[ ص: 12 ] - 2 - القرآن
من فضل الله على الإنسان أنه لم يتركه في الحياة يستهدي بما أودعه الله فيه من فطرة سليمة ، تقوده إلى الخير ، وترشده إلى البر فحسب ، بل بعث إليه بين فترة وأخرى رسولا يحمل من الله كتابا يدعوه إلى عبادة الله وحده ، ويبشر وينذر ، لتقوم عليه الحجة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
وظلت الإنسانية -في تطورها ورقيها الفكري- والوحي يعاودها بما يناسبها ويحل مشكلاتها الوقتية في نطاق قوم كل رسول ، حتى اكتمل نضجها ، وأراد الله لرسالة
محمد -صلى الله عليه وسلم- أن تشرق على الوجود ، فبعثه على فترة من الرسل . ليكمل صرح إخوانه الرسل السابقين بشريعته العامة الخالدة ، وكتابه المنزل عليه ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28899القرآن الكريم . . .
nindex.php?page=hadith&LINKID=653271 " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون منه ، ويقولون : لولا هذه اللبنة ، فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين " .
فالقرآن رسالة الله إلى الإنسانية كافة وقد تواترت النصوص الدالة على ذلك في الكتاب والسنة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا . .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=913146 " وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة " ، ولن يأتي بعده رسالة
[ ص: 13 ] أخرى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .
فلا غرو من أن يأتي القرآن وافيا بجميع مطالب الحياة الإنسانية على الأسس الأولى للأديان السماوية :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه . .
وتحدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العرب بالقرآن ، وقد نزل بلسانهم ، وهم أرباب الفصاحة والبيان ، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور مثله ، أو بسورة من مثله ، فثبت له الإعجاز ، وبإعجازه ثبتت الرسالة .
وكتب الله له الحفظ والنقل المتواتر دون تحريف أو تبديل ، فمن
nindex.php?page=treesubj&link=29753أوصاف جبريل الذي نزل به :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين ، ومن أوصافه وأوصاف المنزل عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19إنه لقول رسول كريم nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=20ذي قوة عند ذي العرش مكين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مطاع ثم أمين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وما صاحبكم بمجنون nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=23ولقد رآه بالأفق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وما هو على الغيب بضنين ،
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إنه لقرآن كريم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78في كتاب مكنون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=79لا يمسه إلا المطهرون . .
ولم تكن هذه الميزة لكتاب آخر من الكتب السابقة لأنها جاءت موقوتة بزمن خاص ، وصدق الله إذ يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
وتجاوزت رسالة القرآن الإنس إلى الجن :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به . .
[ ص: 14 ] والقرآن بتلك الخصائص يعالج المشكلات الإنسانية في شتى مرافق الحياة ، الروحية والعقلية والبدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية علاجا حكيما ، لأنه تنزيل الحكيم الحميد ، ويضع لكل مشكلة بلسمها الشافي في أسس عامة ، تترسم الإنسانية خطاها ، وتبني عليها في كل عصر ما يلائمها ، فاكتسب بذلك صلاحيته لكل زمان ومكان ، فهو دين الخلود ، وما أروع ما قاله داعية الإسلام في القرن الرابع عشر : "
nindex.php?page=treesubj&link=28640الإسلام نظام شامل ، يتناول مظاهر الحياة جميعا ، فهو دولة ووطن ، أو حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة ، أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون ، أو علم وقضاء ، وهو مادة وثروة ، أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة ، أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة صادقة ، وعبادة صحيحة سواء بسواء " .
والإنسانية المعذبة اليوم في ضميرها ، المضطربة في أنظمتها ، المتداعية في أخلاقها ، لا عاصم لها من الهاوية التي تتردى فيها إلا القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=123فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى .
والمسلمون هم وحدهم الذين يحملون المشعل وسط دياجير النظم والمبادئ الأخرى ، فحري بهم أن ينفضوا أيديهم من كل بهرج زائف ، وأن يقودوا الإنسانية الحائرة بالقرآن الكريم حتى يأخذوا بيدها إلى شاطئ السلام . وكما كانت لهم الدولة بالقرآن في الماضي . فإنها كذلك لن تكون لهم إلا به في الحاضر .
nindex.php?page=treesubj&link=20752تعريف القرآن :
" قرأ " : تأتي بمعنى الجمع والضم ، والقراءة : ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل ، والقرآن في الأصل كالقراءة : مصدر قرأ قراءة وقرآنا . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إن علينا جمعه وقرآنه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . أي قراءته
[ ص: 15 ] ، فهو مصدر على وزن " فعلان " بالضم : كالغفران والشكران ، تقول : قرأته قرءا وقراءة وقرآنا ، بمعنى واحد . سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر .
وقد خص القرآن بالكتاب المنزل على
محمد -صلى الله عليه وسلم- فصار له كالعلم الشخصي .
ويطلق بالاشتراك اللفظي على مجموع القرآن ، وعلى كل آية من آياته ، فإذا سمعت من يتلو آية من القرآن صح أن تقول إنه يقرأ القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا . .
وذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله لكونه جامعا لثمرة كتبه ، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم . كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء . .
وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ القرآن غير مهموز الأصل في الاشتقاق ، إما لأنه وضع علما مرتجلا على الكلام المنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس مشتقا من " قرأ " ، وإما لأنه من قرن الشيء بالشيء إذا ضمه إليه ، أو من القرائن لأن آياته يشبه بعضها بعضا فالنون أصلية ، وهذا رأي مرجوح ، والصواب الأول .
والقرآن الكريم يتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص . بحيث يكون تعريفه حدا حقيقيا ، والحد الحقيقي له هو استحضاره معهودا في الذهن أو مشاهدا بالحس كأن تشير إليه مكتوبا في المصحف أو مقروءا باللسان فتقول : هو ما بين هاتين الدفتين ، أو تقول : هو من
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=6من الجنة والناس . .
[ ص: 16 ] ويذكر العلماء تعريفا له يقرب معناه ويميزه عن غيره ، فيعرفونه بأنه : "
nindex.php?page=treesubj&link=28424_28425_28742كلام الله ، المنزل على
محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته " . فـ " الكلام " جنس في التعريف ، يشمل كل كلام ، وإضافته إلى " الله " يخرج كلام غيره من الإنس والجن والملائكة .
و " المنزل " يخرج كلام الله الذي استأثر به سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله .
وتقييد المنزل بكونه " على محمد صلى الله عليه وسلم " يخرج ما أنزل على الأنبياء قبله كالتوراة والإنجيل وغيرهما .
و " المتعبد بتلاوته " يخرج قراءات الآحاد ، والأحاديث القدسية -إن قلنا إنها منزلة من عند الله بألفاظها- لأن التعبد بتلاوته معناه الأمر بقراءته في الصلاة وغيرها على وجه العبادة ، وليست قراءة الآحاد والأحاديث القدسية كذلك .
"
[ ص: 12 ] - 2 - الْقُرْآنُ
مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُ فِي الْحَيَاةِ يَسْتَهْدِي بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ ، تَقُودُهُ إِلَى الْخَيْرِ ، وَتُرْشِدُهُ إِلَى الْبِرِّ فَحَسْبُ ، بَلْ بَعَثَ إِلَيْهِ بَيْنَ فَتْرَةٍ وَأُخْرَى رَسُولًا يَحْمِلُ مِنَ اللَّهِ كِتَابًا يَدْعُوهُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ ، وَيُبَشِّرُ وَيُنْذِرُ ، لِتَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ .
وَظَلَّتِ الْإِنْسَانِيَّةُ -فِي تَطَوُّرِهَا وَرُقِيِّهَا الْفِكْرِيِّ- وَالْوَحْيُ يُعَاوِدُهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا وَيَحُلُّ مُشْكِلَاتِهَا الْوَقْتِيَّةَ فِي نِطَاقِ قَوْمِ كُلِّ رَسُولٍ ، حَتَّى اكْتَمَلَ نُضْجُهَا ، وَأَرَادَ اللَّهُ لِرِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُشْرِقَ عَلَى الْوُجُودِ ، فَبَعَثَهُ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ . لِيُكْمِلَ صَرْحَ إِخْوَانِهِ الرُّسُلِ السَّابِقِينَ بِشَرِيعَتِهِ الْعَامَّةِ الْخَالِدَةِ ، وَكِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28899الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ . . .
nindex.php?page=hadith&LINKID=653271 " مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ ، وَيَعْجَبُونَ مِنْهُ ، وَيَقُولُونَ : لَوْلَا هَذِهِ اللَّبِنَةُ ، فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ " .
فَالْقُرْآنُ رِسَالَةُ اللَّهِ إِلَى الْإِنْسَانِيَّةِ كَافَّةً وَقَدْ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا . .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=913146 " وَكَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً " ، وَلَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ رِسَالَةٌ
[ ص: 13 ] أُخْرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ .
فَلَا غَرْوَ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْقُرْآنُ وَافِيًا بِجَمِيعِ مَطَالِبِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ عَلَى الْأُسُسِ الْأُولَى لِلْأَدْيَانِ السَّمَاوِيَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينِ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ . .
وَتَحَدَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَرَبَ بِالْقُرْآنِ ، وَقَدْ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ ، وَهُمْ أَرْبَابُ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ ، فَعَجَزُوا عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ، أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، فَثَبَتَ لَهُ الْإِعْجَازُ ، وَبِإِعْجَازِهِ ثَبَتَتِ الرِّسَالَةُ .
وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ الْحِفْظَ وَالنَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ دُونَ تَحْرِيفٍ أَوْ تَبْدِيلٍ ، فَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29753أَوْصَافِ جِبْرِيلَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، وَمِنْ أَوْصَافِهِ وَأَوْصَافِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=20ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=23وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=79لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ . .
وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمِيزَةُ لِكِتَابٍ آخَرَ مِنَ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ مَوْقُوتَةً بِزَمَنٍ خَاصٍّ ، وَصَدَقَ اللَّهُ إِذْ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .
وَتَجَاوَزَتْ رِسَالَةُ الْقُرْآنِ الْإِنْسَ إِلَى الْجِنِّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ . .
[ ص: 14 ] وَالْقُرْآنُ بِتِلْكَ الْخَصَائِصِ يُعَالِجُ الْمُشْكِلَاتِ الْإِنْسَانِيَّةَ فِي شَتَّى مَرَافِقِ الْحَيَاةِ ، الرُّوحِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ عِلَاجًا حَكِيمًا ، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ الْحَكِيمِ الْحَمِيدِ ، وَيَضَعُ لِكُلِّ مُشْكِلَةٍ بَلْسَمَهَا الشَّافِيَ فِي أُسُسٍ عَامَّةٍ ، تَتَرَسَّمُ الْإِنْسَانِيَّةُ خُطَاهَا ، وَتَبْنِي عَلَيْهَا فِي كُلِّ عَصْرٍ مَا يُلَائِمُهَا ، فَاكْتَسَبَ بِذَلِكَ صَلَاحِيَّتَهُ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، فَهُوَ دِينُ الْخُلُودِ ، وَمَا أَرْوَعَ مَا قَالَهُ دَاعِيَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=28640الْإِسْلَامُ نِظَامٌ شَامِلٌ ، يَتَنَاوَلُ مَظَاهِرَ الْحَيَاةِ جَمِيعًا ، فَهُوَ دَوْلَةٌ وَوَطَنٌ ، أَوْ حُكُومَةٌ وَأُمَّةٌ ، وَهُوَ خُلُقٌ وَقُوَّةٌ ، أَوْ رَحْمَةٌ وَعَدَالَةٌ ، وَهُوَ ثَقَافَةٌ وَقَانُونٌ ، أَوْ عِلْمٌ وَقَضَاءٌ ، وَهُوَ مَادَّةٌ وَثَرْوَةٌ ، أَوْ كَسْبٌ وَغِنًى ، وَهُوَ جِهَادٌ وَدَعْوَةٌ ، أَوْ جَيْشٌ وَفِكْرَةٌ ، كَمَا هُوَ عَقِيدَةٌ صَادِقَةٌ ، وَعِبَادَةٌ صَحِيحَةٌ سَوَاءً بِسَوَاءٍ " .
وَالْإِنْسَانِيَّةُ الْمُعَذَّبَةُ الْيَوْمَ فِي ضَمِيرِهَا ، الْمُضْطَرِبَةُ فِي أَنْظِمَتِهَا ، الْمُتَدَاعِيَةُ فِي أَخْلَاقِهَا ، لَا عَاصِمَ لَهَا مِنَ الْهَاوِيَةِ الَّتِي تَتَرَدَّى فِيهَا إِلَّا الْقُرْآنُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=123فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
وَالْمُسْلِمُونَ هُمْ وَحْدَهُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْمَشْعَلَ وَسَطَ دَيَاجِيرِ النُّظُمِ وَالْمَبَادِئِ الْأُخْرَى ، فَحَرِيٌّ بِهِمْ أَنْ يَنْفُضُوا أَيْدِيَهُمْ مِنْ كَلِّ بِهَرْجٍ زَائِفٍ ، وَأَنْ يَقُودُوا الْإِنْسَانِيَّةَ الْحَائِرَةَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حَتَّى يَأْخُذُوا بِيَدِهَا إِلَى شَاطِئِ السَّلَامِ . وَكَمَا كَانَتْ لَهُمُ الدَّوْلَةُ بِالْقُرْآنِ فِي الْمَاضِي . فَإِنَّهَا كَذَلِكَ لَنْ تَكُونَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ فِي الْحَاضِرِ .
nindex.php?page=treesubj&link=20752تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ :
" قَرَأَ " : تَأْتِي بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَالضَّمِّ ، وَالْقِرَاءَةُ : ضَمُّ الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي التَّرْتِيلِ ، وَالْقُرْآنُ فِي الْأَصْلِ كَالْقِرَاءَةِ : مَصْدَرُ قَرَأَ قِرَاءَةً وَقُرْآنًا . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . أَيْ قِرَاءَتَهُ
[ ص: 15 ] ، فَهُوَ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ " فُعْلَانٍ " بِالضَّمِّ : كَالْغُفْرَانِ وَالشُّكْرَانِ ، تَقُولُ : قَرَأْتُهُ قَرْءًا وَقِرَاءَةً وَقُرْآنًا ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ . سُمِّيَ بِهِ الْمَقْرُوءُ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ .
وَقَدْ خُصَّ الْقُرْآنُ بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ عَلَى
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَارَ لَهُ كَالْعَلَمِ الشَّخْصِيِّ .
وَيُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ عَلَى مَجْمُوعِ الْقُرْآنِ ، وَعَلَى كُلِّ آيَةٍ مِنْ آيَاتِهِ ، فَإِذَا سَمِعْتَ مَنْ يَتْلُو آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ صَحَّ أَنْ تَقُولَ إِنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا . .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذَا الْكِتَابِ قُرْآنًا مِنْ بَيْنِ كُتُبِ اللَّهِ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِثَمَرَةِ كُتُبِهِ ، بَلْ لِجَمْعِهِ ثَمَرَةَ جَمِيعِ الْعُلُومِ . كَمَا أَشَارَ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ . .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَهْمُوزِ الْأَصْلِ فِي الِاشْتِقَاقِ ، إِمَّا لِأَنَّهُ وُضِعَ عَلَمًا مُرْتَجَلًا عَلَى الْكَلَامِ الْمُنَزَّلِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَيْسَ مُشْتَقًّا مِنْ " قَرَأَ " ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ مِنْ قَرَنَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا ضَمَّهُ إِلَيْهِ ، أَوْ مِنَ الْقَرَائِنِ لِأَنَّ آيَاتِهِ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَالنُّونُ أَصْلِيَّةٌ ، وَهَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ .
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يَتَعَذَّرُ تَحْدِيدُهُ بِالتَّعَارِيفِ الْمَنْطِقِيَّةِ ذَاتِ الْأَجْنَاسِ وَالْفُصُولِ وَالْخَوَاصِّ . بِحَيْثُ يَكُونُ تَعْرِيفُهُ حَدًّا حَقِيقِيًّا ، وَالْحَدُّ الْحَقِيقِيُّ لَهُ هُوَ اسْتِحْضَارُهُ مَعْهُودًا فِي الذِّهْنِ أَوْ مُشَاهَدًا بِالْحِسِّ كَأَنْ تُشِيرُ إِلَيْهِ مَكْتُوبًا فِي الْمُصْحَفِ أَوْ مَقْرُوءًا بِاللِّسَانِ فَتَقُولُ : هُوَ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الدَّفَّتَيْنِ ، أَوْ تَقُولُ : هُوَ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=6مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ . .
[ ص: 16 ] وَيَذْكُرُ الْعُلَمَاءُ تَعْرِيفًا لَهُ يُقَرِّبُ مَعْنَاهُ وَيُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ ، فَيُعَرِّفُونَهُ بِأَنَّهُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=28424_28425_28742كَلَامُ اللَّهِ ، الْمُنَزَّلُ عَلَى
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ " . فَـ " الْكَلَامُ " جِنْسٌ فِي التَّعْرِيفِ ، يَشْمَلُ كُلَّ كَلَامٍ ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى " اللَّهِ " يُخْرِجُ كَلَامَ غَيْرِهِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ .
وَ " الْمُنَزَّلُ " يُخْرِجُ كَلَامَ اللَّهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ بِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ .
وَتَقْيِيدُ الْمُنَزَّلِ بِكَوْنِهِ " عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُخْرِجُ مَا أُنْزِلَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَغَيْرِهِمَا .
وَ " الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ " يُخْرِجُ قِرَاءَاتِ الْآحَادِ ، وَالْأَحَادِيثَ الْقُدْسِيَّةَ -إِنْ قُلْنَا إِنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِأَلْفَاظِهَا- لِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِتِلَاوَتِهِ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِقِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ ، وَلَيْسَتْ قِرَاءَةُ الْآحَادِ وَالْأَحَادِيثُ الْقُدْسِيَّةُ كَذَلِكَ .
"