التأويل المذموم
والتأويل المذموم بمعنى : صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به ، إنما لجأ إليه كثير من المتأخرين مبالغة منهم في تنزيه الله تعالى عن مماثلته للمخلوقين كما يزعمون . وهذا زعم باطل أوقعهم في مثل ما هربوا [ ص: 211 ] منه أو أشد ، فهم حين يؤولون اليد بالقدرة مثلا إنما قصدوا الفرار من أن يثبتوا للخالق يدا لأن للمخلوقين يدا ، فاشتبه عليهم لفظ اليد فأولوها بالقدرة . وذلك تناقض منهم . لأنهم يلزمهم في المعنى الذي أثبتوه نظير ما زعموا أنه يلزم في المعنى الذي نفوه ، لأن العباد لهم قدرة أيضا . فإن كان ما أثبتوه من القدرة حقا ممكنا كان إثبات اليد لله حقا ممكنا أيضا ، وإن كان إثبات اليد باطلا ممتنعا لما يلزمه من التشبيه في زعمهم كان إثبات القدرة باطلا ممتنعا كذلك . فلا يجوز أن يقال : إن هذا اللفظ مؤول بمعنى أنه مصروف عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح .
وما جاء عن أئمة السلف وغيرهم من ذم للمتأولين إنما هو لمثل هؤلاء الذين تأولوا ما يشتبه عليهم معناه على غير تأويله وإن كان لا يشتبه على غيرهم .