رفعت " امرأة " بإضمار فعل يفسره ما بعده ، وإنما يحسن هذا في " إن " ؛ لقوتها في باب المجازاة وإذا كان الفعل ماضيا ، وهو يجوز في المستقبل في الشعر ، وأنشد : سيبويه
وإذا واغل ينبهم يحيو ه وتعطف عليه كأس الساقي
وقول من قال : " خفت بمعنى تيقنت " خطأ . قال : المعنى وإن امرأة خافت من بعلها دوام النشوز . قال أبو إسحاق : الفرق بين النشوز والإعراض : أن النشوز التباعد ، والإعراض أن لا يكلمها ولا يأنس بها . ( فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا ) هذه قراءة المدنيين ، وقرأ الكوفيون : ( أن يصلحا ) ، وقرأ أبو جعفر عاصم الجحدري : ( أن يصلحا ) بفتح الياء وتشديد الصاد وفتحها ، وقرؤوا كلهم " صلحا " ، [ ص: 493 ] إلا أنه روي عن أنه قرأ : ( إلا أن يصلحا بينهما إصلاحا ) قال الأعمش : وهذا كله محمول على المعنى ، كما يقال : هو يدعه تركا . فمن قال : " يصلحا " فالمصدر " إصلاحا " على قوله : وصلح اسم . ومن قال : " يصالحا " فالمصدر " إصلاحا " ، والأصل : " تصالحا " ثم أدغم . ومن قال : " يصلحا " فالأصل عنده : يصطلحا اصطلاحا ، ثم يدغم ، ونظيره قول الشاعر : أبو جعفر
ورضت فذلت صعبة أي إذلال
وقال آخر :
وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا
لأن معنى تتبعه وتتبعه واحد . وللنحويين في هذا قولان ؛ فمنهم من يقول : العامل فيه فعل محذوف ، والمعنى : إلا أن يصالحا بينهما ، فيصلح الأمر صلحا ، فعلى هذا القول لا يكنى عن المصدر متصلا . ومنهم من يقول : العامل فيه الأول ، والكلام محمول على المعنى ، فهذا يكنى عنه متصلا ، وهذا يقع مشروحا في باب الألف واللام . والصلح خير ابتداء وخبر وأحضرت الأنفس الشح أي تشح بما لها فيه من المنفعة . وإن تحسنوا وتتقوا أي وإن تؤثروا الإحسان والتقوى فتجملوا العشرة فإن الله كان بما تعملون خبيرا وإذا خبره جازى عليه .