الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو قتل المحرمان صيدا تعدد الجزاء ، ولو حلالان لا ) أي لا يتعدد الجزاء بقتل صيد الحرم لما قدمنا أن الضمان في حق المحرم جزاء الفعل ، وهو متعدد ، وفي صيد الحرم جزاء المحل ، وهو ليس بمتعدد كرجلين قتلا رجلا خطأ يجب عليهما دية واحدة ; لأنها بدل المحل ، وعلى كل واحد منهما كفارة ; لأنها جزاء الفعل أشار المصنف إلى أنه لو اشترك محرم وحلال في قتل صيد الحرم فعلى المحرم جميع القيمة ، وعلى الحلال نصفها لما أن الضمان يتبعض في حق الحلال ، وإلى أنه لو كانوا أكثر من اثنين في صيد الحرم قسم الضمان على عددهم ، وإلى أنه لو اشترك مع الحلال من لا يجب عليه الجزاء من كافر أو صبي وجب على الحلال بقدر ما يخصه من القيمة إذا قسمت على العدد ، وفي الجامع الكبير لو أخذ حلال صيد الحرم فقتله نصراني أو صبي أو بهيمة في يده فعلى الحلال قيمته ، ولا شيء على النصراني والصبي ويرجع الحلال بما ضمن عليهما ; لأنه لولا قتلهما لتمكن الحلال من إرساله .

                                                                                        وذكر الإسبيجابي أنه لو اشترك حلال ومفرد وقارن في قتل صيد الحرم فعلى الحلال ثلث الجزاء ، وعلى المفرد جزاء كامل ، وعلى القارن جزاءان . ا هـ .

                                                                                        ولم يبين المصنف الجزاء الذي يجب على الحلالين بقتل صيد الحرم مع أن فيه تفصيلا ، وهو أنهما إن ضرباه ضربة واحدة فمات كان على كل واحد منهما نصف قيمته صحيحا ، وإن ضربه كل واحد منهما ضربة فإن وقعا معا فإنه يجب على كل واحد منهما ما نقصته جراحته ثم يجب على كل واحد منهما نصف قيمته مجروحا بجراحتين ; لأن عند اتحاد فعلهما جميع الصيد صار متلفا بفعلهما فضمن كل نصف الجزاء ، وعند الاختلاف الجزء الذي تلف بضربة كل هو المختص بإتلافه فعليه جزاؤه والباقي متلف بفعلهما فعليهما ضمانه ، وإن كان الضارب له حلالا ، ومحرما كذلك ضمن كل واحد ما نقصته جراحته ثم يضمن الحلال نصف قيمته مضروبا بالضربتين ، وعلى المحرم جميع قيمته مضروبا بالضربتين ، ولو لم يقعا [ ص: 50 ] معا بأن جرحه الحلال أولا ثم ثنى المحرم ضمن الحلال ما انتقص بجرحه صحيحا ونصف قيمته وبه الجراحتان ; لأن النقصان حصل بالجرح ، وهو صحيح والهلاك حصل بأثر الفعل ، وهو منقوص بالجراحتين ، وعلى المحرم قيمته وبه الجرح الأول ; لأنه حين جرح كان منقوصا بالجرح الأول ، ولو قطع حلال يد صيد ثم فقأ محرم عينه ثم جرحه قارن فمات فعلى الحلال قيمته كاملة ; لأنه استهلكه معنى ، وهو صحيح ; لأنه فوت عليه جنس المنفعة ، وعلى الثاني قيمته وبه الجرح الأول ; لأنه استهلكه معنى ، وعلى القارن قيمتان وبه الجنايات ; لأنه أتلفه حقيقة بأثر الفعل ، وهو منقوص بهما وتمام تفاريعه في المحيط .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية