الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 227 ] قال ( ومن أسلم عشرة دراهم في كر حنطة ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المسلم إليه ولا يعود السلم ) لأن الإقالة في باب السلم لا تحتمل النقض لأنه إسقاط فلا يعود السلم ، بخلاف الإقالة في البيع ; ألا ترى أن رأس مال السلم لو كان عرضا فرده بالعيب وهلك قبل التسليم إلى رب السلم لا يعود السلم ولو كان ذلك في بيع العين يعود البيع دل على الفرق بينهما .

التالي السابق


( قال ) أي محمد في بيوع الجامع الصغير ( ومن أسلم عشرة دراهم في كر حنطة ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن ) أي في رأس المال فقال المسلم إليه : كان رأس المال خمسة وقال رب السلم : كان عشرة ( فالقول قول المسلم إليه ) أي مع يمينه ، لأن رب السلم يدعي عليه زيادة وهو ينكر ( ولا يعود السلم ) أي لا يتحالفان ولا يعود السلم ( لأن الإقالة في باب السلم لا تحتمل النقض ) أي الفسخ : يعني أن المقصود من التحالف الفسخ . وإليه الإشارة النبوية بقوله عليه الصلاة والسلام { تحالفا وترادا } والإقالة في باب السلم لا تحتمله ( لأنه ) أي الإقالة في باب السلم ذكر الضمير بتأويل التقايل ( إسقاط ) للمسلم فيه وهو دين والدين الساقط لا يعود ( فلا يعود السلم ، بخلاف الإقالة في البيع ) فإنها تحتمل الفسخ ويعود المبيع إلى المشتري بعد عوده إلى البائع لكونه معينا قائما ، ( ونور هذا بقوله : ألا ترى أن رأس مال السلم لو كان عرضا فرده بالعيب ) أي فقضى القاضي بالرد بالعيب على رب السلم ( وهلك ) أي في يد المسلم إليه ( قبل التسليم إلى رب السلم لا يعود السلم ، ولو كان ذلك في بيع العين يعود البيع ، دل ) أي دل هذا الذي ذكر ( على الفرق بينهما ) أي بين السلم والبيع .

فإن قيل : ما الفرق لمحمد بين إقالة السلم وبين ما إذا هلكت السلعة ثم اختلفا في مقدار الثمن فإنهما يتحالفان فيما إذا هلكت السلعة ، ولا يتحالفان في إقالة السلم إذا اختلفا في مقدار رأس المال وإن فات المعقود عليه في الفصلين جميعا ؟ قلنا : الإقالة في السلم قيل : قبض المسلم فيه فسخ من كل وجه ، والتحالف بعد هلاك السلعة يجري في البيع لا في الفسخ ، كذا في النهاية ومعراج الدراية نقلا عن الفوائد الظهيرية .




الخدمات العلمية