الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : فإن باعه رد البيع إن بقي ، وإن فات فعليه الجزاء ) ; لأن البيع لم يجز لما فيه من التعرض للصيد وذلك حرام ، ولزمه الجزاء بفوته لتفويت الأمن المستحق ، وأشار بقوله رد البيع إلى أنه فاسد لا باطل ، وأطلق في بيعه فشمل ما إذا باعه في الحرم أو بعد ما أخرجه إلى الحل ; لأنه صار بالإدخال من صيد الحرم فلا يحل إخراجه إلى الحل بعد ذلك ، وقيد بكون الصيد داخل الحرم ; لأنه لو كان في الحل والمتبايعان في الحرم فإن البيع صحيح عند أبي حنيفة ، ومنعه محمد قياسا على منع رميه من الحرم إلى صيد في الحل كما قدمناه ، وفرق الإمام بأن البيع ليس بتعرض له حسا بل حكما ، وليس هو بأبلغ من أمره بذبح هذا الصيد بخلاف ما لو رماه من الحرم للاتصال الحسي هذا ما ذكر الشارحون ، وفي المحيط خلافه فإنه قال : لو أخرج ظبية من الحرم فباعها أو ذبحها أو أكلها جاز البيع والأكل ويكره ; لأنه مال مملوك ; لأن قيام يده على الصيد ، وهما في الحل يفيد الملك له في الصيد كما لو أثبت اليد عليه ابتداء إلا أن لله تعالى فيه حقا ، وهو رده إلى الحرم لكن حق الله تعالى في العين لا يمنع جواز البيع كبيع مال الزكاة والأضحية . ا هـ .

                                                                                        فقوله في المختصر : فإن باعه أي الصيد ، وهو في الحرم لا مطلقا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف فإن باعه إلخ ) قال في اللباب لا يجوز بيع المحرم صيدا في الحل والحرم أي سواء كان في يده أو قفصه أو منزله ، ولا بيع الحلال في الحرم ، ولا شراؤهما من محرم ، ولا حلال فإن باعه أو ابتاعه فهو باطل سواء كان حيا أو مذبوحا في الإحرام أو الحرم ، ولو هلك الصيد في يد المشتري فإن كانا محرمين أو حلالين في الحرم لزمهما الجزاء ، وإن كانا في الحل فعلى المحرم منهما ، ولو وهبه لمحرم فهلك عنده فعلى الموهوب له جزاء الصيد وضمان لصاحبه أي لفساد الهبة ، ولو أكله فعليه جزاء ثالث ، وعلى الواهب جزاء واحد ، ولو أخرج صيدا من الحرم فباعه في الحل من محرم أو حلال فالبيع باطل ، وكذا لو أدخل صيد الحل الحرم ثم أخرجه ، وباعه ولو وكل محرم حلالا ببيع صيد جاز ، ولو وكل حلال حلالا ثم أحرم الموكل قبل القبض جاز أيضا ، ولو باع صيدا له في الحل ، وهو في الحرم جاز ، ولكن يسلمه بعد الخروج إلى الحل ، ولو تبايعا صيدا في الحل ثم أحرما فوجد المشتري به عيبا رجع بالنقصان ، وليس له الرد ، ولو باع حلالان صيدا فأحرم أحدهما قبل القبض انفسخ البيع وتمامه فيه وسيأتي بعض هذا ( قوله : إلى أنه فاسد لا باطل ) نقل التصريح بالفساد في الشرنبلالية عن الكافي والتبيين ( قوله : وفي المحيط خلافه إلخ ) جزم في النهر بأن ما في المحيط ضعيف موافقة لرواية ابن سماعة قال في البدائع روى ابن سماعة عن محمد في رجل أخرج صيدا من الحرم إلى الحل أن ذبحه والانتفاع بلحمه ليس بمحرم سواء أدى جزاءه أو لم يؤد غير أني أكره هذا الصنع فإن باعه واستعان بقيمته في جزائه جاز . ا هـ .

                                                                                        وانظر من أين يستفاد ضعفه من كلام البدائع مع أنه جزم به في الخانية فقال : ولو ذبح هذا الصيد قبل التكفير أو بعده ( صيد الحرم ) كره أكله تنزيها ، ولو استعان بثمنه في الجزاء كان له ذلك ويجوز به الانتفاع للمشتري . ( قوله : فإن باعه ) أي [ ص: 45 ] الصيد ، وهو في الحرم ضمير ، وهو راجع إلى الصيد أيضا ، وقوله لا مطلقا أي ليس المراد الإطلاق أي سواء كان في الحرم أو بعد إخراجه إلى الحل ، وهذا حمل لكلام المتن على ما في المحيط .




                                                                                        الخدمات العلمية