بعد ذلك أمر الله تعالى نبيه أن ينبه المشركين إلى هذا القصص الصادق، وفي هذا التنبيه تهديد لهم فقال تعالى: وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون
المكانة الحال، وما تمكنوا منه، والأمر للتهديد، كما تقول لمن يفعل الشر، افعل ما يبدو لك، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: ، وكما في قوله تعالى: " إن مما أدركه الناس من أقوال النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " اعملوا ما شئتم
فالأمر للتهديد، وعبر الله تعالى عن المشركين بقوله تعالى: للذين لا يؤمنون بفعل المضارع، أي: ليس عن طبيعتهم وكيانهم أن يؤمنوا، فالكافر الجاحد تنحل عقدة الإيمان في قلبه، فلا ينعقد قلبه على إيمان، بل هو جاحد مضطرب الفكر والنفس والقلب تأسره الأهواء المتنازعة، ويسير مع أشدها انحرافا، وأقواها استهواء اعملوا على مكانتكم أي: على حالكم التي أنتم عليها من الغي والضلال والاستكثار من الأموال والأهواء والشهوات، وكل ما تمكنون منه من أهواء وشهوات ومفاسد، وبين أن المؤمنين والنبي عاملون فقال: إنا عاملون أي: مستمرون في حالنا من إيمان وإذعان للحق، وصبر على آذاكم [ ص: 3780 ] والعاقبة ليست واحدة، فأنتم إلى طريق النار وغضب الله، ونحن إلى طريق رضا الله، ولكم عبرة ممن مضوا، وقد علمتم قصصهم.