[ ص: 461 ] وقال الشيخ العالم العامل الورع الناسك ; شيخ الإسلام بقية
السلف الكرام "
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الشامي - رحمه الله - : ( فصل ) : تضمن حديث
nindex.php?page=treesubj&link=28648_28632_28647_28855سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن " الإسلام " و " الإيمان " و " الإحسان " ; وجوابه عن ذلك وقوله في آخر الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596374هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم } . فجعل هذا كله من الدين . وللناس في " الإسلام " و " الإيمان " من الكلام الكثير : مختلفين تارة ومتفقين أخرى . ما يحتاج الناس معه إلى معرفة الحق في ذلك ; وهذا يكون بأن تبين الأصول المعلومة المتفق عليها . ثم بذلك يتوصل إلى معرفة الحقيقة المتنازع فيها ; فنقول : ما علم [ بـ ] الكتاب والسنة والإجماع وهو من المنقول نقلا متواترا
[ ص: 462 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام - دين النبي صلى الله عليه وسلم - أن الناس كانوا على عهده
بالمدينة " ثلاثة أصناف " : مؤمن ، وكافر مظهر للكفر ، ومنافق ظاهره الإسلام وهو في الباطن كافر . ولهذا التقسيم أنزل الله في أول سورة البقرة ذكر الأصناف الثلاثة فأنزل أربع آيات في صفة المؤمنين وآيتين في صفة الكافرين . وبضع عشرة آية في صفة المنافقين . فقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2هدى للمتقين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } في صفة المؤمنين . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=2إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } الآيتين : في صفة الكفار الذين يموتون كفارا . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } . الآيات في صفة المنافقين ; إلى أن ضرب لهم مثلين : أحدهما بالنار ، والآخر بالماء ; كما ضرب المثل بهذين للمؤمنين في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1737&ayano=13أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } الآية .
[ ص: 463 ] وأما قبل الهجرة فلم يكن الناس إلا مؤمن أو كافر لم يكن هناك منافق فإن المسلمين كانوا مستضعفين فكان من آمن آمن باطنا وظاهرا ، ومن لم يؤمن فهو كافر . فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وصار للمؤمنين بها عز وأنصار ودخل جمهور أهلها في الإسلام طوعا واختيارا : كان بينهم من أقاربهم ومن غير أقاربهم من أظهر الإسلام موافقة رهبة أو رغبة وهو في الباطن كافر . وكان رأس هؤلاء
عبد الله بن أبي ابن سلول وقد نزل فيه وفي أمثاله من المنافقين آيات . والقرآن يذكر المؤمنين والمنافقين في غير موضع كما ذكرهم في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وسورة العنكبوت والأحزاب . وكان هؤلاء في
أهل المدينة والبادية كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1345&ayano=9وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } .
[ ص: 461 ] وَقَالَ الشَّيْخُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْوَرِعُ النَّاسِكُ ; شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَقِيَّةُ
السَّلَفِ الْكِرَامِ "
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّامِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( فَصْلٌ ) : تَضَمَّنَ حَدِيثُ
nindex.php?page=treesubj&link=28648_28632_28647_28855سُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ " الْإِسْلَامِ " و " الْإِيمَانِ " و " الْإِحْسَانِ " ; وَجَوَابُهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596374هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ } . فَجَعَلَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ الدِّينِ . وَلِلنَّاسِ فِي " الْإِسْلَامِ " و " الْإِيمَانِ " مِنْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ : مُخْتَلِفِينَ تَارَةً وَمُتَّفِقِينَ أُخْرَى . مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ مَعَهُ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ ; وَهَذَا يَكُونُ بِأَنْ تُبَيَّنَ الْأُصُولُ الْمَعْلُومَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا . ثُمَّ بِذَلِكَ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِيقَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا ; فَنَقُولُ : مَا عُلِمَ [ بـ ] الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مِنْ الْمَنْقُولِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا
[ ص: 462 ] عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ - دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى عَهْدِهِ
بِالْمَدِينَةِ " ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ " : مُؤْمِنٌ ، وَكَافِرٌ مُظْهِرٌ لِلْكُفْرِ ، وَمُنَافِقٌ ظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ كَافِرٌ . وَلِهَذَا التَّقْسِيمِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ذِكْرَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ فَأَنْزَلَ أَرْبَعَ آيَاتٍ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَآيَتَيْنِ فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ . وَبِضْعَ عَشْرَةَ آيَةً فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ . فَقَوْلُهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=2إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } الْآيَتَيْنِ : فِي صِفَةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ كُفَّارًا . وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } . الْآيَاتُ فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ ; إلَى أَنْ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَيْنِ : أَحَدُهُمَا بِالنَّارِ ، وَالْآخَرُ بِالْمَاءِ ; كَمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِهَذَيْنِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1737&ayano=13أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } الْآيَةَ .
[ ص: 463 ] وَأَمَّا قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ النَّاسُ إلَّا مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُنَافِقٌ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ فَكَانَ مَنْ آمَنَ آمَنَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَهُوَ كَافِرٌ . فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى
الْمَدِينَةِ وَصَارَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهَا عِزٌّ وَأَنْصَارٌ وَدَخَلَ جُمْهُورُ أَهْلِهَا فِي الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا : كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ أَقَارِبِهِمْ وَمِنْ غَيْرِ أَقَارِبِهِمْ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ مُوَافَقَةً رَهْبَةً أَوْ رَغْبَةً وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ كَافِرٌ . وَكَانَ رَأْسُ هَؤُلَاءِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي ابْنُ سلول وَقَدْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ آيَاتٌ . وَالْقُرْآنُ يَذْكُرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَمَا ذَكَرَهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَسُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ وَالْأَحْزَابِ . وَكَانَ هَؤُلَاءِ فِي
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَادِيَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1345&ayano=9وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } .