْحَابِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597738أَنَّ قَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْكَبَائِرِ } وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597739قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ .
} تَمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ
أَبُو حَمْزَةَ الثمالي : بَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي
أَهْلِ مَكَّةَ إذْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى
الْمَدِينَةِ [ ص: 365 ] مُهَاجِرَةً قَذَفَهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالُوا : إنَّمَا خَرَجَتْ تَفْجُرُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=10465فِيمَنْ قَذَفَ الْمُؤْمِنَاتِ قَذْفًا يَصُدُّهُنَّ بِهِ عَنْ الْإِيمَانِ وَيَقْصِدُ بِذَلِكَ ذَمَّ الْمُؤْمِنِينَ لِيُنَفِّرَ النَّاسَ عَنْ الْإِسْلَامِ كَمَا فَعَلَ
كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْلُهُ : إنَّهَا نَزَلَتْ زَمَنَ الْعَهْدِ يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ عَنَى بِهَا مِثْلَ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَاهِدِينَ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ لَيَالِيَ الْإِفْكِ وَكَانَ الْإِفْكُ فِي غَزْوَةِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبْلَ
الْخَنْدَقِ وَالْهُدْنَةُ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا لِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قَذْفُ
عَائِشَةَ وَكَانَ فِيمَنْ قَذَفَهَا مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ وَسَبَبُ النُّزُولِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْدَرِجَ فِي الْعُمُومِ وَلِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِتَخْصِيصِهَا .
وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ هُنَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=24لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّاعِنَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } وَإِذَا لَمْ يُسَمَّ الْفَاعِلُ جَازَ أَنْ يَلْعَنَهُمْ غَيْرُ اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ وَجَازَ أَنْ يَلْعَنَهُمْ اللَّهُ فِي وَقْتٍ وَيَلْعَنَهُمْ بَعْضُ خَلْقِهِ فِي وَقْتٍ وَجَازَ أَنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّى لَعْنَةَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ مَنْ كَانَ قَذْفُهُ طَعْنًا فِي الدِّينِ وَيَتَوَلَّى خَلْقُهُ لَعْنَةَ الْآخَرِينَ وَإِذَا كَانَ اللَّاعِنُ مَخْلُوقًا فَلَعْنُهُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى
[ ص: 366 ] الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يُبْعِدُونَهُمْ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10534الرَّجُلَ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ تَلَاعَنَا وَقَالَ الزَّوْجُ فِي الْخَامِسَةِ : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فَهُوَ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ كَاذِبًا فِي الْقَذْفِ أَنْ يَلْعَنَهُ اللَّهُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولُهُ أَنْ يُبَاهِلَ مَنْ حَاجَّهُ فِي
الْمَسِيحِ بَعْدَ مَا جَاءَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِأَنْ يَبْتَهِلُوا فَيَجْعَلُوا لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ فَهَذَا مِمَّا يُلْعَنُ بِهِ الْقَاذِفُ وَمِمَّا يُلْعَنُ بِهِ أَنْ يُجْلَدَ وَأَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَيُفَسَّقَ فَإِنَّهُ عُقُوبَةٌ لَهُ وَإِقْصَاءٌ لَهُ عَنْ مَوَاطِنِ الْأَمْنِ وَالْقَبُولِ وَهِيَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَعَنَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ لَهُ تُوجِبُ زَوَالَ النَّصْرِ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبُعْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الرَّحْمَةِ فِي الدَّارَيْنِ .
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } وَلَمْ يَجِئْ إعْدَادُ الْعَذَابِ الْمُهِينِ فِي الْقُرْآنِ إلَّا فِي حَقِّ الْكُفَّارِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=534&ayano=4الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=474&ayano=3إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2674&ayano=22وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4527&ayano=45وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5167&ayano=58وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5253&ayano=58اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ
} وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=511&ayano=4وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } فَهِيَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِيمَنْ جَحَدَ الْفَرَائِضَ وَاسْتَخَفَّ بِهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْعَذَابَ أُعِدَّ لَهُ .
وَأَمَّا الْعَذَابُ الْعَظِيمُ فَقَدْ جَاءَ وَعِيدًا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1236&ayano=8لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وَفِي الْمُحَارِبِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=707&ayano=5ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وَفِي الْقَاتِلِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=590&ayano=4وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2011&ayano=16وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2635&ayano=22وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِهَانَةَ إذْلَالٌ وَتَحْقِيرٌ وَخِزْيٌ وَذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَلَمِ الْعَذَابِ فَقَدْ يُعَذَّبُ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ وَلَا يُهَانُ فَلَمَّا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعَذَابِ الَّذِي تَوَعَّدَ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَمَّا قَالَ هُنَاكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2838&ayano=2وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْعَذَابِ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2829&ayano=24لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
} وَمِمَّا يُبَيِّنُ الْفَرْقَ أَيْضًا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ هُنَاكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3623&ayano=33وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } وَالْعَذَابُ إنَّمَا أُعِدَّ لِلْكَافِرِينَ ; فَإِنَّ جَهَنَّمَ لَهُمْ خُلِقَتْ لِأَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلُوهَا إذَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ وَإِذَا دَخَلُوهَا فَإِنَّهُمْ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ سُبْحَانَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=427&ayano=3وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا وَأَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَأَنْ يَتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ يُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ دُخُولِ النَّارِ إذَا أَكَلُوا الرِّبَا وَفَعَلُوا الْمَعَاصِيَ مَعَ أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلْكَافِرِينَ لَا لَهُمْ .
وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47387أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَأَمَّا أَقْوَامٌ لَهُمْ ذُنُوبٌ فَيُصِيبُهُمْ سَفْعٌ مِنْ النَّارِ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ اللَّهُ مِنْهَا .
} وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْجَنَّةَ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يَدْخُلُهَا الْأَبْنَاءُ بِعَمَلِ آبَائِهِمْ وَيَدْخُلُهَا قَوْمٌ بِالشَّفَاعَةِ وَقَوْمٌ بِالرَّحْمَةِ وَيُنْشِئُ اللَّهُ لِمَا فَضَلَ مِنْهَا خَلْقًا آخَرَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَيُدْخِلُهُمْ إيَّاهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُعَدُّ لِمَنْ يَسْتَوْجِبُهُ وَيَسْتَحِقُّهُ وَلِمَنْ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ ثُمَّ قَدْ يَدْخُلُ مَعَهُ غَيْرُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ أَوْ لِسَبَبِ آخَرَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .