( قوله : ولو قطع وترد السرقة إلى المسروق منه ) ; لأن إقرار العبد على نفسه بالحدود ، والقصاص صحيح من حيث إنه آدمي ثم يتعدى إلى المالية فيصح من حيث إنه مال ولأنه لا تهمة في هذا الإقرار لما يشتمل عليه من الأضرار ومثله مقبول على الغير فيقطع العبد ، وإذا صح الإقرار بالقطع صح بالمال بناء عليه ; لأن الإقرار يلاقي حالة البقاء ، والمال في حالة البقاء تابع فقط حتى تسقط عصمة المال باعتباره ويستوفى القطع بعد استهلاكه أطلق العبد فشمل المأذون ، والمحجور عليه وخالف أقر عبد بسرقة في المحجور فقال لا يقطع وخالفه محمد واتفقا على أن المال للمولى وأطلق في القطع فشمل ما إذا صدقه المولى وكذبه ، والخلاف فيه فقط وأطلق في السرقة فشمل القائمة ، والمستهلكة وأشار بالرد المقيد لبقائها إلى أنها لو كانت مستهلكة فلا ضمان ويقطع اتفاقا وأشار بالقطع إلى أن العبد كبير إذ لا قطع إلا على مكلف ، فإذا أبو يوسف فلا قطع غير أنه إذا كان مأذونا برد المال إلى المسروق منه إن كان قائما ، وإن كان هالكا يضمن ، وإن كان محجورا ، فإن صدقه المولى يرد المال إلى المسروق منه إن كان قائما ولا ضمان عليه إن كان هالكا ولا بعد العتق كذا في فتح القدير وقيد بالإقرار ليفيد أن السرقة لو ثبتت عليه بالبينة ، فإنه يقطع بالأولى ويرد المال إلى المسروق منه كما في الذخيرة لكن يشترط حضرة المولى عند إقامة البينة عند أقر عبد صغير بسرقة أبي حنيفة . ومحمد
وقال ليست بشرط ، وأما حضرته عند الإقرار بالحدود فليست بشرط اتفاقا كذا في شرح أبو يوسف ( قوله لا يجتمع قطع وضمان وترد العين لو قائمة ) لقوله عليه السلام { الطحاوي لا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه } ولأن وجوب الضمان ينافي القطع ; لأنه يتملكه بأداء الضمان مسندا إلى وقت الأخذ فتبين أنه ورد على ملكه فينتفي القطع وما يؤدي إلى انتفائه فهو المنتفي ، أو لأن المحل لا يبقى معصوما حقا للعبد إذ لو بقي كان مباحا في نفسه فينتفي القطع للشبهة فيصير محرما حقا للشرع كالميتة ولا ضمان فيه أطلقه فشمل ما إذا هلكت العين أو استهلكها وهو ظاهر الرواية وسواء كان الاستهلاك قبل القطع أو بعده كما في المجتبى وفرق في رواية الحسن بين الهلاك ، والاستهلاك ; لأن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك ; لأنه فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه وكذا الشبهة تعتبر فيما هو السبب دون [ ص: 71 ] غيره ووجه المشهور أن الاستهلاك إتمام المقصود فتعتبر الشبهة فيه وكذا يظهر سقوط العصمة في حق الضمان ; لأنه من ضرورة سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة .
وفي التبيين عن أن السارق يفتى بأداء القيمة ، وإن لم يقض به كقطع الطريق ، والباغي يفتيان بأداء الضمان ، والأموال ، والدية في النفوس وفي الكافي هذا إذا كان بعد القطع ، وإن كان قبله ، فإن قال المالك : أنا أضمنه لم يقطع عندنا ، وإن قال أنا أختار القطع يقطع ولا يضمن . ا هـ . محمد
لأنه في الأولى تضمن رجوعه عن دعوى السرقة إلى دعوى المال وأطلق في قيام العين فشمل ما إذا كان السارق لم يتصرف فيها أو باعها أو وهبها ، فإنها تؤخذ من المشتري ، والموهوب له بلا خلاف لبقائها على ملك مالكها وفي الإيضاح قال لا يحل للسارق الانتفاع به بوجه من الوجوه ; لأنه على ملك المسروق منه وكذا لو خاطه قميصا لا يحل له الانتفاع به وفي المجتبى لو أبو حنيفة لم يضمن لأحد ، وكذا لو هلك في يد المشتري منه أو الموهوب له ولو استهلكه فللمالك تضمينه ا هـ . قطع السارق ثم استهلك السرقة غيره
( قوله : ولو قطع لبعض السرقات لا يضمن شيئا ) يعني عند وقالا يضمن كلها إلا التي قطع فيها ; لأن الحاضر ليس بنائب عن الغائب ولا بد من الخصومة لتظهر السرقة فلما لم تظهر السرقة من الغائبين فلم يقع القطع لهم فبقيت أموالهم معصومة وله أن الواجب بالكل قطع واحد حقا لله تعالى ; لأن مبنى الحدود على التداخل ، والخصومة شرط للظهور عند القاضي أما الوجوب بالجناية ، وإذا استوفى فالمستوفى كل الواجب ألا ترى أنه يرجع نفعه إلى الكل فيقع عن الكل وعلى هذا الخلاف إذا الإمام ولذا أطلق كانت العين كلها لواحد وسرقها منه مرارا فخاصم في البعض المصنف فشمل ما إذا كان الكل لواحد كما شمل ما إذا كان لمتعدد وحضر الكل وقطع بالبعض أو حضر البعض فقط
[ ص: 71 ]