وأخذ فقهاء الحديث - كالشافعي وأحمد وغيرهما مع فقهاء [ ص: 173 ] الكوفة - ما عليه جمهور الصحابة والسلف بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإنه قد ثبت عنه أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
وذهب طائفة من السلف من الصحابة والتابعين وأهل المدينة - كمالك - إلى أن بعرفة ; لأنها إجابة . فتنقطع بالوصول إلى المقصد . وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي يجب اتباعها . التلبية تنقطع بالوصول إلى الموقف
وأما المعنى : فإن الواصل إلى عرفة - وإن كان قد وصل إلى هذا الموقف - فإنه قد دعي بعده إلى موقف آخر وهو مزدلفة . فإذا قضى الوقوف بمزدلفة فقد دعي إلى الجمرة فإذا شرع في الرمي فقد انقضى دعاؤه ولم يبق مكان يدعى إليه محرما لأن الحلق والذبح يفعله حيث أحب من الحرم ، وطواف الإفاضة يكون بعد التحلل الأول .
ولهذا قالوا أيضا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن كان يلبي بالعمرة إلى أن يستلم الحجر ابن عمر ومن اتبعه من أهل المدينة - كمالك - قالوا : يلبي إلى أن يصل إلى الحرم . فإنه وإن وصل إليه فإنه مدعو إلى البيت .
[ ص: 174 ] نعم يستفاد من هذا المعنى : أنه إنما يلبي حال سيره لا حال الوقوف بعرفة ومزدلفة وحال المبيت بها . وهذا مما اختلف فيه أهل الحديث .
فأما عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى : فاتفق من جمع الأحاديث الصحيحة عليه . التلبية حال السير من