nindex.php?page=treesubj&link=29428ودين الإسلام مبني على أصلين وهما : تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله : وأول ذلك أن لا تجعل مع الله إلها آخر فلا تحب مخلوقا كما تحب الله ولا ترجوه كما ترجو الله ولا تخشاه كما تخشى الله ومن سوى
[ ص: 311 ] بين المخلوق والخالق في شيء من ذلك فقد عدل بالله وهو من الذين بربهم يعدلون وقد جعل مع الله إلها آخر وإن كان مع ذلك يعتقد أن الله وحده خلق السموات والأرض .
فإن مشركي
العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خلق السموات والأرض كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3525&ayano=31ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } وكانوا مع ذلك مشركين يجعلون مع الله آلهة أخرى قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=814&ayano=6أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } فصاروا مشركين لأنهم أحبوهم كحبه لا أنهم قالوا إن آلهتهم خلقوا كخلقه .
كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1736&ayano=13أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم } . وهذا استفهام إنكار بمعنى النفي أي ما جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فإنهم مقرون أن آلهتهم لم يخلقوا كخلقه . وإنما كانوا يجعلونهم شفعاء ووسائط قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون }
وقال صاحب يس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3763&ayano=36وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3764&ayano=36أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3765&ayano=36إني إذا لفي ضلال مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3766&ayano=36إني آمنت بربكم فاسمعون } . ( الأصل الثاني أن نعبده بما شرع على ألسن رسله لا نعبده إلا بواجب أو مستحب والمباح إذا قصد به الطاعة دخل في ذلك .
[ ص: 312 ] والدعاء من جملة العبادات فمن
nindex.php?page=treesubj&link=28705_28681دعا المخلوقين من الموتى والغائبين واستغاث بهم - مع أن هذا أمر لم يأمر به الله ولا رسوله أمر إيجاب ولا استحباب - كان مبتدعا في الدين مشركا برب العالمين متبعا غير سبيل المؤمنين .
nindex.php?page=treesubj&link=28680ومن سأل الله تعالى بالمخلوقين أو أقسم عليه بالمخلوقين كان مبتدعا بدعة ما أنزل الله بها من سلطان فإن ذم من خالفه وسعى في عقوبته كان ظالما جاهلا معتديا . وإن حكم بذلك فقد حكم بغير ما أنزل الله وكان حكمه منقوضا بإجماع المسلمين وكان إلى أن يستتاب من هذا الحكم ويعاقب عليه أحوج منه إلى أن ينفذ له هذا الحكم ويعان عليه وهذا كله مجمع عليه بين المسلمين ليس فيه خلاف لا بين الأئمة الأربعة ولا غيرهم . وقد بسط الكلام على هذه الأمور في مجلدات من جملتها مصنف ذكرنا فيه قواعد تتعلق بحكم الحكام وما يجوز لهم الحكم فيه وما لا يجوز . وهو مؤلف مفرد يتعلق بأحكام هذا الباب لا يحسن إيراد شيء من فصوله هاهنا ; لإفراد الكلام في هذا الموضع على قواعد التوحيد ومتعلقاته وسيأتي إيراد ما اختصر منه وحررت فصوله في ضمن أوراق مفردة يقف عليها المتأمل لمزيد الفائدة ومسيس الحاجة إلى معرفة هذا الأمر المهم . وبالله التوفيق .
nindex.php?page=treesubj&link=29428وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ وَهُمَا : تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ : وَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ لَا تَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَلَا تُحِبُّ مَخْلُوقًا كَمَا تُحِبُّ اللَّهَ وَلَا تَرْجُوهُ كَمَا تَرْجُو اللَّهَ وَلَا تَخْشَاهُ كَمَا تَخْشَى اللَّهَ وَمَنْ سَوَّى
[ ص: 311 ] بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِاَللَّهِ وَهُوَ مِنْ الَّذِينَ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَقَدْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ .
فَإِنَّ مُشْرِكِي
الْعَرَبِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3525&ayano=31وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } وَكَانُوا مَعَ ذَلِكَ مُشْرِكِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=814&ayano=6أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } فَصَارُوا مُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ أَحَبُّوهُمْ كَحُبِّهِ لَا أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ آلِهَتَهُمْ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ .
كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1736&ayano=13أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ } . وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيْ مَا جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَإِنَّهُمْ مُقِرُّونَ أَنَّ آلِهَتَهُمْ لَمْ يَخْلُقُوا كَخَلْقِهِ . وَإِنَّمَا كَانُوا يَجْعَلُونَهُمْ شُفَعَاءَ وَوَسَائِطَ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }
وَقَالَ صَاحِبُ يس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3763&ayano=36وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3764&ayano=36أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3765&ayano=36إنِّي إذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3766&ayano=36إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } . ( الْأَصْلُ الثَّانِي أَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَ عَلَى أَلْسُنِ رُسُلِهِ لَا نَعْبُدُهُ إلَّا بِوَاجِبِ أَوْ مُسْتَحَبٍّ وَالْمُبَاحُ إذَا قُصِدَ بِهِ الطَّاعَةُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 312 ] وَالدُّعَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28705_28681دَعَا الْمَخْلُوقِينَ مِنْ الْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ وَاسْتَغَاثَ بِهِمْ - مَعَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ أَمْرَ إيجَابٍ وَلَا اسْتِحْبَابٍ - كَانَ مُبْتَدِعًا فِي الدِّينِ مُشْرِكًا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ مُتَّبِعًا غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28680وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْمَخْلُوقِينَ أَوْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِالْمَخْلُوقِينَ كَانَ مُبْتَدِعًا بِدْعَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَإِنْ ذَمَّ مَنْ خَالَفَهُ وَسَعَى فِي عُقُوبَتِهِ كَانَ ظَالِمًا جَاهِلًا مُعْتَدِيًا . وَإِنْ حَكَمَ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَكَانَ حُكْمُهُ مَنْقُوضًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ إلَى أَنْ يُسْتَتَابَ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ وَيُعَاقَبَ عَلَيْهِ أَحْوَجَ مِنْهُ إلَى أَنْ يُنَفَّذَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ وَيُعَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ لَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فِي مُجَلَّدَاتٍ مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَنَّفٌ ذَكَرْنَا فِيهِ قَوَاعِدَ تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْحُكَّامِ وَمَا يَجُوزُ لَهُمْ الْحُكْمُ فِيهِ وَمَا لَا يَجُوزُ . وَهُوَ مُؤَلَّفٌ مُفْرَدٌ يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَحْسُنُ إيرَادُ شَيْءٍ مِنْ فُصُولِهِ هَاهُنَا ; لِإِفْرَادِ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ وَسَيَأْتِي إيرَادُ مَا اُخْتُصِرَ مِنْهُ وَحُرِّرَتْ فُصُولُهُ فِي ضِمْنِ أَوْرَاقٍ مُفْرَدَةٍ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمُتَأَمِّلُ لِمَزِيدِ الْفَائِدَةِ وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْأَمْرِ الْمُهِمِّ . وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .