nindex.php?page=treesubj&link=11358_18815_19797_19860_19863_28723_31825_32407_32466_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما
* * *
وبعد هذه الوصايا في إعطاء الضعفاء من اليتامى حقوقهم والإنصاف لهم ذكر سبحانه وصاياه في
nindex.php?page=treesubj&link=15500_32466علاج ما يكون بين الزوجين، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا الخوف توقع الإنسان مكروها يقع به، وقد فسر
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري النشوز بقوله: "يعني استعلاء بنفسه عنها إلى غيرها أثرة عليها وارتفاعا بها عنها، وإما لكراهة
[ ص: 1882 ] منه بعض أشياء بها أو لدمامتها وإما سنها وكبرها، أو غير ذلك من أمورها، والإعراض ألا يؤنسها، وأن يصرف عنها وجهه. وقد قال بعض العلماء: إن الفرق بين النشوز والإعراض أن النشوز تباعد، والإعراض انصراف الوجه وعدم الأنس بها مع القرب منها".
وإن المرأة إذا لاحظت ذلك من زوجها لا تقابل النشوز بمثله ولا الإعراض بالصد، فإن ذلك يوسع الهوة بينهما ويفك الأسرة، وينتهي الأمر إلى شقاق لا لقاء بعده، وإن العلاج في هذه الحالة نفسي يختلف باختلاف قوة النفرة، فإذا كانت لم تستحكم ويمكن أن يتوليا علاجها كان عليهما دينا أن يوليا العلاج، وإذا كان مع النفور خصام كان لا بد من تدخل الغير، لإصلاح ذات البين، وإذا استحكمت النفرة، ولا سبيل للإصلاح فالافتراق، فهذه ثلاثة أنواع. وقد ذكر سبحانه وتعالى علاج المرتبة الأولى، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح ففي هذه المرتبة يكون الواجب الديني
nindex.php?page=treesubj&link=32466على المرأة والرجل أن يعملا بأنفسهما على إصلاح ما بينهما، فتتطامن المرأة للعاصفة ويقرب الرجل امرأته إليه، ويترك شماسه وإعراضه، ويتطامن لأهله، ويعلم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666200 "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، وإن التطامن من الرجل لزوجه لتكون العشرة على مودة ورحمة هو عين العزة، فالكريم لا يذل أهله والذليل هو الذي يهين أهله، وقد لوحظ في التعبير أمور ثلاثة.
أولها: أنه عبر عن طلب الصلح بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما وذلك ترفق في الإيجاب، فعبر عنه بنفي الإثم لكيلا يتوهم أحدهما أن في التساهل عن بعض حقه إثما. والصلح يقتضي أن يتسامح أحد الفريقين في
[ ص: 1883 ] جزء من حقه; لينال خيرا أكثر مما تسامح فيه، فإذا تركت المرأة بعض حقها لتدوم العشرة بالمعروف فذلك لا إثم فيه. بل فيه الخير.
ثانيها: أنه أكد الصلح بقوله: "صلحا" للإشارة إلى أن الصلح في هذا المقام لا يكون صلحا ظاهرا، بل يكون نفسيا، بحيث تتلاقى القلوب وتصفو النفوس، ويحل الوئام محل الخصام، فليس الصلح في هذه الحال إنهاء لمشكلة فقط، بل هو تلاقي القلوب على المودة والرحمة.
ثالثها: أن الله تعالى أكد الصلح بقوله تعالى أولا: "والصلح خير" أي أنه في ذاته خير يعم الطرفين; من تسامح يناله من الخير بمقدار ما تسامح أو بأضعاف ما تسامح، فهو قد أعطى ليأخذ وتساهل لتلزم ولتدوم نعمة الزوجية.
وأكد سبحانه الصلح بدعوة الزوجين ألا يشح أحدهما بالعطاء لرفيقه، ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وأحضرت الأنفس الشح والشح هو البخل، وهو هنا التشاح النفسي بأن يلتزم كل واحد من الزوجين موقفه متمسكا بحقوقه الشكلية، ومعنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وأحضرت الأنفس الشح أن الشح جعل حاضرا لا يغيب عنها ولا تنفك عنه كأنها مطبوعة عليه، وعلى المتصالحين اللذين يريدان التصافي أن يلاحظا هذا ويعالجاه، فهو الداء، وإذا عرف سهل الدواء، وما دام الصلح كاملا يجب اجتثاث الشح الحاضر، ليكون الصفاء الدائم.
وأكد سبحانه وتعالى طلب الصلح ثالثا بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا في هذا النص الكريم
nindex.php?page=treesubj&link=18905علاج لشح النفس إذا حضر، ولوقوف كل في الجانب الذي يحفظ به حقوقه، ولا يتحرك، فإن العلاج لهذه الحال هو الإحسان، فليكن محسنا بدل أن يكون ملحفا، فإذا كان الإحسان ذهب التشاح، والعلاقات في الأسرة لا تبنى على الظاهر، بل تبنى على القلوب، والقلوب لا يطهرها إلا تقوى الله في المعاملة، إذ إن المعاملة الطيبة، والإحسان وزيادة العطف وتقوى الله هي البلسم الشافي من الشح النفسي الذي يعتري ما يكون بين الزوجين.
[ ص: 1884 ] وإن الله تعالى قد وعد بالثواب العظيم لمن يحسن ويلاحظ تقوى الله تعالى في المعاملة من الزوجين; لأن الله تعالى يعلم علما دقيقا لا يغادر شيئا، وهو علم مستمر دائم يليق بجلاله سبحانه، وهذا معنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فإن الله كان بما تعملون خبيرا وإذا كان عليما علما دقيقا بما يعملون، فإنه هو الذي يجازي بمقتضى علمه، فإذا تسامح أحد الزوجين، فإنه مثاب في الآخرة، فإذا كان قد تسامح في بعض حقه الدنيوي، فإنه سيضاعف له الجزاء في الآخرة.
وإنه في الحياة الزوجية تحقيق العدالة الكاملة غير ممكن، ولذا وجب التسامح، فقال تعالى.
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=11358_18815_19797_19860_19863_28723_31825_32407_32466_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا
* * *
وَبَعْدَ هَذِهِ الْوَصَايَا فِي إِعْطَاءِ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْيَتَامَى حُقُوقَهُمْ وَالْإِنْصَافِ لَهُمْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَصَايَاهُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=15500_32466عِلَاجِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا الْخَوْفُ تَوَقُّعُ الْإِنْسَانِ مَكْرُوهًا يَقَعُ بِهِ، وَقَدْ فَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ النُّشُوزَ بِقَوْلِهِ: "يَعْنِي اسْتِعْلَاءٌ بِنَفْسِهِ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا أَثَرَةً عَلَيْهَا وَارْتِفَاعًا بِهَا عَنْهَا، وَإِمَّا لِكَرَاهَةٍ
[ ص: 1882 ] مِنْهُ بَعْضَ أَشْيَاءَ بِهَا أَوْ لِدَمَامَتِهَا وَإِمَّا سَنِّهَا وَكِبَرِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهَا، وَالْإِعْرَاضُ أَلَّا يُؤْنِسَهَا، وَأَنْ يَصْرِفَ عَنْهَا وَجْهَهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النُّشُوزِ وَالْإِعْرَاضِ أَنَّ النُّشُوزَ تَبَاعُدٌ، وَالْإِعْرَاضَ انْصِرَافُ الْوَجْهِ وَعَدَمُ الْأُنْسِ بِهَا مَعَ الْقُرْبِ مِنْهَا".
وَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا لَاحَظَتْ ذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا لَا تُقَابِلُ النُّشُوزَ بِمِثْلِهِ وَلَا الْإِعْرَاضَ بِالصَّدِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوَسِّعُ الْهُوَّةَ بَيْنَهُمَا وَيَفُكُّ الْأُسْرَةَ، وَيَنْتَهِي الْأَمْرُ إِلَى شِقَاقٍ لَا لِقَاءَ بَعْدَهُ، وَإِنَّ الْعِلَاجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَفْسِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قُوَّةِ النُّفْرَةِ، فَإِذَا كَانَتْ لَمْ تَسْتَحْكِمْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَلَّيَا عِلَاجَهَا كَانَ عَلَيْهِمَا دِينًا أَنْ يُوَلِّيَا الْعِلَاجَ، وَإِذَا كَانَ مَعَ النُّفُورِ خِصَامٌ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَدَخُّلِ الْغَيْرِ، لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَإِذَا اسْتَحْكَمَتِ النُّفْرَةِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْإِصْلَاحِ فَالِافْتِرَاقُ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ. وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِلَاجَ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ فَفِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ يَكُونُ الْوَاجِبُ الدِّينِيُّ
nindex.php?page=treesubj&link=32466عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ أَنْ يَعْمَلَا بِأَنْفُسِهِمَا عَلَى إِصْلَاحِ مَا بَيْنَهُمَا، فَتَتَطَامَنُ الْمَرْأَةُ لِلْعَاصِفَةِ وَيُقَرِّبُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَيْهِ، وَيَتْرُكُ شِمَاسَهُ وَإِعْرَاضَهُ، وَيَتَطَامَنُ لِأَهْلِهِ، وَيَعْلَمُ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666200 "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"، وَإِنَّ التَّطَامُنَ مِنَ الرَّجُلِ لِزَوْجِهِ لِتَكُونَ الْعِشْرَةُ عَلَى مَوَدَّةٍ وَرَحْمَةٍ هُوَ عَيْنُ الْعِزَّةِ، فَالْكَرِيمُ لَا يُذِلُّ أَهْلَهُ وَالذَّلِيلُ هُوَ الَّذِي يُهِينُ أَهْلَهُ، وَقَدْ لُوحِظَ فِي التَّعْبِيرِ أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ.
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ طَلَبِ الصُّلْحِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ تَرَفُّقٌ فِي الْإِيجَابِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِنَفْيِ الْإِثْمِ لِكَيْلَا يَتَوَهَّمَ أَحَدُهُمَا أَنَّ فِي التَّسَاهُلِ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ إِثْمًا. وَالصُّلْحُ يَقْتَضِي أَنْ يَتَسَامَحَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ فِي
[ ص: 1883 ] جُزْءٍ مِنْ حَقِّهِ; لِيَنَالَ خَيْرًا أَكْثَرَ مِمَّا تَسَامَحَ فِيهِ، فَإِذَا تَرَكَتِ الْمَرْأَةُ بَعْضَ حَقِّهَا لِتَدُومَ الْعِشْرَةُ بِالْمَعْرُوفِ فَذَلِكَ لَا إِثْمَ فِيهِ. بَلْ فِيهِ الْخَيْرُ.
ثَانِيهَا: أَنَّهُ أَكَّدَ الصُّلْحَ بِقَوْلِهِ: "صُلْحًا" لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الصُّلْحَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَكُونُ صُلْحًا ظَاهِرًا، بَلْ يَكُونُ نَفْسِيًّا، بِحَيْثُ تَتَلَاقَى الْقُلُوبُ وَتَصْفُو النُّفُوسُ، وَيَحِلُّ الْوِئَامُ مَحَلَّ الْخِصَامِ، فَلَيْسَ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الْحَالِ إِنْهَاءً لِمُشْكِلَةٍ فَقَطْ، بَلْ هُوَ تَلَاقِي الْقُلُوبِ عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ.
ثَالِثُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكَدَّ الصُّلْحَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوَّلًا: "وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" أَيْ أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ خَيْرٌ يَعُمُّ الطَّرَفَيْنِ; مَنْ تَسَامَحَ يَنَالُهُ مِنَ الْخَيْرِ بِمِقْدَارِ مَا تَسَامَحَ أَوْ بِأَضْعَافِ مَا تَسَامَحَ، فَهُوَ قَدْ أَعْطَى لِيَأْخُذَ وَتَسَاهَلَ لِتَلْزَمَ وَلِتَدُومَ نِعْمَةُ الزَّوْجِيَّةُ.
وَأَكَّدَ سُبْحَانَهُ الصُّلْحَ بِدَعْوَةِ الزَّوْجَيْنِ أَلَّا يَشِحَّ أَحَدُهُمَا بِالْعَطَاءِ لِرَفِيقِهِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَالشُّحُّ هُوَ الْبُخْلُ، وَهُوَ هُنَا التَّشَاحُّ النَّفْسِيُّ بِأَنْ يَلْتَزِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَوْقِفَهُ مُتَمَسِّكًا بِحُقُوقِهِ الشَّكْلِيَّةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ أَنَّ الشُّحَّ جُعِلَ حَاضِرًا لَا يَغِيبُ عَنْهَا وَلَا تَنْفَكُّ عَنْهُ كَأَنَّهَا مَطْبُوعَةٌ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمُتَصَالِحَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرِيدَانِ التَّصَافِيَ أَنْ يُلَاحِظَا هَذَا وَيُعَالِجَاهُ، فَهُوَ الدَّاءُ، وَإِذَا عُرِفَ سَهُلَ الدَّوَاءُ، وَمَا دَامَ الصُّلْحُ كَامِلًا يَجِبُ اجْتِثَاثُ الشُّحِّ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ الصَّفَاءُ الدَّائِمُ.
وَأَكَّدَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى طَلَبَ الصُّلْحِ ثَالِثًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا فِي هَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=18905عِلَاجٌ لِشُحِّ النَّفْسِ إِذَا حَضَرَ، وَلِوُقُوفِ كُلٍّ فِي الْجَانِبِ الَّذِي يَحْفَظُ بِهِ حُقُوقَهُ، وَلَا يَتَحَرَّكُ، فَإِنَّ الْعِلَاجَ لِهَذِهِ الْحَالِ هُوَ الْإِحْسَانُ، فَلْيَكُنْ مُحْسِنًا بَدَلَ أَنْ يَكُونَ مُلْحِفًا، فَإِذَا كَانَ الْإِحْسَانُ ذَهَبَ التَّشَاحُّ، وَالْعَلَاقَاتُ فِي الْأُسْرَةِ لَا تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ، بَلْ تُبْنَى عَلَى الْقُلُوبِ، وَالْقُلُوبُ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا تَقْوَى اللَّهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، إِذْ إِنَّ الْمُعَامَلَةَ الطَّيِّبَةَ، وَالْإِحْسَانَ وَزِيَادَةَ الْعَطْفِ وَتَقْوَى اللَّهِ هِيَ الْبَلْسَمُ الشَّافِي مِنَ الشُّحِّ النَّفْسِيِّ الَّذِي يَعْتَرِي مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
[ ص: 1884 ] وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ لِمَنْ يُحْسِنُ وَيُلَاحِظُ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُعَامَلَةِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ عِلْمًا دَقِيقًا لَا يُغَادِرُ شَيْئًا، وَهُوَ عِلْمٌ مُسْتَمِرٌّ دَائِمٌ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا وَإِذَا كَانَ عَلِيمًا عِلْمًا دَقِيقًا بِمَا يَعْمَلُونَ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجَازِي بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ، فَإِذَا تَسَامَحَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنَّهُ مُثَابٌ فِي الْآخِرَةِ، فَإِذَا كَانَ قَدْ تَسَامَحَ فِي بَعْضِ حَقِّهِ الدُّنْيَوِيِّ، فَإِنَّهُ سَيُضَاعَفُ لَهُ الْجَزَاءُ فِي الْآخِرَةِ.
وَإِنَّهُ فِي الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ تَحْقِيقُ الْعَدَالَةِ الْكَامِلَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلِذَا وَجَبَ التَّسَامُحُ، فَقَالَ تَعَالَى.
* * *