و ( منها أن فلو قدر أن العبادة جزاء النعمة لم تقم العبادة بشكر قليل منها فكيف والعبادة من نعمته أيضا . و ( منها أن العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته فلن يدخل أحد الجنة بعمله وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة الله لها : { نعمه على عباده أعظم من أن تحصى ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } وقوله صلى الله عليه وسلم { } لا يناقض قوله تعالى { لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله جزاء بما كانوا يعملون } . فإن المنفي نفي بباء المقابلة والمعاوضة كما يقال بعت هذا بهذا وما أثبت أثبت بباء السبب فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء ولهذا فهو ضال كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه } ومن هذا أيضا الحديث الذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لن يدخل أحد الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل وروي بمغفرته } الحديث . إن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم . ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم