( قوله ) أي لا يجوز الدفع له لحديث : وغني يملك نصابا المشهور { معاذ } أطلقه فشمل النصاب النامي السالم من الدين الفاضل عن الحوائج الأصلية الموجب لكل واجب مالي ، والنصاب الذي ليس بنام الفارع عما ذكر الموجب لثلاثة صدقة الفطر والأضحية ونفقة القريب فإن كلا منهما محرم لأخذ الزكاة ، ولا يرد عليه الغني بقوت يومه فإنه لا يملك نصابا وتسمية الشارحين له نصابا وجعلهم النصب ثلاثة مجاز ; لما في الصحاح : النصاب من المال القدر الذي يجب فيه الزكاة إذا بلغه نحو مائتي درهم وخمس من الإبل ; إذ ليس قوت اليوم مقدرا لكن في ضياء الحلوم نصاب كل شيء أصله ، ومنه النصاب المعتبر في وجوب الزكاة ، وهو يقتضي إطلاق النصاب عليه حقيقة ; إذ قوت اليوم أصل تحريم السؤال وقيدنا بكونه فارغا عن الحوائج الأصلية ; لأنه لو كان مستغرقا بها حلت له فتحل لمن ملك كتبا تساوي نصابا ، وهو من أهلها للحاجة لا إن زادت على قدرها أو كان جاهلا ، والفقيه غني بكتبه ولو كان محتاجا إليها لقضاء دينه فيجب بيعها كما في القنية من باب الحبس من القضاء ، ويحل لمن له دور وحوانيت تساوي نصبا ، وهو محتاج لغلتها لنفقته ونفقة عياله على خلاف فيه ولمن عنده طعام سنة تساوي نصابا لعياله على ما هو الظاهر بخلاف قضاء الدين فإنه يجب عليه بيع قوته إلا قوت يومه كما في القنية من الحبس وحلت لمن له نصاب ، وعليه دين مستغرق أو منقص للنصاب وحلت لمن له كسوة الشتاء لا يحتاج إليها في الصيف ، وللمزارع إذا كان له ثوران لا إن زاد وبلغ نصابا ، ولا تحل لمن له دار تساوي نصبا ، والفاضل عن سكناه يبلغ نصابا خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم
وقيد بملك النصاب ; لأن من ملك ما دونه يحل له أخذها إذا كان قيمته لا تبلغ نصابا ، ولو كان صحيحا مكتسبا قيدنا به ; لأنه لو كان تسعة عشر دينارا تساوي ثلاثمائة درهم لا تحل له الزكاة كذا في المحيط عن ، وفي الفتاوى الظهيرية خلافه قال : وقال محمد هشام : سألت عن رجل محمدا قال نعم ، ولا يجب عليه صدقة فطره ، وقيد بالزكاة ; لأن النفل يجوز للغني كما للهاشمي ، وأما بقية الصدقات المفروضة والواجبة كالعشر والكفارات والنذور وصدقة الفطر فلا يجوز صرفها للغني لعموم قوله عليه الصلاة والسلام { له تسعة عشر دينارا تساوي ثلاثمائة درهم هل يسعه أن يأخذ } خرج النفل منها ; لأن الصدقة على الغني هبة كذا في البدائع وأما صدقة الوقف فيجوز صرفها إلى الأغنياء إن سماهم الواقف ، وإلا فلا ; لأنها من الصدقة الواجبة كذا في البدائع أيضا لا تحل صدقة لغني
وفرعوا على منع ما لو دفع قوم زكاتهم إلى من يجمعها لفقير فاجتمع عند الآخذ أكثر من مائتين فإن كان جمعه له بأمره قالوا : [ ص: 264 ] كل من دفع قبل أن يبلغ ما في يد الجابي مائتين جازت زكاته ، ومن دفع بعده لا يجوز إلا أن يكون الفقير مديونا فيعتبر هذا التفصيل في مائتين تفضل بعد دينه فإن كان بغير أمره جاز الكل مطلقا ; لأنه في الأول هو وكيل عن الفقير فما اجتمع عنده يملكه ، وفي الثاني وكيل الدافعين فما اجتمع عنده ملكهم كذا في فتح القدير وللغني أن يشتري الصدقة الواجبة من الفقير ويأكلها ، وكذا لو وهبها له علم أن تبدل الملك كتبدل العين فلو أباحها له ، ولم يملكها منه ذكر دفع الزكاة للغني أبو المعين النسفي أنه لا يحل تناوله للغني وقال خواهر زاده يحل كذا في الفوائد التاجية والذي يظهر ترجيح الأول ; لأن الإباحة لو كانت كافية لما قال عليه الصلاة والسلام في واقعة بريرة { } كما لا يخفى إلا أن يقال بالفرق بين الهاشمي والغني هو لها صدقة ولنا هدية
وإن قيل به فصحيح لما تقدم أن الشبهة في حق الهاشمي كالحقيقة بدليل منع الهاشمي من العمالة بخلاف الغني ، ودخل تحت النصاب النامي المذكور أولا الخمس من الإبل السائمة فإن ملكها أو نصابا من السوائم من أي مال كان لا يجوز دفع الزكاة له سواء كان يساوي مائتي درهم أو لا ، وقد صرح به شراح الهداية عند قوله من أي مال كان ، وفي معراج الدراية قوله : ويجوز دفعها إلى من يملك أقل من ذلك ، ولكنه لا يطيب للآخذ ; لأنه لا يلزم من جواز الدفع جواز الأخذ كظن الغني فقيرا ا هـ .
وهو غير صحيح ; لأن المصرح به في غاية البيان وغيرها أنه يجوز أخذها لمن ملك أقل من النصاب كما يجوز دفعها نعم الأولى عدم الأخذ لمن له سداد من عيش كما صرح به في البدائع
[ ص: 263 ]