( كتاب الزكاة ) .
ذكر الزكاة بعد الصلاة ; لأنهما مقترنان في كتاب الله - تعالى - في اثنين وثمانين آية ، وهذا يدل على أن التعاقب بينهما في غاية الوكادة والنهاية كما في المناقب البزازية الطهارة قال في ضياء الحلوم : ، وهي لغة ; لأنها تزكي المال أي تطهره وقال تعالى - : { سميت زكاة المال زكاة خيرا منه زكاة } وقيل سميت زكاة ; لأن المال يزكو بها أي ينمو ويكثر ثم ذكر فعل بالفتح يقال زكاء المال زيادته ونماؤه ، وزكا أيضا إذا طهر ثم ذكر في باب التفعيل زكى المال أدى زكاته وزكاه أخذ زكاته ا هـ .
وفي الغاية أنها في اللغة بمعنى النماء ، وبمعنى الطهارة وبمعنى البركة يقال زكت البقعة أي بورك فيها وبمعنى المدح يقال زكى نفسه وبمعنى الثناء الجميل يقال زكى الشاهد ، وفي اصطلاح الفقهاء ما ذكره المصنف ( قوله ) لقوله تعالى { هي تمليك المال من فقير مسلم غير هاشمي ، ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه لله - تعالى - وآتوا الزكاة } والإيتاء هو التمليك ومراده تمليك جزء من ماله ، وهو ربع العشر أو ما يقوم مقامه وإنما كانت اسما للفعل عند المحققين ، وهو الأصح ; لأنها توصف بالوجوب ، وهو من صفات الأفعال دون الأعيان إخراجها من العدم إلى الوجود كما في قوله { والمراد من إيتاء الزكاة أقيموا الصلاة } كذا في المعراج ويؤيده أن موضوع الفقه كما قدمناه فعل المكلف ، وفي الشرع هي المال المؤدى ; لأنه - تعالى - قال { وآتوا الزكاة } ، ولا يصح الإيتاء إلا للعين كذا في العناية وأورد الشارح على هذا الحد الكفارة إذا ملكت ; لأن التمليك بالوصف المذكور موجود فيها ولو قال تمليك المال على وجه لا بد له منه لانفصل عنها ; لأن الزكاة يجب فيها تمليك المال . ا هـ .
وجوابه أن قوله من فقير مسلم خرج [ ص: 217 ] مخرج الشروط ، والإسلام ليس بشرط في أخذ الكفارة كما سيأتي وأيضا ليس الجواز في الكفارة باعتبار التمليك بل باعتبار أن الشرط فيها التمكين الشامل للتمليك والإباحة ، والمال كما صرح به أهل الأصول ما يتمول ويدخر للحاجة ، وهو خاص بالأعيان فخرج تمليك المنافع قال في الكشف الكبير في بحث القدرة الميسرة : الزكاة لا تتأدى إلا بتمليك عين متقومة حتى لو لا يجزئه ; لأن المنفعة ليست بعين متقومة . ا هـ . أسكن الفقير داره سنة بنية الزكاة
وهذا على إحدى الطريقتين ، وأما على الأخرى من أن المنفعة مال فهو عند الإطلاق منصرف إلى العين ، وقيد بالتمليك احترازا عن الإباحة ; ولهذا ذكر الولوالجي وغيره أنه لو فالكسوة تجوز لوجود ركنه ، وهو التمليك ، وأما الإطعام إن دفع الطعام إليه بيده يجوز أيضا لهذه العلة ، وإن كان لم يدفع إليه ، ويأكل اليتيم لم يجز لانعدام الركن ، وهو التمليك ، ولم يشترط قبض الفقير ; لأن التمليك في التبرعات لا يحصل إلا به ، واحترز بالفقير الموصوف بما ذكر عن الغني والكافر والهاشمي ومولاه ، والمراد عند العلم بحالهم كما سيأتي في المصرف ولم يشترط البلوغ والعقل ; لأنهما ليس بشرط ; لأن تمليك الصبي صحيح لكن إن لم يكن عاقلا ، فإنه يقبض عنه وصيه أو أبوه أو من يعوله قريبا أو أجنبيا أو الملتقط كما في الولوالجية ، وإن كان عاقلا فقبض من ذكر ، وكذا قبضه بنفسه ، والمراد أن يعقل القبض بأن لا يرمي به ، ولا يخدع عنه والدفع إلى المعتوه يجزئ كذا في فتح القدير وحكم المجنون المطبق معلوم من حكم الصبي الذي لا يعقل ، ولم يشترط الحرية لأن الدفع إلى غير الحر جائز كما سيأتي في بيان المصرف وأفاد بقوله بشرط أن الدفع إلى أصوله وإن علوا وإلى فروعه ، وإن سفلوا وإلى زوجته وزوجها وإلى مكاتبه ليس بزكاة كما سيأتي مبينا وأشار إلى أن الدفع إلى كل قريب ليس بأصل ولا فرع جائز ، وهو مقيد بما في الولوالجية عال يتيما فجعل يكسوه ويطعمه وجعله من زكاة ماله فإن لم يفرض القاضي عليه النفقة جاز ; لأن التمليك بصفة القربة يتحقق من كل وجه ، وإن فرض عليه النفقة لزمانته إن لم يحتسب من نفقتهم جاز ، وإن كان يحتسب لا يجوز لأن هذا أداء الواجب عن واجب آخر ا هـ . رجل يعول أخته أو أخاه أو عمه فأراد أن يعطيه الزكاة
وقوله لله - تعالى - بيان لشرط آخر ، وهو النية ، وهي شرط بالإجماع في العبادات كلها للمقاصد