ولا يلزم
nindex.php?page=treesubj&link=19588_19632_19629الرضاء بمرض وفقر وعاهة ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13371لابن عقيل ،
[ ص: 287 ] ويحرم
nindex.php?page=treesubj&link=19645_19635_18805الرضا بما فعله العبد من كفر ومعصية ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل إجماعا ، وذكر شيخنا وجها : لا يرضى بذلك ; لأنها من المقضي ، قال : وقيل : يرضى بها من جهة كونها خلقا لله ، لا من جهة كونها فعلا للعبد ، قال : وكثير من النساك والصوفية ومن أهل الكلام حيث رأوا أن الله خالق كل شيء وربه اعتقدوا أن ذلك يوجب الرضا والمحبة لكل ذلك ، حتى وقعوا في قول المشركين {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148لو شاء الله ما أشركنا } الآية ، وغفلوا عن كون الخالق نهى عن ذلك وأبغضه ، وسبب ذلك اشتباه مسألة الشرع والقدر ، ويتمسكون بالإجماع على الرضا بقضاء الله ، وهذا كلام مجمل يتمسك به
القدرية المشركية ، وأما
القدرية المجوسية فنفوا أن الله قدره وقضاه وإلا للزم الرضاء بكل مقتضى [ به ، والرضاء بالكفر كفر بالإجماع ، قال : والتحقيق أنه ليس في الكتاب والسنة نص يأمر فيه بالرضاء ] ولا قاله أحد من
السلف ، وأما ما في كلام العلماء والآثار من الرضى بالقضاء فإنما أرادوا ما ليس من فعل العباد ; ولأنه إذا لم يجب الصبر على ذلك ، بل تجب إزالته بحسب الإمكان ، فالرضاء أولى ، ثم ذكر شيخنا أنه إذا نظر إلى إحداث الرب لذلك ، للحكمة التي يحبها ويرضاها ، رضي لله بما رضيه
[ ص: 288 ] لنفسه ، فيرضاه ويحبه مفعولا مخلوقا لله . ويبغضه ويكرهه فعلا للمذنب المخالف لأمر الله ، وهذا كما نقول فيما خلقه من الأجسام الخبيثة ، قال : فمن فهم هذا الموضع انكشف له حقيقة هذا الأمر الذي حارت فيه العقول ، والله أعلم ، قال
ابن الجوزي : والصبر على العافية أشد ; لأنه لا يتم إلا بالقيام بحق الشكر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وغيره : وتهون المصيبة بالنظر إلى جلال من صدرت منه وحكمته وملكه .
وقال
ابن الجوزي في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ما أصاب من مصيبة في الأرض } اعلم أن من علم أن ما قضي لا بد أن يصيبه قل حزنه وفرحه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي : اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يمش مع القدر لم يتهن بعيش وليعلم قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14193الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر } وقوله عليه السلام {
الدنيا دار بلاء ، فمن ابتلي فليصبر ، ومن عوفي فليشكر } وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1012أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون الأمثل فالأمثل } ومن نظر في سير الأنبياء وسادات أتباعهم وجد منهم من كابد النار وذبح الولد
كإبراهيم ، ومنهم من صبر على الفقر وقاسى من قومه المحن ، ومنهم من بكى الزمن الطويل ، من نظر في ذلك وفي كون مصيبته لم تكن في دينه هانت عليه مصيبته بلا شك ، وتسلى بهم وتأسى ، وليعلم الإنسان قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13217احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله } وقوله تعالى عن
يونس [ ص: 289 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين } وعن
فرعون {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين } ومن قصيدة
التهامي التي رثى بها ولده .
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
وكان
شيخنا يتمثل بهذين البيتين كثيرا ، فالعجب ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع ، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع .
وقد قيل :
وما استغربت عيني فراقا رأيته ولا علمتني غير ما القلب عالمه
قال
ابن الجوزي من تأمل حقائق الأشياء رأى الابتلاء عاما والأغراض منعكسة وعلى هذا وضع هذه الدار ، فمن طلب نيل غرضه من هذه الدار فقد رام ما لم توضع له ، بل ينبغي أن يوطن نفسه على المكروهات ، فإن جاءت راحة عدها عجبا .
وَلَا يَلْزَمُ
nindex.php?page=treesubj&link=19588_19632_19629الرِّضَاءُ بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13371لِابْنِ عَقِيلٍ ،
[ ص: 287 ] وَيَحْرُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=19645_19635_18805الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ مِنْ كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابْنُ عَقِيلٍ إجْمَاعًا ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا : لَا يَرْضَى بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا مِنْ الْمَقْضِيِّ ، قَالَ : وَقِيلَ : يَرْضَى بِهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا خَلْقًا لِلَّهِ ، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا فِعْلًا لِلْعَبْدِ ، قَالَ : وَكَثِيرٌ مِنْ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَمِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَيْثُ رَأَوْا أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ اعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرِّضَا وَالْمَحَبَّةَ لِكُلِّ ذَلِكَ ، حَتَّى وَقَعُوا فِي قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا } الْآيَةُ ، وَغَفَلُوا عَنْ كَوْنِ الْخَالِقِ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَبْغَضَهُ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ اشْتِبَاهُ مَسْأَلَةِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ ، وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَتَمَسَّكُ بِهِ
الْقَدَرِيَّةُ الْمُشْرِكِيَّةُ ، وَأَمَّا
الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ فَنَفَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَإِلَّا لَلَزِمَ الرِّضَاءُ بِكُلِّ مُقْتَضًى [ بِهِ ، وَالرِّضَاءُ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ ، قَالَ : وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَصٌّ يَأْمُرُ فِيهِ بِالرِّضَاءِ ] وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ
السَّلَفِ ، وَأَمَّا مَا فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَالْآثَارِ مِنْ الرِّضَى بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا أَرَادُوا مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعِبَادِ ; وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، فَالرِّضَاء أَوْلَى ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ ، لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا ، رَضِيَ لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ
[ ص: 288 ] لِنَفْسِهِ ، فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مَخْلُوقًا لِلَّهِ . وَيُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَهَذَا كَمَا نَقُولُ فِيمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ ، قَالَ : فَمَنْ فَهِمَ هَذَا الْمَوْضِعَ انْكَشَفَ لَهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي حَارَتْ فِيهِ الْعُقُولُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَالصَّبْرُ عَلَى الْعَافِيَةِ أَشَدُّ ; لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِيَامِ بِحَقِّ الشُّكْرِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : وَتَهُونُ الْمُصِيبَةُ بِالنَّظَرِ إلَى جَلَالِ مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ وَحِكْمَتِهِ وَمُلْكِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ } اعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قُضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ قَلَّ حُزْنُهُ وَفَرَحُهُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَمْشِ مَعَ الْقَدَرِ لَمْ يَتَهَنَّ بِعَيْشٍ وَلْيَعْلَمْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14193الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ } وَقَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ ، فَمَنْ اُبْتُلِيَ فَلْيَصْبِرْ ، وَمَنْ عُوفِيَ فَلْيَشْكُرْ } وَقَوْلَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1012أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ } وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ وِسَادَاتِ أَتْبَاعِهِمْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَنْ كَابَدَ النَّارَ وَذَبَحَ الْوَلَدَ
كَإِبْرَاهِيمَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَقَاسَى مِنْ قَوْمِهِ الْمِحَنَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ بَكَى الزَّمَنَ الطَّوِيلَ ، مَنْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَفِي كَوْنِ مُصِيبَتِهِ لَمْ تَكُنْ فِي دِينِهِ هَانَتْ عَلَيْهِ مُصِيبَتُهُ بِلَا شَكٍّ ، وَتَسَلَّى بِهِمْ وَتَأَسَّى ، وَلْيَعْلَمْ الْإِنْسَانُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13217احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَك ، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْك فِي الشِّدَّةِ ، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ } وقَوْله تَعَالَى عَنْ
يُونُسَ [ ص: 289 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ } وَعَنْ
فِرْعَوْنَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ } وَمِنْ قَصِيدَةِ
التِّهَامِيِّ الَّتِي رَثَى بِهَا وَلَدَهُ .
طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا صَفْوًا مِنْ الْأَقْذَاءِ وَالْأَكْدَارِ وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا
مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جِذْوَةَ نَارِ
وَكَانَ
شَيْخُنَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ كَثِيرًا ، فَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدُهُ فِي سَلَّةِ الْأَفَاعِي كَيْفَ يُنْكِرُ اللَّسْعَ ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَنْ يَطْلُبُ مِنْ الْمَطْبُوعِ عَلَى الضُّرِّ النَّفْعَ .
وَقَدْ قِيلَ :
وَمَا اسْتَغْرَبَتْ عَيْنِي فِرَاقًا رَأَيْته وَلَا عَلَّمَتْنِي غَيْرَ مَا الْقَلْبُ عَالِمُهُ
قَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَنْ تَأَمَّلَ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ رَأَى الِابْتِلَاءَ عَامًّا وَالْأَغْرَاضَ مُنْعَكِسَةً وَعَلَى هَذَا وَضْعُ هَذِهِ الدَّارِ ، فَمَنْ طَلَبَ نَيْلَ غَرَضِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَقَدْ رَامَ مَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ ، فَإِنْ جَاءَتْ رَاحَةٌ عَدَّهَا عَجَبًا .