[ ص: 5 ] - 1 -
nindex.php?page=treesubj&link=29568_28960التعريف بالعلم
وبيان نشأته وتطوره
nindex.php?page=treesubj&link=28899القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز ، أنزله الله على رسولنا
محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم ، فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته -وهم عرب خلص- فيفهمونه بسليقتهم ، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها .
روى الشيخان وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684253 " لما نزلت هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ، شق ذلك على الناس ، فقالوا : يا رسول الله ، وأينا لا يظلم نفسه ؟ قال : " إنه ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ، إنما هو الشرك " .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر لهم بعض الآيات .
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره
nindex.php?page=hadith&LINKID=660549عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو على المنبر : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، " ألا إن القوة الرمي " .
وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظه وفهمه ، وكان ذلك شرفا لهم .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : " كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا " أي عظم .
وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه .
[ ص: 6 ] روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ،
nindex.php?page=showalam&ids=7كعثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " .
ولم يأذن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662334 " لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " .
ولئن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما .
جاءت خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه ، واقتضت الدواعي -التي سنذكرها فيما بعد- إلى جمع المسلمين على مصحف واحد ، فتم ذلك ، وسمي بالمصحف الإمام ، وأرسلت نسخ منه إلى الأمصار ، وسميت كتابته بالرسم العثماني ، نسبة إليه ، ويعتبر هذا بداية " لعلم
nindex.php?page=treesubj&link=28885رسم القرآن " .
ثم كانت خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي -رضي الله عنه- فوضع
nindex.php?page=showalam&ids=11822أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو ، صيانة لسلامة النطق ، وضبطا للقرآن الكريم ، ويعتبر هذا كذلك بداية لـ "
nindex.php?page=treesubj&link=28908علم إعراب القرآن " .
[ ص: 7 ] استمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم ، لتفاوت قدرتهم على الفهم ، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين .
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=29571أشهر المفسرين من الصحابة : الخلفاء الأربعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير .
وقد كثرت الرواية في التفسير عن :
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، وما روي عنهم لا يتضمن تفسيرا كاملا للقرآن ، وإنما يقتصر على معاني بعض الآيات ، بتفسير غامضها ، وتوضيح مجملها .
أما التابعون ، فاشتهر منهم جماعة ، أخذوا عن الصحابة ، واجتهدوا في تفسير بعض الآيات .
فاشتهر من تلاميذ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بمكة :
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة مولى ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس بن كيسان اليماني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح .
واشتهر من تلاميذ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب بالمدينة :
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي .
واشتهر من تلاميذ
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود بالعراق :
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة بن قيس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر الشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة بن دعامة السدوسي .
قال
ابن تيمية : " وأما التفسير ، فأعلم الناس به أهل
مكة ، لأنهم أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879كمجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة مولى ابن عباس ، وغيرهم من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248كطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11866وأبي الشعثاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وأمثالهم ، وكذلك أهل
الكوفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ومن ذلك ما تميزوا به عن غيرهم ، وعلماء أهل
المدينة في التفسير ، مثل :
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم الذي أخذ عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك التفسير ، وأخذ عنه أيضا ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16327عبد الرحمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16472وعبد الله بن وهب " .
[ ص: 8 ] والذي روي عن هؤلاء جميعا يتناول : علم التفسير ، وعلم غريب القرآن ، وعلم أسباب النزول ، وعلم المكي والمدني ، وعلم الناسخ والمنسوخ ، ولكن هذا كله ظل معتمدا على الرواية بالتلقين .
جاء عصر التدوين في القرن الثاني ، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة ، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير ، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة ، أو عن التابعين .
واشتهر منهم :
يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117 هجرية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة بن الحجاج المتوفى سنة 160 هجرية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع بن الجراح المتوفى سنة 197 هجرية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هجرية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هجرية .
وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبوابه ، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب سوى مخطوطة تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بن همام .
ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرا متكاملا للقرآن وفق ترتيب آياته ، واشتهر منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية .
وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية ، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث ، ثم دون على استقلال وانفراد ، وتتابع التفسير بالمأثور ، ثم التفسير بالرأي .
وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن ولا يستغني المفسر عنها .
فألف
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هجرية في أسباب النزول .
وألف
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هجرية في الناسخ والمنسوخ ، وفي القراءات .
وألف
ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هجرية في مشكل القرآن .
وهؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري .
[ ص: 9 ] وألف
محمد بن خلف المرزبان المتوفى سنة 309 هجرية " الحاوي في علوم القرآن " .
وألف
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هجرية في علوم القرآن .
وألف
nindex.php?page=showalam&ids=11939أبو بكر السجستاني المتوفى سنة 330 هجرية في غريب القرآن .
وألف
محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة 388 هجرية " الاستغناء في علوم القرآن " .
وهؤلاء من علماء القرن الرابع الهجري .
ثم تتابع التأليف بعد ذلك .
فألف
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هجرية في إعجاز القرآن .
nindex.php?page=showalam&ids=14183وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هجرية في إعراب القرآن .
nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي المتوفى سنة 450 هجرية في أمثال القرآن .
والعز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هجرية في مجاز القرآن .
nindex.php?page=showalam&ids=14467وعلم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هجرية في
nindex.php?page=treesubj&link=20756علم القراءات .
وابن القيم المتوفى سنة 751 هجرية في " أقسام القرآن " .
وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعا من علوم القرآن وبحثا من مباحثه المتصلة به .
أما جمع هذه المباحث وتلك الأنواع -كلها أو جلها- في مؤلف واحد فقد ذكر الشيخ
محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه " مناهل العرفان في علوم القرآن " أنه ظفر في دار الكتب المصرية بكتاب مخطوط
لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهير بالحوفي ، اسمه " البرهان في علوم القرآن " يقع في ثلاثين مجلدا ، يوجد منها خمسة عشر مجلدا غير مرتبة ولا متعاقبة ، حيث يتناول المؤلف الآية من آيات القرآن الكريم بترتيب المصحف فيتكلم عما تشتمل عليه من علوم القرآن ، مفردا كل نوع
[ ص: 10 ] بعنوان ، فيجعل العنوان العام في الآية : " القول في قوله عز وجل . . . " ويذكر الآية ، ثم يضع تحت هذا العنوان : " القول في الإعراب " ويتحدث عن الآية من الناحية النحوية واللغوية ، ثم " القول في المعنى والتفسير " ويشرح الآية بالمأثور والمعقول ، ثم " القول في الوقف والتمام " ويبين ما يجوز من الوقف وما لا يجوز ، وقد يفرد القراءات بعنوان مستقل فيقول : " القول في القراءة " ، وقد يتكلم عن الأحكام التي تؤخذ من الآية عند عرضها .
nindex.php?page=showalam&ids=14183والحوفي بهذا النهج يعتبر
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من دون علوم القرآن ، وإن كان تدوينه على النمط الخاص الآنف الذكر ، وهو المتوفى سنة 430 هـ .
ثم تبعه
ابن الجوزي سنة 597 هجرية في كتابه " فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن " .
ثم جاء
بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هجرية وألف كتابا وافيا سماه " البرهان في علوم القرآن " .
ثم أضاف إليه بعض الزيادات
جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هجرية في كتابه " مواقع العلوم من مواقع النجوم " .
ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى . فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاها سديدا في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر ، مثل كتاب " إعجاز القرآن "
لمصطفى صادق الرافعي ، وكتابي " التصوير الفني في القرآن " و " مشاهد القيامة في القرآن " للشهيد
سيد قطب . و " ترجمة القرآن " للشيخ
محمد مصطفى المراغي ، وبحث فيها
لمحب الدين الخطيب ، و " مسألة ترجمة القرآن "
لمصطفى صبري ، و " النبأ
[ ص: 11 ] العظيم " للدكتور
محمد عبد الله دراز ، ومقدمة تفسير " محاسن التأويل "
لمحمد جمال الدين القاسمي .
وألف الشيخ
طاهر الجزائري كتابا سماه " التبيان في علوم القرآن " .
وألف الشيخ
محمد علي سلامة كتابه " منهج الفرقان في علوم القرآن " تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين
بمصر تخصص الدعوة والإرشاد .
وتلاه الشيخ
محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه " مناهل العرفان في علوم القرآن " .
ثم الشيخ
أحمد أحمد علي في " مذكرة علوم القرآن " التي ألقاها على طلابه بالكلية ، قسم إجازة الدعوة والإرشاد .
وصدر أخيرا " مباحث في علوم القرآن " للدكتور
صبحي الصالح .
وللأستاذ
أحمد محمد جمال ، أبحاث " على مائدة القرآن " .
هذه المباحث جميعها هي التي تعرف بعلوم القرآن ، حتى صارت علما على العلم المعروف بهذا الاسم .
والعلوم : جمع علم ، والعلم : الفهم والإدراك . ثم نقل بمعنى المسائل المختلفة المضبوطة ضبطا علميا .
والمراد بعلوم القرآن : العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول ، وجمع القرآن وترتيبه ، ومعرفة المكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن .
وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير ، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن .
"
[ ص: 5 ] - 1 -
nindex.php?page=treesubj&link=29568_28960التَّعْرِيفُ بِالْعِلْمِ
وَبَيَانُ نَشْأَتِهِ وَتَطَوُّرِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28899الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ هُوَ مُعْجِزَةُ الْإِسْلَامِ الْخَالِدَةُ الَّتِي لَا يَزِيدُهَا التَّقَدُّمُ الْعِلْمِيُّ إِلَّا رُسُوخًا فِي الْإِعْجَازِ ، أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِنَا
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، فَكَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يُبَلِّغُهُ لِصَحَابَتِهِ -وَهُمْ عَرَبٌ خُلَّصٌ- فَيَفْهَمُونَهُ بِسَلِيقَتِهِمْ ، وَإِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ فَهْمُ آيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا .
رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684253 " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ ؟ قَالَ : " إِنَّهُ لَيْسَ الَّذِي تَعْنُونَ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ " .
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُ لَهُمْ بَعْضَ الْآيَاتِ .
أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=660549عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ، " أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ " .
وَحَرَصَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَلَقِّي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحِفْظِهِ وَفَهْمِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ شَرَفًا لَهُمْ .
عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا " أَيْ عَظُمَ .
وَحَرَصُوا كَذَلِكَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَالْوُقُوفِ عِنْدَ أَحْكَامِهِ .
[ ص: 6 ] رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ : " حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=7كَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ، قَالُوا : فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا " .
وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كِتَابَةِ شَيْءٍ عَنْهُ سِوَى الْقُرْآنِ خَشْيَةَ أَنْ يَلْتَبِسَ الْقُرْآنُ بِغَيْرِهِ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662334 " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي ، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " .
وَلَئِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَذِنَ لِبَعْضِ صَحَابَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كِتَابَةِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ مَا يَتَّصِلُ بِالْقُرْآنِ ظَلَّ يَعْتَمِدُ عَلَى الرِّوَايَةِ بِالتَّلْقِينِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
جَاءَتْ خِلَافَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَاقْتَضَتِ الدَّوَاعِي -الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ- إِلَى جَمْعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ ، فَتَمَّ ذَلِكَ ، وَسُمِّيَ بِالْمُصْحَفِ الْإِمَامِ ، وَأُرْسِلَتْ نَسَخٌ مِنْهُ إِلَى الْأَمْصَارِ ، وَسُمِّيَتْ كِتَابَتُهُ بِالرَّسْمِ الْعُثْمَانِيِّ ، نِسْبَةً إِلَيْهِ ، وَيُعْتَبَرُ هَذَا بِدَايَةً " لِعَلَمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28885رَسْمِ الْقُرْآنِ " .
ثُمَّ كَانَتْ خِلَافَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَوَضَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=11822أَبُو الْأُسُودِ الدُّؤَلِيُّ بِأَمْرٍ مِنْهُ قَوَاعِدَ النَّحْوِ ، صِيَانَةً لِسَلَامَةِ النُّطْقِ ، وَضَبْطًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ، وَيُعْتَبَرُ هَذَا كَذَلِكَ بِدَايَةً لِـ "
nindex.php?page=treesubj&link=28908عِلْمِ إِعْرَابِ الْقُرْآنِ " .
[ ص: 7 ] اسْتَمَرَّ الصَّحَابَةُ يَتَنَاقَلُونَ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرَ بَعْضِ آيَاتِهِ عَلَى تَفَاوُتٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، لِتَفَاوُتِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْفَهْمِ ، وَتَفَاوُتِ مُلَازَمَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَنَاقَلَ عَنْهُمْ ذَلِكَ تَلَامِيذُهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ .
وَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29571أَشْهَرِ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ : الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ .
وَقَدْ كَثُرَتِ الرِّوَايَةُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ :
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُمْ لَا يَتَضَمَّنُ تَفْسِيرًا كَامِلًا لِلْقُرْآنِ ، وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَعَانِي بَعْضِ الْآيَاتِ ، بِتَفْسِيرِ غَامِضِهَا ، وَتَوْضِيحِ مُجْمَلِهَا .
أَمَّا التَّابِعُونَ ، فَاشْتُهِرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ ، أَخَذُوا عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَاجْتَهَدُوا فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ الْآيَاتِ .
فَاشْتُهِرَ مِنْ تَلَامِيذِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ .
وَاشْتُهِرَ مِنْ تَلَامِيذِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ :
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ .
وَاشْتُهِرَ مِنْ تَلَامِيذِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِالْعِرَاقِ :
nindex.php?page=showalam&ids=16588عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17073وَمَسْرُوقٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13705وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ .
قَالَ
ابْنُ تَيْمِيَّةَ : " وَأَمَّا التَّفْسِيرُ ، فَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ أَهْلُ
مَكَّةَ ، لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879كَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248كَطَاوُسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11866وَأَبِي الشَّعْثَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَمْثَالِهِمْ ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ
الْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَمَيَّزُوا بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ فِي التَّفْسِيرِ ، مِثْلُ :
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ التَّفْسِيرَ ، وَأَخَذَ عَنْهُ أَيْضًا ابْنُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16327عَبْدُ الرَّحْمَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16472وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ " .
[ ص: 8 ] وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا يَتَنَاوَلُ : عِلْمَ التَّفْسِيرِ ، وَعِلْمَ غَرِيبِ الْقُرْآنِ ، وَعِلْمَ أَسْبَابِ النُّزُولِ ، وَعِلْمَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ ، وَعِلْمَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ ظَلَّ مُعْتَمِدًا عَلَى الرِّوَايَةِ بِالتَّلْقِينِ .
جَاءَ عَصْرُ التَّدْوِينِ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي ، وَبَدَأَ تَدْوِينُ الْحَدِيثِ بِأَبْوَابِهِ الْمُتَنَوِّعَةِ ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّفْسِيرِ ، وَجَمَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا رُوِيَ مِنْ تَفْسِيرٍ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ عَنِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ عَنِ التَّابِعِينَ .
وَاشْتُهِرَ مِنْهُمْ :
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ السُّلَمِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 117 هِجْرِيَّةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16102وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 160 هِجْرِيَّةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 197 هِجْرِيَّةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 198 هِجْرِيَّةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16360وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 211 هِجْرِيَّةٍ .
وَهَؤُلَاءِ جَمِيعًا كَانُوا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، فَكَانَ جَمْعُهُمْ لِلتَّفْسِيرِ جَمْعًا لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ ، وَلَمْ يَصِلْنَا مِنْ تَفَاسِيرِهِمْ شَيْءٌ مَكْتُوبٌ سِوَى مَخْطُوطَةِ تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ .
ثُمَّ نَهَجَ نَهْجَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَضَعُوا تَفْسِيرًا مُتَكَامِلًا لِلْقُرْآنِ وَفْقَ تَرْتِيبِ آيَاتِهِ ، وَاشْتُهِرَ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 310 هِجْرِيَّةٍ .
وَهَكَذَا بَدَأَ التَّفْسِيرُ أَوَّلًا بِالنَّقْلِ عَنْ طَرِيقِ التَّلَقِّي وَالرِّوَايَةِ ، ثُمَّ كَانَ تَدْوِينُهُ عَلَى أَنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحَدِيثِ ، ثُمَّ دُوِّنَ عَلَى اسْتِقْلَالٍ وَانْفِرَادٍ ، وَتَتَابَعَ التَّفْسِيرُ بِالْمَأْثُورِ ، ثُمَّ التَّفْسِيرُ بِالرَّأْيِ .
وَبِإِزَاءِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ كَانَ التَّأْلِيفُ الْمَوْضُوعِيُّ فِي مَوْضُوعَاتٍ تَتَّصِلُ بِالْقُرْآنِ وَلَا يَسْتَغْنِي الْمُفَسِّرُ عَنْهَا .
فَأَلَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 234 هِجْرِيَّةٍ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ .
وَأَلَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 224 هِجْرِيَّةٍ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَفِي الْقِرَاءَاتِ .
وَأَلَّفَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 276 هِجْرِيَّةٍ فِي مُشْكِلِ الْقُرْآنِ .
وَهَؤُلَاءِ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الثَّالِثِ الْهِجْرِيِّ .
[ ص: 9 ] وَأَلَّفَ
مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْمَرْزُبَانُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 309 هِجْرِيَّةٍ " الْحَاوِيَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
وَأَلَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 328 هِجْرِيَّةً فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ .
وَأَلَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=11939أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 330 هِجْرِيَّةٍ فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ .
وَأَلَّفَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأُدْفُوِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 388 هِجْرِيَّةٍ " الِاسْتِغْنَاءَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
وَهَؤُلَاءِ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ .
ثُمَّ تَتَابَعَ التَّأْلِيفُ بَعْدَ ذَلِكَ .
فَأَلَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 403 هِجْرِيَّةٍ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14183وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْحُوفِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 430 هِجْرِيَّةٍ فِي إِعْرَابِ الْقُرْآنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=15151وَالْمَاوَرْدِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 450 هِجْرِيَّةٍ فِي أَمْثَالِ الْقُرْآنِ .
وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 660 هِجْرِيَّةٍ فِي مَجَازِ الْقُرْآنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14467وَعَلَمُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 643 هِجْرِيَّةٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20756عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ .
وَابْنُ الْقَيِّمِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 751 هِجْرِيَّةٍ فِي " أَقْسَامِ الْقُرْآنِ " .
وَهَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتُ يَتَنَاوَلُ كُلُّ مُؤَلِّفٍ مِنْهَا نَوْعًا مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ وَبَحْثًا مِنْ مَبَاحِثِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ .
أَمَّا جَمْعُ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ وَتِلْكَ الْأَنْوَاعِ -كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا- فِي مُؤَلَّفٍ وَاحِدٍ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ
مُحَمَّد عَبْد الْعَظِيمِ الزَّرْقَانِيُّ فِي كِتَابِهِ " مَنَاهِلِ الْعِرْفَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " أَنَّهُ ظَفِرَ فِي دَارِ الْكُتُبِ الْمِصْرِيَّةِ بِكِتَابٍ مَخْطُوطٍ
لِعَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الشَّهِيرِ بِالْحُوفِيِّ ، اسْمُهُ " الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " يَقَعُ فِي ثَلَاثِينَ مُجَلَّدًا ، يُوجَدُ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ وَلَا مُتَعَاقِبَةٍ ، حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْمُؤَلِّفُ الْآيَةَ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِتَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ فَيَتَكَلَّمُ عَمَّا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ ، مُفْرِدًا كُلَّ نَوْعٍ
[ ص: 10 ] بِعُنْوَانٍ ، فَيَجْعَلُ الْعُنْوَانَ الْعَامَّ فِي الْآيَةِ : " الْقَوْلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ . . . " وَيَذْكُرُ الْآيَةَ ، ثُمَّ يَضَعُ تَحْتَ هَذَا الْعُنْوَانِ : " الْقَوْلَ فِي الْإِعْرَابِ " وَيَتَحَدَّثُ عَنِ الْآيَةِ مِنَ النَّاحِيَةِ النَّحْوِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ ، ثُمَّ " الْقَوْلَ فِي الْمَعْنَى وَالتَّفْسِيرِ " وَيَشْرَحُ الْآيَةَ بِالْمَأْثُورِ وَالْمَعْقُولِ ، ثُمَّ " الْقَوْلَ فِي الْوَقْفِ وَالتَّمَامِ " وَيُبَيِّنُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْوَقْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ ، وَقَدْ يُفْرِدُ الْقِرَاءَاتِ بِعُنْوَانٍ مُسْتَقِلٍّ فَيَقُولُ : " الْقَوْلُ فِي الْقِرَاءَةِ " ، وَقَدْ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ عِنْدَ عَرْضِهَا .
nindex.php?page=showalam&ids=14183وَالْحُوفِيُّ بِهَذَا النَّهْجِ يُعْتَبَرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ عُلُومَ الْقُرْآنِ ، وَإِنْ كَانَ تَدْوِينُهُ عَلَى النَّمَطِ الْخَاصِّ الْآنِفِ الذِّكْرِ ، وَهُوَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 430 هـ .
ثُمَّ تَبِعَهُ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ سَنَةَ 597 هِجْرِيَّةٍ فِي كِتَابِهِ " فُنُونِ الْأَفْنَانِ فِي عَجَائِبِ عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
ثُمَّ جَاءَ
بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 794 هِجْرِيَّةٍ وَأَلَّفَ كِتَابًا وَافِيًا سَمَّاهُ " الْبُرْهَانَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
ثُمَّ أَضَافَ إِلَيْهِ بَعْضَ الزِّيَادَاتِ
جَلَالُ الدِّينِ الْبَلْقِينِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 824 هِجْرِيَّةٍ فِي كِتَابِهِ " مَوَاقِعِ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ " .
وَلَمْ يَكُنْ نَصِيبُ عُلُومِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّأْلِيفِ فِي عَصْرِ النَّهْضَةِ الْحَدِيثَةِ أَقَلَّ مِنَ الْعُلُومِ الْأُخْرَى . فَقَدِ اتَّجَهَ الْمُتَّصِلُونَ بِحَرَكَةِ الْفِكْرِ الْإِسْلَامِيِّ اتِّجَاهًا سَدِيدًا فِي مُعَالَجَةِ الْمَوْضُوعَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ بِأُسْلُوبِ الْعَصْرِ ، مِثْلَ كِتَابِ " إِعْجَازِ الْقُرْآنِ "
لِمُصْطَفَى صَادِق الرَّافِعِيِّ ، وَكِتَابَيِ " التَّصْوِيرِ الْفَنِّيِّ فِي الْقُرْآنِ " وَ " مَشَاهِدِ الْقِيَامَةِ فِي الْقُرْآنِ " لِلشَّهِيدِ
سَيِّد قُطْب . وَ " تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ " لِلشَّيْخِ
مُحَمَّد مُصْطَفَى الْمَرَاغِيِّ ، وَبَحْثٍ فِيهَا
لِمُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ ، وَ " مَسْأَلَةِ تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ "
لِمُصْطَفَى صَبْرِي ، وَ " النَّبَأِ
[ ص: 11 ] الْعَظِيمِ " لِلدُّكْتُورِ
مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ دِرَاز ، وَمُقَدِّمَةِ تَفْسِيرِ " مَحَاسِنِ التَّأْوِيلِ "
لِمُحَمَّد جَمَال الدِّينِ الْقَاسِمِيِّ .
وَأَلَّفَ الشَّيْخُ
طَاهِرُ الْجَزَائِرِيُّ كِتَابًا سَمَّاهُ " التِّبْيَانَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
وَأَلَّفَ الشَّيْخُ
مُحَمَّد عَلِيّ سَلَامَة كِتَابَهُ " مَنْهَجَ الْفُرْقَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " تَنَاوَلَ فِيهِ الْمَبَاحِثَ الْمُقَرِّرَةَ بِكُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ
بِمِصْرَ تَخَصُّصِ الدَّعْوَةِ وَالْإِرْشَادِ .
وَتَلَاهُ الشَّيْخُ
مُحَمَّد عَبْد الْعَظِيمِ الزَّرْقَانِيُّ فَأَلَّفَ كِتَابَهُ " مَنَاهِلَ الْعِرْفَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " .
ثُمَّ الشَّيْخُ
أَحْمَد أَحْمَد عَلِيّ فِي " مُذَكِّرَةِ عُلُومِ الْقُرْآنِ " الَّتِي أَلْقَاهَا عَلَى طُلَّابِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، قِسْمِ إِجَازَةِ الدَّعْوَةِ وَالْإِرْشَادِ .
وَصَدَرَ أَخِيرًا " مَبَاحِثُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " لِلدُّكْتُورِ
صُبْحِي الصَّالِحِ .
وَلِلْأُسْتَاذِ
أَحْمَد مُحَمَّد جَمَال ، أَبْحَاثٌ " عَلَى مَائِدَةِ الْقُرْآنِ " .
هَذِهِ الْمَبَاحِثُ جَمِيعُهَا هِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِعُلُومِ الْقُرْآنِ ، حَتَّى صَارَتْ عَلَمًا عَلَى الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِ بِهَذَا الِاسْمِ .
وَالْعُلُومُ : جَمْعُ عِلْمٍ ، وَالْعِلْمُ : الْفَهْمُ وَالْإِدْرَاكُ . ثُمَّ نُقِلَ بِمَعْنَى الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَضْبُوطَةِ ضَبْطًا عِلْمِيًّا .
وَالْمُرَادُ بِعُلُومِ الْقُرْآنِ : الْعِلْمُ الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْأَبْحَاثَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ مَعْرِفَةِ أَسْبَابِ النُّزُولِ ، وَجَمْعِ الْقُرْآنِ وَتَرْتِيبِهِ ، وَمَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ صِلَةٌ بِالْقُرْآنِ .
وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا الْعِلْمُ بِأُصُولِ التَّفْسِيرِ ، لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَبَاحِثَ الَّتِي لَا بُدَّ لِلْمُفَسِّرِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِلِاسْتِنَادِ إِلَيْهَا فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ .
"