[ ص: 265 ] فصل القسم الثاني من الأمانات : الأموال كما قال تعالى في الديون : {
nindex.php?page=tafseer&surano=292&ayano=2فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه } .
ويدخل في هذا القسم : الأعيان والديون الخاصة والعامة : مثل رد الودائع ومال الشريك والموكل والمضارب ومال المولى من اليتيم وأهل الوقف ونحو ذلك وكذلك وفاء الديون من أثمان المبيعات وبدل القرض وصدقات النساء وأجور المنافع ونحو ذلك . وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5464&ayano=70إن الإنسان خلق هلوعا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5465&ayano=70إذا مسه الشر جزوعا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5466&ayano=70وإذا مسه الخير منوعا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5467&ayano=70إلا المصلين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5468&ayano=70الذين هم على صلاتهم دائمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5469&ayano=70والذين في أموالهم حق معلوم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5470&ayano=51للسائل والمحروم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5477&ayano=23والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=602&ayano=4إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما } أي لا تخاصم عنهم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30127أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك } وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600361المؤمن من أمنه المسلمون على دمائهم وأمولهم والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما [ ص: 266 ] نهى الله عنه والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله } . وهو حديث صحيح بعضه في الصحيحين وبعضه في سنن
الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600362من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله } رواه
البخاري .
وإذا كان الله قد أوجب
nindex.php?page=treesubj&link=19720أداء الأمانات التي قبضت بحق ; ففيه تنبيه على وجوب أداء الغصب والسرقة والخيانة ونحو ذلك من المظالم كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=16644_6472أداء العارية . وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11190خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال في خطبته : العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم ; إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث } .
وهذا القسم يتناول الولاة والرعية فعلى كل منهما : أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه فعلى ذي السلطان ونوابه في العطاء أن يؤتوا كل ذي حق حقه . وعلى جباة الأموال كأهل الديوان أن يؤدوا إلى ذي السلطان ما يجب إيتاؤه إليه ; كذلك على الرعية الذين تجب عليهم الحقوق ; وليس للرعية أن يطلبوا من ولاة الأموال ما لا يستحقونه فيكونون من جنس من قال الله تعالى فيه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1302&ayano=9ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1303&ayano=9ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } ثم بين سبحانه لمن تكون
[ ص: 267 ] بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1304&ayano=9إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } .
ولا لهم أن يمنعوا السلطان ما يجب دفعه إليه من الحقوق وإن كان ظالما ; كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر جور الولاة فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600363أدوا إليهم الذي لهم ; فإن الله سائلهم عما استرعاهم } . ففي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28469كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء ويكثرون . قالوا : فما تأمرنا ؟ فقال : أوفوا ببيعة الأول فالأول ; ثم أعطوهم حقهم ; فإن الله سائلهم عما استرعاهم } .
وفيهما عن
ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25689إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها قالوا : فما تأمرنا به يا رسول الله ؟ قال : أدوا إليهم حقهم ; واسألوا الله حقكم } .
وليس لولاة الأمور أن يقسموها بحسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه ; فإنما هم أمناء ونواب ووكلاء ليسوا ملاكا ; كما قال رسول الله
[ ص: 268 ] صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600364إني - والله - لا أعطي أحدا ولا أمنع أحدا ; وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت } . رواه
البخاري وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه نحوه . فهذا رسول رب العالمين قد أخبر أنه ليس المنع والعطاء بإرادته واختياره كما يفعل ذلك المالك الذي أبيح له التصرف في ماله وكما يفعل ذلك الملوك الذين يعطون من أحبوا ويمنعون من أبغضوا وإنما هو عبد الله يقسم المال بأمره فيضعه حيث أمره الله تعالى .
وهكذا قال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين - لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى . فقال له
عمر : أتدري ما مثلي ومثل هؤلاء ؟ كمثل قوم كانوا في سفر فجمعوا منهم مالا وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم من أموالهم ؟ . وحمل مرة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مال عظيم من الخمس ; فقال : إن قوما أدوا الأمانة في هذا لأمناء . فقال له بعض الحاضرين : إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى فأدوا إليك الأمانة ولو رتعت لرتعوا .
وينبغي أن يعرف أن
nindex.php?page=treesubj&link=19846أولي الأمر كالسوق ما نفق فيه جلب إليه ; هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه . فإن نفق فيه الصدق والبر والعدل والأمانة جلب إليه ذلك ; وإن نفق فيه الكذب والفجور
[ ص: 269 ] والجور والخيانة جلب إليه ذلك . والذي على ولي الأمر أن يأخذ المال من حله ويضعه في حقه ولا يمنعه من مستحقه ; وكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا بلغه أن بعض نوابه ظلم يقول : اللهم إني لم آمرهم أن يظلموا خلقك ولا يتركوا حقك .
[ ص: 265 ] فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْأَمَانَاتِ : الْأَمْوَالُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الدُّيُونِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=292&ayano=2فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ } .
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْقِسْمِ : الْأَعْيَانُ وَالدُّيُونُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ : مِثْلَ رَدِّ الْوَدَائِعِ وَمَالِ الشَّرِيكِ وَالْمُوَكَّلِ وَالْمُضَارِبِ وَمَالِ الْمَوْلَى مِنْ الْيَتِيمِ وَأَهْلِ الْوَقْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ وَفَاءُ الدُّيُونِ مِنْ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ وَبَدَلُ الْقَرْضِ وَصَدَقَاتُ النِّسَاءِ وَأُجُورُ الْمَنَافِعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5464&ayano=70إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5465&ayano=70إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5466&ayano=70وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5467&ayano=70إلَّا الْمُصَلِّينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5468&ayano=70الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5469&ayano=70وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5470&ayano=51لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5477&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=602&ayano=4إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } أَيْ لَا تُخَاصِمْ عَنْهُمْ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30127أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600361الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا [ ص: 266 ] نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ } . وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بَعْضُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبَعْضُهُ فِي سُنَنِ
التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600362مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاهَا اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ } رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ .
وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَوْجَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=19720أَدَاءَ الْأَمَانَاتِ الَّتِي قُبِضَتْ بِحَقِّ ; فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِ أَدَاءِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَظَالِمِ كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=16644_6472أَدَاءُ الْعَارِيَةِ . وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11190خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ : الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ ; إنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثِ } .
وَهَذَا الْقِسْمُ يَتَنَاوَلُ الْوُلَاةَ وَالرَّعِيَّةَ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا : أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْآخَرِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ فَعَلَى ذِي السُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ فِي الْعَطَاءِ أَنْ يُؤْتُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . وَعَلَى جُبَاةِ الْأَمْوَالِ كَأَهْلِ الدِّيوَانِ أَنْ يُؤَدُّوا إلَى ذِي السُّلْطَانِ مَا يَجِبُ إيتَاؤُهُ إلَيْهِ ; كَذَلِكَ عَلَى الرَّعِيَّةِ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُقُوقُ ; وَلَيْسَ لِلرَّعِيَّةِ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ وُلَاةِ الْأَمْوَالِ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ فَيَكُونُونَ مِنْ جِنْسِ مَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1302&ayano=9وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1303&ayano=9وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ لِمَنْ تَكُونُ
[ ص: 267 ] بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1304&ayano=9إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } .
وَلَا لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا السُّلْطَانَ مَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا ; كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذُكِرَ جَوْرُ الْوُلَاةِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600363أَدُّوا إلَيْهِمْ الَّذِي لَهُمْ ; فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ } . فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28469كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ وَيَكْثُرُونَ . قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَقَالَ : أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ ; ثُمَّ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ ; فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ } .
وَفِيهِمَا عَنْ
ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25689إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَدُّوا إلَيْهِمْ حَقَّهُمْ ; وَاسْأَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ } .
وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَقْسِمُوهَا بِحَسَبِ أَهْوَائِهِمْ كَمَا يَقْسِمُ الْمَالِكُ مِلْكَهُ ; فَإِنَّمَا هُمْ أُمَنَاءُ وَنُوَّابٌ وَوُكَلَاءُ لَيْسُوا مُلَّاكًا ; كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
[ ص: 268 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600364إنِّي - وَاَللَّهِ - لَا أُعْطِي أَحَدًا وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا ; وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْت } . رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُهُ . فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَنْعُ وَالْعَطَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَالِكُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَكَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَنْ أَحَبُّوا وَيَمْنَعُونَ مَنْ أَبْغَضُوا وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْسِمُ الْمَالَ بِأَمْرِهِ فَيَضَعُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
وَهَكَذَا قَالَ رَجُلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - لَوْ وَسَّعْت عَلَى نَفْسِك فِي النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : أَتَدْرِي مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَؤُلَاءِ ؟ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَجَمَعُوا مِنْهُمْ مَالًا وَسَلَّمُوهُ إلَى وَاحِدٍ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ عَنْهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ؟ . وَحُمِلَ مَرَّةً إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الْخُمُسِ ; فَقَالَ : إنَّ قَوْمًا أَدَّوْا الْأَمَانَةَ فِي هَذَا لِأُمَنَاءَ . فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ : إنَّك أَدَّيْت الْأَمَانَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَدَّوْا إلَيْك الْأَمَانَةَ وَلَوْ رَتَعْت لَرَتَعُوا .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19846أُولِي الْأَمْرِ كَالسُّوقِ مَا نَفَقَ فِيهِ جُلِبَ إلَيْهِ ; هَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فَإِنْ نَفَقَ فِيهِ الصِّدْقُ وَالْبِرُّ وَالْعَدْلُ وَالْأَمَانَةُ جُلِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ ; وَإِنْ نَفَقَ فِيهِ الْكَذِبُ وَالْفُجُورُ
[ ص: 269 ] وَالْجَوْرُ وَالْخِيَانَةُ جُلِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ . وَاَلَّذِي عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ وَيَضَعَهُ فِي حَقِّهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ ; وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا بَلَغَهُ أَنَّ بَعْضَ نُوَّابِهِ ظَلَمَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ آمُرْهُمْ أَنْ يَظْلِمُوا خَلْقَك وَلَا يَتْرُكُوا حَقَّك .