[ ص: 343 ] فصل وأما
nindex.php?page=treesubj&link=10586المعاصي التي ليس فيها حد مقدر ولا كفارة كالذي يقبل الصبي والمرأة الأجنبية أو يباشر بلا جماع أو يأكل ما لا يحل كالدم والميتة أو يقذف الناس بغير الزنا أو يسرق من غير حرز ولو شيئا يسيرا أو يخون أمانته كولاة أموال بيت المال أو الوقوف ومال اليتيم ونحو ذلك إذا خانوا فيها وكالوكلاء والشركاء إذا خانوا أو يغش في معاملته كالذين يغشون في الأطعمة والثياب ونحو ذلك أو يطفف المكيال والميزان أو يشهد بالزور أو يلقن شهادة الزور أو يرتشي في حكمه أو يحكم بغير ما أنزل الله أو يعتدي على رعيته أو يتعزى بعزاء الجاهلية أو يلبي داعي الجاهلية إلى غير ذلك من أنواع المحرمات : فهؤلاء يعاقبون تعزيرا وتنكيلا وتأديبا بقدر ما يراه الوالي على حسب كثرة ذلك الذنب في الناس وقلته . فإذا كان كثيرا زاد في العقوبة ; بخلاف ما إذا كان قليلا . وعلى حسب حال المذنب ; فإذا كان من المدمنين على الفجور زيد في عقوبته ; بخلاف المقل من ذلك . وعلى حسب كبر الذنب وصغره ; فيعاقب من يتعرض لنساء الناس وأولادهم بما لا يعاقب من لم يتعرض إلا لمرأة
[ ص: 344 ] واحدة أو صبي واحد .
nindex.php?page=treesubj&link=10614وليس لأقل التعزير حد ; بل هو بكل ما فيه إيلام الإنسان من قول وفعل وترك قول وترك فعل فقد يعزر الرجل بوعظه وتوبيخه والإغلاظ له وقد يعزر بهجره وترك السلام عليه حتى يتوب إذا كان ذلك هو المصلحة كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه " الثلاثة الذين خلفوا " وقد يعزر بعزله عن ولايته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعزرون بذلك ; وقد يعزر بترك استخدامه في جند المسلمين كالجندي المقاتل إذا فر من الزحف ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19447الفرار من الزحف من الكبائر وقطع أجره نوع تعزير له وكذلك الأمير إذا فعل ما يستعظم فعزله عن إمارته تعزيرا له
nindex.php?page=treesubj&link=10612وكذلك قد يعزر بالحبس وقد يعزر بالضرب وقد يعزر بتسويد وجهه وإركابه على دابة مقلوبا ; كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر بمثل ذلك في شاهد الزور فإن الكاذب سود الوجه فسود وجهه وقلب الحديث فقلب ركوبه .
nindex.php?page=treesubj&link=10613وأما أعلاه ; فقد قيل : " لا يزاد على عشرة أسواط " . وقال كثير من العلماء لا يبلغ به الحد . ثم هم على قولين : منهم من يقول : " لا يبلغ به أدنى الحدود " : لا يبلغ بالحر أدنى حدود الحر وهي الأربعون أو الثمانون ولا يبلغ بالعبد أدنى حدود العبد وهي
[ ص: 345 ] العشرون أو الأربعون . وقيل ; بل لا يبلغ بكل منهما حد العبد . ومنهم من يقول : لا يبلغ بكل ذنب حد جنسه وإن زاد على حد جنس آخر فلا يبلغ بالسارق من غير حرز قطع اليد وإن ضرب أكثر من حد القاذف ولا يبلغ بمن فعل ما دون الزنا حد الزاني وإن زاد على حد القاذف كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا نقش على خاتمه وأخذ بذلك من بيت المال فأمر به فضرب مائة ضربة ثم ضربه في اليوم الثاني مائة ضربة ثم ضربه في اليوم الثالث مائة ضربة .
وروي عن الخلفاء الراشدين في رجل وامرأة وجدا في لحاف : " يضربان مائة " . وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=22437عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي جارية امرأته : إن كانت أحلتها له جلد مائة وإن لم تكن أحلتها له : رجم وهذه الأقوال في مذهب
أحمد وغيره . والقولان الأولان في مذهب
الشافعي وغيره .
وأما
مالك وغيره فحكي عنه : أن من الجرائم ما يبلغ به القتل . ووافقه بعض أصحاب
أحمد في مثل
nindex.php?page=treesubj&link=25724_8318الجاسوس المسلم إذا تجسس للعدو على المسلمين فإن
أحمد توقف في قتله وجوز
مالك وبعض الحنابلة -
Multitarajem.php?tid=13371,13372كابن عقيل - قتله ومنعه
أبو حنيفة والشافعي وبعض الحنابلة
nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي أبي يعلى .
[ ص: 346 ] وجوز طائفة من أصحاب
الشافعي وأحمد وغيرهما :
nindex.php?page=treesubj&link=25694_20469_20460قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وكذلك كثير من أصحاب
مالك . وقالوا : إنما جوز
مالك وغيره قتل
القدرية لأجل الفساد في الأرض ; لا لأجل الردة ; وكذلك قد قيل في
nindex.php?page=treesubj&link=28688_25584قتل الساحر ; فإن أكثر العلماء على أنه يقتل وقد روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600409عن جندب رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا : إن حد الساحر ضربه بالسيف } رواه
الترمذي . وعن
عمر وعثمان وحفصة وعبد الله بن عمر وغيرهم من
الصحابة رضي الله عنهم قتله . فقال بعض العلماء : لأجل الكفر وقال بعضهم : لأجل الفساد في الأرض . لكن جمهور هؤلاء يرون قتله حدا . وكذلك
أبو حنيفة يعزر بالقتل فيما تكرر من الجرائم إذا كان جنسه يوجب القتل كما يقتل من تكرر منه اللواط أو اغتيال النفوس لأخذ المال ونحو ذلك .
وقد يستدل على أن المفسد متى لم ينقطع شره إلا بقتله فإنه يقتل : بما رواه
مسلم في صحيحه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600410عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه } وفي رواية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600411ستكون هنات وهنات . فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان } .
[ ص: 347 ] وكذلك قد يقال في أمره بقتل شارب الخمر في الرابعة ; بدليل ما رواه
أحمد في المسند {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600412عن ديلم الحميري رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت يا رسول الله : إنا بأرض نعالج بها عملا شديدا وأنا نتخذ شرابا من القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا . فقال : هل يسكر ؟ قلت نعم . قال : فاجتنبوه . قلت إن الناس غير تاركيه . قال : فإن لم يتركوه فاقتلوهم } . وهذا لأن المفسد كالصائل . فإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل .
وجماع ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=24353العقوبة نوعان : ( أحدهما على ذنب ماض جزاء بما كسب نكالا من الله كجلد الشارب والقاذف وقطع المحارب والسارق .
و ( الثاني العقوبة لتأدية حق واجب وترك محرم في المستقبل كما يستتاب المرتد حتى يسلم فإن تاب ; وإلا قتل . وكما يعاقب تارك الصلاة والزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤدوها . فالتعزير في هذا الضرب أشد منه في الضرب الأول . ولهذا يجوز أن يضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي الصلاة الواجبة أو يؤدي الواجب عليه والحديث الذي في الصحيحين . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=76014لا يجلد فوق عشرة [ ص: 348 ] أسواط إلا في حد من حدود الله } قد فسره طائفة من أهل العلم بأن المراد بحدود الله ما حرم لحق الله ; فإن الحدود في لفظ الكتاب والسنة يراد بها الفصل بين الحلال والحرام : مثل آخر الحلال وأول الحرام . فيقال في الأول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2تلك حدود الله فلا تعتدوها } . ويقال في الثاني : {
nindex.php?page=tafseer&surano=196&ayano=2تلك حدود الله فلا تقربوها } .
وأما تسمية العقوبة المقدرة حدا فهو عرف حادث . ومراد الحديث : أن من ضرب لحق نفسه كضرب الرجل امرأته في النشوز لا يزيد على عشر جلدات .
والجلد الذي جاءت به الشريعة : هو الجلد المعتدل بالسوط ; فإن خيار الأمور أوساطها قال
علي رضي الله عنه " ضرب بين ضربين وسوط بين سوطين "
nindex.php?page=treesubj&link=24361_10416_10669ولا يكون الجلد بالعصي ولا بالمقارع ولا يكتفى فيه بالدرة ; بل الدرة تستعمل في التعزير .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=24361_10416الحدود فلا بد فيها من الجلد بالسوط وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤدب بالدرة ; فإذا جاءت الحدود دعا بالسوط ولا تجرد ثيابه كلها ; بل ينزع عنه ما يمنع ألم الضرب من الحشايا والفراء ونحو ذلك . ولا يربط إذا لم يحتج إلى ذلك ولا يضرب وجهه ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600413إذا قاتل أحدكم [ ص: 349 ] فليتق الوجه ولا يضرب مقاتله } فإن المقصود تأديبه لا قتله ويعطى كل عضو حظه من الضرب كالظهر والأكتاف والفخذين ونحو ذلك .
[ ص: 343 ] فَصْلٌ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=10586الْمَعَاصِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ كَاَلَّذِي يُقَبِّلُ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ يُبَاشِرُ بِلَا جِمَاعٍ أَوْ يَأْكُلُ مَا لَا يَحِلُّ كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ أَوْ يَقْذِفُ النَّاسَ بِغَيْرِ الزِّنَا أَوْ يَسْرِقُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا أَوْ يَخُونُ أَمَانَتَهُ كَوُلَاةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوُقُوفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا خَانُوا فِيهَا وَكَالْوُكَلَاءِ وَالشُّرَكَاءِ إذَا خَانُوا أَوْ يَغُشُّ فِي مُعَامَلَتِهِ كَاَلَّذِينَ يَغُشُّونَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يُطَفِّفُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ أَوْ يَشْهَدُ بِالزُّورِ أَوْ يُلَقِّنُ شَهَادَةَ الزُّورِ أَوْ يَرْتَشِي فِي حُكْمِهِ أَوْ يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَوْ يَعْتَدِي عَلَى رَعِيَّتِهِ أَوْ يَتَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ يُلَبِّي دَاعِيَ الْجَاهِلِيَّةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُحَرَّمَاتِ : فَهَؤُلَاءِ يُعَاقَبُونَ تَعْزِيرًا وَتَنْكِيلًا وَتَأْدِيبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْوَالِي عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي النَّاسِ وَقِلَّتِهِ . فَإِذَا كَانَ كَثِيرًا زَادَ فِي الْعُقُوبَةِ ; بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَلِيلًا . وَعَلَى حَسَبِ حَالِ الْمُذْنِبِ ; فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُدْمِنِينَ عَلَى الْفُجُورِ زِيدَ فِي عُقُوبَتِهِ ; بِخِلَافِ الْمُقِلِّ مِنْ ذَلِكَ . وَعَلَى حَسَبِ كِبَرِ الذَّنْبِ وَصِغَرِهِ ; فَيُعَاقِبُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِنِسَاءِ النَّاسِ وَأَوْلَادِهِمْ بِمَا لَا يُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِمَرْأَةِ
[ ص: 344 ] وَاحِدَةٍ أَوْ صَبِيٍّ وَاحِدٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=10614وَلَيْسَ لِأَقَلِّ التَّعْزِيرِ حَدٌّ ; بَلْ هُوَ بِكُلِّ مَا فِيهِ إيلَامِ الْإِنْسَانِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَتَرْكِ قَوْلٍ وَتَرْكِ فِعْلٍ فَقَدْ يُعَزَّرُ الرَّجُلُ بِوَعْظِهِ وَتَوْبِيخِهِ وَالْإِغْلَاظِ لَهُ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِهَجْرِهِ وَتَرْكِ السَّلَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتُوبَ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَصْلَحَةِ كَمَا هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ " الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا " وَقَدْ يُعَزَّرُ بِعَزْلِهِ عَنْ وِلَايَتِهِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُعَزِّرُونَ بِذَلِكَ ; وَقَدْ يُعَزَّرُ بِتَرْكِ اسْتِخْدَامِهِ فِي جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ كَالْجُنْدِيِّ الْمُقَاتِلِ إذَا فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ ; فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19447الْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَطْعَ أَجْرِهِ نَوْعُ تَعْزِيرٍ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَمِيرُ إذَا فَعَلَ مَا يُسْتَعْظَمُ فَعَزَلَهُ عَنْ إمَارَتِهِ تَعْزِيرًا لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=10612وَكَذَلِكَ قَدْ يُعَزَّرُ بِالْحَبْسِ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِتَسْوِيدِ وَجْهِهِ وَإِرْكَابِهِ عَلَى دَابَّةٍ مَقْلُوبًا ; كَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي شَاهِدِ الزُّورِ فَإِنَّ الْكَاذِبَ سَوَّدَ الْوَجْهَ فَسَوَّدَ وَجْهَهُ وَقَلَبَ الْحَدِيثَ فَقَلَبَ رُكُوبَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=10613وَأَمَّا أَعْلَاهُ ; فَقَدْ قِيلَ : " لَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ " . وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ . ثُمَّ هُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ : مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : " لَا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ " : لَا يَبْلُغُ بِالْحُرِّ أَدْنَى حُدُودِ الْحُرِّ وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ أَوْ الثَّمَانُونَ وَلَا يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ أَدْنَى حُدُودِ الْعَبْدِ وَهِيَ
[ ص: 345 ] الْعِشْرُونَ أَوْ الْأَرْبَعُونَ . وَقِيلَ ; بَلْ لَا يَبْلُغُ بِكُلِّ مِنْهُمَا حَدَّ الْعَبْدِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : لَا يَبْلُغُ بِكُلِّ ذَنْبٍ حَدَّ جِنْسِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ جِنْسٍ آخَرَ فَلَا يَبْلُغُ بِالسَّارِقِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ قَطْعَ الْيَدِ وَإِنْ ضُرِبَ أَكْثَرَ مَنْ حَدِّ الْقَاذِفِ وَلَا يَبْلُغُ بِمَنْ فَعَلَ مَا دُونَ الزِّنَا حَدَّ الزَّانِي وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَاذِفِ كَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ وَأَخَذَ بِذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ مِائَةَ ضَرْبَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِائَةَ ضَرْبَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِائَة ضَرْبَةٍ .
وَرُوِيَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وُجِدَا فِي لِحَافٍ : " يُضْرَبَانِ مِائَةً " . وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=22437عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ : إنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جُلِدَ مِائَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ : رُجِمَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ . وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ فِي مَذْهَبِ
الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَحُكِيَ عَنْهُ : أَنَّ مِنْ الْجَرَائِمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ . وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ
أَحْمَد فِي مِثْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=25724_8318الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إذَا تَجَسَّسَ لِلْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ
أَحْمَد تَوَقَّفَ فِي قَتْلِهِ وَجَوَّزَ
مَالِكٌ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ -
Multitarajem.php?tid=13371,13372كَابْنِ عَقِيلٍ - قَتْلَهُ وَمَنَعَهُ
أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى .
[ ص: 346 ] وَجَوَّزَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=25694_20469_20460قَتْلَ الدَّاعِيَةِ إلَى الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ
مَالِكٍ . وَقَالُوا : إنَّمَا جَوَّزَ
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ قَتْلَ
الْقَدَرِيَّةِ لِأَجْلِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ; لَا لِأَجْلِ الرِّدَّةِ ; وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28688_25584قَتْلِ السَّاحِرِ ; فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ وَقَدْ رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600409عَنْ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا : إنَّ حَدَّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ } رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ . وَعَنْ
عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَحَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ
الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَتْلُهُ . فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لِأَجْلِ الْكُفْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لِأَجْلِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ . لَكِنَّ جُمْهُورَ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ قَتْلَهُ حَدًّا . وَكَذَلِكَ
أَبُو حَنِيفَةَ يُعَزَّرُ بِالْقَتْلِ فِيمَا تَكَرَّرَ مِنْ الْجَرَائِمِ إذَا كَانَ جِنْسُهُ يُوجِبُ الْقَتْلَ كَمَا يُقْتَلُ مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ اللِّوَاطُ أَوْ اغْتِيَالُ النُّفُوسِ لِأَخْذِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْمُفْسِدَ مَتَى لَمْ يَنْقَطِعْ شَرُّهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ : بِمَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600410عَنْ عرفجة الأشجعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ } وَفِي رِوَايَةٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600411سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ . فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ } .
[ ص: 347 ] وَكَذَلِكَ قَدْ يُقَالُ فِي أَمْرِهِ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ ; بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ
أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600412عَنْ دَيْلَمَ الْحِمْيَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّا بِأَرْضِ نُعَالِجُ بِهَا عَمَلًا شَدِيدًا وَأَنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا . فَقَالَ : هَلْ يُسْكِرُ ؟ قُلْت نَعَمْ . قَالَ : فَاجْتَنِبُوهُ . قُلْت إنَّ النَّاسَ غَيْرُ تَارِكِيهِ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوهُ فَاقْتُلُوهُمْ } . وَهَذَا لِأَنَّ الْمُفْسِدَ كَالصَّائِلِ . فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ الصَّائِلُ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ .
وَجِمَاعُ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24353الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ : ( أَحَدُهُمَا عَلَى ذَنْبٍ مَاضٍ جَزَاءٌ بِمَا كَسَبَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ كَجَلْدِ الشَّارِبِ وَالْقَاذِفِ وَقَطْعِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ .
وَ ( الثَّانِي الْعُقُوبَةُ لِتَأْدِيَةِ حَقٍّ وَاجِبٍ وَتَرْكِ مُحَرَّمٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ حَتَّى يُسْلِمَ فَإِنْ تَابَ ; وَإِلَّا قُتِلَ . وَكَمَا يُعَاقَبُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ حَتَّى يُؤَدُّوهَا . فَالتَّعْزِيرُ فِي هَذَا الضَّرْبِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ . وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَضْرَبَ مَرَّةً بَعْد مَرَّةٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ . عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=76014لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ [ ص: 348 ] أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ } قَدْ فَسَّرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُودِ اللَّهِ مَا حَرُمَ لِحَقِّ اللَّهِ ; فَإِنَّ الْحُدُودَ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُرَادُ بِهَا الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ : مِثْلَ آخِرِ الْحَلَالِ وَأَوَّلَ الْحَرَامِ . فَيُقَالُ فِي الْأَوَّلِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا } . وَيُقَالُ فِي الثَّانِي : {
nindex.php?page=tafseer&surano=196&ayano=2تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا } .
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْعُقُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ حَدًّا فَهُوَ عُرْفٌ حَادِثٌ . وَمُرَادُ الْحَدِيثِ : أَنَّ مَنْ ضُرِبَ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَضَرْبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي النُّشُوزِ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرِ جَلَدَاتٍ .
وَالْجَلْدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ : هُوَ الْجَلْدُ الْمُعْتَدِلُ بِالسَّوْطِ ; فَإِنَّ خِيَارَ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ وَسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ "
nindex.php?page=treesubj&link=24361_10416_10669وَلَا يَكُونُ الْجَلْدُ بِالْعِصِيِّ وَلَا بِالْمُقَارِعِ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالدِّرَّةِ ; بَلْ الدِّرَّةُ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّعْزِيرِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24361_10416الْحُدُودُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْجَلْدِ بِالسَّوْطِ وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤَدِّبُ بِالدِّرَّةِ ; فَإِذَا جَاءَتْ الْحُدُودُ دَعَا بِالسَّوْطِ وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ كُلُّهَا ; بَلْ يُنْزَعُ عَنْهُ مَا يَمْنَعُ أَلَمَ الضَّرْبِ مِنْ الْحَشَايَا وَالْفِرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَلَا يُرْبَطُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُضْرَبُ وَجْهُهُ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600413إذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ [ ص: 349 ] فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ وَلَا يَضْرِبْ مُقَاتِلَهُ } فَإِنَّ الْمَقْصُودَ تَأْدِيبُهُ لَا قَتْلُهُ وَيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ حَظُّهُ مِنْ الضَّرْبِ كَالظَّهْرِ وَالْأَكْتَافِ وَالْفَخِذَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .