[ ص: 3794 ] معاني السورة الكريمة
قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنـزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم
* * *
ابتدأ سبحانه وتعالى هذه السورة بحروف صوتية منفردة، ومهما يحاول العلماء أن يفسروها لا يصلون إلى معانيها وهي ظنون يرددونها وليست معاني يستقيم إدراكها، إنها متشابه اختص الله تعالى بعلمه، وقد آمنا به، كل من عند ربنا، ولا ينبغي تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله.
ونتلمس الحكمة في نزول هذه الحروف، فما أنزل الله شيئا إلا لحكمة، وما أنزل شيئا عبثا سبحانه، وإنا نتلمس الحكمة في أمور: [ ص: 3795 ]
الأمر الأول: أنها حروف مفردة لا يعرفها الأمي، ويعرفها الكاتب، فمجيئها على لسان أمي دليل على إعجاز القرآن الكريم.
الأمر الثاني: أنها تشير إلى الإعجاز، فهي تشير إلى أنه مكون من الحروف التي تتكلمون بها، ولكنه معجز، فهو من جنس كلامكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تأتوا بمثله; لأنه فوق طاقتكم، وإن كان قريبا لكنه معجزة.
الأمر الثالث: أن كبار المشركين كانوا قد اتفقوا على أن يلغوا إذا سمعوه ليشغلوا أنفسهم، فكان النبي ومن معه من المؤمنين إذا ابتدءوا يقرأون بهذه الحروف الصوتية قطعوا عليهم كفرهم والتفتوا مستمعين ناقضين ما اتفقوا عليه، كما اتفقوا على ألا يذهبوا ويسمعوا، ثم تبين أن المتفقين على المقاطعة، قد اجتمعوا ليسمعوا.
ولذا يذكر القرآن أمر الكتاب بعد هذه الحروف في كثير من السور التي ابتدئت بها، والله أعلم.