[ ص: 490 ] سورة التوبة
قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=1926_1957_25510_30431_30437_30515_30539_30551_3295_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون (17)
nindex.php?page=treesubj&link=1926_19995_2646_2649_28633_28662_30179_34148_842_844_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين nindex.php?page=treesubj&link=1963عمارة المساجد تكون بمعنيين:
أحدهما: عمارتها الحسية ببنائها وإصلاحها وترميمها، وما أشبه ذلك .
والثاني: عمارتها المعنوية بالصلاة فيها، وذكر الله وتلاوة كتابه، ونشر العلم الذي أنزله على رسوله، ونحو ذلك . وقد فسرت الآية بكل واحد من المعنيين، وفسرت بهما جميعا، والمعنى الثاني أخص بها .
وقد خرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
دراج، عن
أبي الهيثم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665388 "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان "، ثم تلا: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر الآية .
ولكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : هو منكر .
[ ص: 491 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله وقرئ: "مسجد الله " .
فقيل: إن المراد به جميع المساجد على كلا القراءتين، فإن المفرد المضاف يعم، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام
وقيل: المراد بالمسجد المسجد الحرام خاصة، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون
وقيل: إنه المراد بالمساجد على القراءة الأخرى، وأنه جمعه لتعدد بقاع المناسك هناك، وكل واحد منها في معنى مسجد . روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة . والله أعلم .
فمن قال: إن المراد به
المسجد الحرام خاصة، قال: لا يمكن الكفار من دخول
الحرم كله، بدليل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا
وجمهور أهل العلم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=25510الكفار يمنعون من سكنى الحرم، ودخوله بالكلية، وعمارته بالطواف وغيره، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ينادي:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650356 "لا يحج بعد العام مشرك " .
ورخص
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لهم في دخوله دون الإقامة به .
ومن قال: المراد جميع المساجد، فاختلفوا:
فمنهم: من قال: لا يمكن الكفار من قربان مسجد من المساجد، ودخوله بالكلية .
[ ص: 492 ] ومنهم: من رخص لهم في
nindex.php?page=treesubj&link=1957دخول مساجد الحل في الجملة .
ومنهم: من فرق بين أهل الكتاب والمشركين، فرخص فيه لأهل الكتاب دون المشركين .
وقد أفرد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بابا لدخول المشرك المسجد، ويأتي الكلام على هذه المسألة هناك مستوفى - إن شاء الله تعالى .
واتفقوا على
nindex.php?page=treesubj&link=1926_1957منع الكفار من إظهار دينهم في مساجد المسلمين، لا نعلم في ذلك خلافا .
وهذا مما يدل على اتفاق الناس على أن العمارة المعنوية مرادة من الآية .
واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=1963تمكينهم من عمارة المساجد بالبنيان والترميم ونحوه على قولين:
أحدهما: المنع من ذلك، لدخوله في العمارة المذكورة في الآية، ذكر ذلك كثير من المفسرين
كالواحدي وأبي الفرج
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي ، وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى في كتاب "أحكام القرآن " يوافق ذلك وكذلك
كيا الهراسي - من الشافعية -، وذكره
البغوي منهم احتمالا .
والثاني: يجوز ذلك، ولا يمنعون منه، وصرح به طائفة من فقهاء أصحابنا
والبغوي من الشافعية وغيرهم .
وهؤلاء منهم من حمل العمارة على العمارة المعنوية خاصة، ومنهم من قال: الآية إنما أريد بها
المسجد الحرام، والكفار ممنوعون من دخول الحرم على كل وجه، بخلاف بقية المساجد، وهذا جواب
ابن عقيل من أصحابنا . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، أنه استعمل طائفة من النصارى في
[ ص: 493 ] عمارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عمره في خلافة
الوليد بن عبد الملك .
ويتوجه قول ثالث، وهو: أن الكافر إن بنى مسجدا للمسلمين من ماله لم يمكن من ذلك . ولو لم يباشره بنفسه، وإن باشر بناءه بنفسه باستئجار المسلمين له جاز، فإن في قبول المسلمين منة الكفار ذلا للمسلمين، بخلاف استئجار الكفار للعمل للمسلمين، فإن فيه ذلا للكفار .
وقد اختلف الناس في هذا - أيضا - على قولين:
أحدهما: أنه لو
nindex.php?page=treesubj&link=14265_14295وصى الكافر بمال للمسجد أو بمال يعمر به مسجد أو يوقد به، فإنه تقبل وصيته، وصرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى في "تعليقه " في مسألة الوقيد، وكلامه يدل على أنه محل وفاق، وليس كذلك .
والثاني: المنع من ذلك، وأنه لا تقبل الوصية بذلك، وصرح به
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي في "تفسيره" وذكره
ابن مزين في كتاب "سير الفقهاء" عن
يحيى بن يحيى . قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ، وسئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=14265نصراني أوصى بمال تكسى به الكعبة; فأنكر ذلك، وقال:
الكعبة منزهة عن ذلك . وكذلك المساجد لا تجري عليها وصايا أهل الكفر . وكذلك قال
محمد بن عبد الله الأنصاري قاضي البصرة: لا يصح وقف النصراني على المسلمين عموما، بخلاف المسلم المعين، والمساجد من الوقف على عموم المسلمين: ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب، عنه بإسناده .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن
nindex.php?page=treesubj&link=23472المرأة الفقيرة تجيء إلى اليهودي أو النصراني فتصدق منه؟ قال: أخشى أن ذلك ذلة .
[ ص: 494 ] وقال
مهنا: قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد: يأخذ المسلم من النصراني من صدقته شيئا . قال: نعم، إذا كان محتاجا . فقد يكون عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان في كراهة أخذ المسلم المعين من صدقة الذمي، وقد يكون كره السؤال، ورخص في الأخذ منه بغير سؤال، والله أعلم .
وأما وقفهم على عموم المسلمين كالمساجد، فيتوجه كراهته بكل حال، كما قاله الأنصاري . وقد ذكر أهل السير
كالواقدي ومحمد بن سعد أن رجلا من أحبار اليهود . يقال له: مخيريق، خرج يوم أحد يقاتل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن أصبت في وجهي هذا فمالي لمحمد يضعه حيث شاء، فقتل يومئذ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمواله، فقيل: إنه فرقها وتصدق بها، وقيل: إنه حبسها ووقفها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد ذلك بأسانيد متعددة، وفيها ضعف . والله أعلم .
[ ص: 490 ] سُورَةُ التَّوْبَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=1926_1957_25510_30431_30437_30515_30539_30551_3295_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)
nindex.php?page=treesubj&link=1926_19995_2646_2649_28633_28662_30179_34148_842_844_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ nindex.php?page=treesubj&link=1963عِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ تَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عِمَارَتُهَا الْحِسِّيَّةُ بِبِنَائِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَتَرْمِيمِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي: عِمَارَتُهَا الْمَعْنَوِيَّةُ بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، وَنَشْرِ الْعِلْمِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَقَدْ فُسِّرَتِ الْآيَةُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَفُسِّرَتْ بِهِمَا جَمِيعًا، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَخَصُّ بِهَا .
وَقَدْ خَرَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
دَرَّاجٍ، عَنْ
أَبِي الْهَيْثَمِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665388 "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ "، ثُمَّ تَلَا: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ الْآيَةُ .
وَلَكِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : هُوَ مُنْكَرٌ .
[ ص: 491 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ وَقُرِئَ: "مَسْجِدَ اللَّهِ " .
فَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْمَسَاجِدِ عَلَى كِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ، فَإِنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ خَاصَّةً، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ
وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمُرَادُ بِالْمَسَاجِدِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى، وَأَنَّهُ جَمَعَهُ لِتَعَدُّدِ بِقَاعِ الْمَنَاسِكِ هُنَاكَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي مَعْنَى مَسْجِدٍ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ
الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ خَاصَّةً، قَالَ: لَا يُمَكَّنُ الْكُفَّارُ مِنْ دُخُولِ
الْحَرَمِ كُلِّهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا
وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25510الْكُفَّارَ يُمْنَعُونَ مِنْ سُكْنَى الْحَرَمِ، وَدُخُولِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعِمَارَتِهِ بِالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يُنَادِي:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650356 "لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ " .
وَرَخَّصَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ لَهُمْ فِي دُخُولِهِ دُونَ الْإِقَامَةِ بِهِ .
وَمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ جَمِيعُ الْمَسَاجِدِ، فَاخْتَلَفُوا:
فَمِنْهُمْ: مَنْ قَالَ: لَا يُمَكَّنُ الْكُفَّارُ مِنْ قُرْبَانِ مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَدُخُولِهِ بِالْكُلِّيَّةِ .
[ ص: 492 ] وَمِنْهُمْ: مَنْ رَخَّصَ لَهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1957دُخُولِ مَسَاجِدِ الْحِلِّ فِي الْجُمْلَةِ .
وَمِنْهُمْ: مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ، فَرَخَّصَ فِيهِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ الْمُشْرِكِينَ .
وَقَدْ أَفْرَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بَابًا لِدُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَاتَّفَقُوا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=1926_1957مَنْعِ الْكُفَّارِ مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِمْ فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا .
وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ مُرَادَةٌ مِنَ الْآيَةِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1963تَمْكِينِهِمْ مِنْ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ بِالْبُنْيَانِ وَالتَّرْمِيمِ وَنَحْوِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، لِدُخُولِهِ فِي الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ
كَالْوَاحِدِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنِ الْجَوْزِيِّ ، وَكَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي كِتَابِ "أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " يُوَافِقُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ
كِيَا الْهَرَّاسِي - مِنَ الشَّافِعِيَّةِ -، وَذَكَرَهُ
الْبَغَوِيُّ مِنْهُمُ احْتِمَالًا .
وَالثَّانِي: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا
وَالْبَغَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ .
وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْعِمَارَةَ عَلَى الْعِمَارَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ خَاصَّةً، وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ: الْآيَةُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا
الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَالْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ، وَهَذَا جَوَابُ
ابْنِ عَقِيلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ طَائِفَةً مِنَ النَّصَارَى فِي
[ ص: 493 ] عِمَارَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَمَّرَهُ فِي خِلَافَةِ
الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ .
وَيَتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنَّ الْكَافِرَ إِنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِهِ لِمَ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ . وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ بَاشَرَ بِنَاءَهُ بِنَفْسِهِ بِاسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ جَازَ، فَإِنَّ فِي قَبُولِ الْمُسْلِمِينَ مِنَّةَ الْكُفَّارِ ذُلًّا لِلْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْكُفَّارِ لِلْعَمَلِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ فِيهِ ذُلًّا لِلْكُفَّارِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا - أَيْضًا - عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14265_14295وَصَّى الْكَافِرُ بِمَالٍ لِلْمَسْجِدِ أَوْ بِمَالٍ يُعَمَّرُ بِهِ مَسْجِدٌ أَوْ يُوقَدُ بِهِ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ وَصِيَّتُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي "تَعْلِيقِهِ " فِي مَسْأَلَةِ الْوَقِيدِ، وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" وَذَكَرَهُ
ابْنُ مُزَيَّنٍ فِي كِتَابِ "سِيَرِ الْفُقَهَاءِ" عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى . قَالَ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا ، وَسُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=14265نَصْرَانِيٍّ أَوْصَى بِمَالٍ تُكْسَى بِهِ الْكَعْبَةُ; فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ:
الْكَعْبَةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الْمَسَاجِدُ لَا تَجْرِي عَلَيْهَا وَصَايَا أَهْلِ الْكُفْرِ . وَكَذَلِكَ قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِي قَاضِي الْبَصْرَةِ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ الْمُعَيَّنِ، وَالْمَسَاجِدُ مِنَ الْوَقْفِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ: ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15703حَرْبٌ، عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ : سَأَلْتُ أَبِي عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=23472الْمَرْأَةِ الْفَقِيرَةِ تَجِيءُ إِلَى الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَتُصَدَّقُ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْشَى أَنَّ ذَلِكَ ذِلَّةٌ .
[ ص: 494 ] وَقَالَ
مُهَنَّا: قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِأَحْمَدَ: يَأْخُذُ الْمُسْلِمُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ مِنْ صَدَقَتِهِ شَيْئًا . قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا . فَقَدْ يَكُونُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ فِي كَرَاهَةِ أَخْذِ الْمُسْلِمِ الْمُعَيَّنِ مِنْ صَدَقَةِ الذِّمِّيِّ، وَقَدْ يَكُونُ كَرِهَ السُّؤَالَ، وَرَخَّصَ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا وَقْفُهُمْ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَسَاجِدِ، فَيَتَوَجَّهُ كَرَاهَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ، كَمَا قَالَهُ الْأَنْصَارِيُّ . وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ
كَالْوَاقِدِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ . يُقَالُ لَهُ: مُخَيْرِيقٌ، خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ يُقَاتِلُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: إِنْ أَصَبْتُ فِي وَجْهِي هَذَا فَمَالِي لِمُحَمَّدٍ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَهُ، فَقِيلَ: إِنَّهُ فَرَّقَهَا وَتَصَدَّقَ بِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ حَبَسَهَا وَوَقَفَهَا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابْنُ سَعْدٍ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَفِيهَا ضَعْفٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .