بنيت مرافقهن فوق مزلة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا
أي: قيلولة؛ ومعنى الآية أن العرب كانت تفعل في أمر الحائض ما كانت تفعل المجوس؛ فكانوا يجتنبون تكليفها عمل أي شيء؛ وتجتنب في الجماع؛ وسائر ما تكلفه النساء؛ يريدون أنها نجس؛ فأعلم الله أن الذي ينبغي أن يجتنب منها بضع فقط؛ وأنها لا تنجس شيئا؛ وأعلم أن المحيض أذى؛ أي: مستقذر؛ ونهى أن تقرب المرأة حتى تتطهر من حيضها بالماء؛ بعد أن تطهر من الدم؛ أي: تنقى منه؛ فقال: ولا تقربوهن حتى يطهرن ؛ المعنى: يتطهرن؛ أي: يغتسلن بالماء؛ بعد انقطاع الدم؛ وقرئت: " حتى يطهرن " ؛ ولكن فإذا تطهرن ؛ يدل على " ولا تقربوهن حتى يطهرن " ؛ وكلاهما - " يطهرن " ؛ و " يطهرن " ؛ وقرئ بهما - جيدان؛ ويقال: " طهرت " ؛ و " طهرت " ؛ جميعا؛ و " طهرت " ؛ أكثر. وقوله - عز وجل -: فأتوهن من حيث أمركم الله ؛ أي: من الجهات التي يحل فيها أن تقرب المرأة؛ ولا تقربوهن من حيث لا يجب؛ أعني: ولا تقربوهن صاحبات؛ ولا عشيقات؛ وقد قيل في التفسير: " من حيث أمركم الله " : في الفروج؛ ولا يجوز أن والذي يروى عن يقربن في الدبر؛ ليس بصحيح؛ لأن إجماع المسلمين أن الوطء حيث يبتغى [ ص: 298 ] النسل؛ وأن أمر الدبر فاحشة؛ وقد جاء الحديث مالك أن محاش النساء حرام ؛ ويكنى به عن الدبر.