( باب السلم ) .
لما كان من أنواع البيوع ولكن شرط فيه القبض كالصرف أخرهما وقدمه على الصرف ; لأن الشرط في الصرف قبضهما وفي السلم قبض أحدهما فقدم انتقالا بتدريج وخص باسم السلم لتحقق إيجاب التسليم شرعا فيما صدق عليه أعني تسليم رأس المال ، وكان على هذا تسمية الصرف بالسلم أليق لكن لما كان وجود السلم في زمنه صلى الله عليه وسلم هو الظاهر العام في الناس سبق الاسم إليه وهو في اللغة السلف قال في الصحاح أسلم الرجل في الطعام أسلف فيه وفي المصباح السلم في البيع مثل السلف وزنا ومعنى وأسلمت إليه بمعنى أسلفت أيضا . ا هـ .
وفي المعراج أن الهمزة فيه للسلب أي أزال سلامة الدراهم بتسليمها إلى مفلس في مؤجل وفي الفقه على ما في السراج والعناية أخذ عاجل بآجل وتعقبه في فتح القدير بأنه ليس بصحيح لصدقه على البيع بثمن مؤجل وعرفه أيضا بأنه بيع آجل بعاجل والظاهر أن قولهم أخذ عاجل بآجل من باب القلب والأصل أخذ آجل بعاجل وهو أولى مما في البناية من أن قولهم أخذ عاجل بآجل تحريف من الناسخ الجاهل فاستمر النقل على هذا التحريف .
ركن البيع من الإيجاب والقبول وينعقد بلفظ البيع على الأصح اعتبارا للمعنى ويسمى صاحب الدراهم رب السلم والمسلم أيضا ويسمى الآخر المسلم إليه والحنطة مثلا المسلم فيه وستأتي شرائطه مفصلة أيضا وركنه شدة الحاجة إليه وسبب شرعيته ثبوت الملك للمسلم إليه في الثمن ولرب السلم في المسلم فيه الدين الكائن في الذمة إما في العين فلا يثبت إلا بقبضه على انعقاد مبادلة أخرى والمؤجل المطالبة بما في الذمة وحكمه من الكتاب آية المداينة لما صححه ودليله عن الحاكم رضي الله عنهما قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في الكتاب وأذن فيه قال الله تعالى { ابن عباس يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } . ومن [ ص: 169 ] السنة ما رواه الستة عن { ابن عباس رضي الله عنهما } وهو على خلاف القياس إذ هو بيع المعدوم ووجب المصير إليه بالنص والإجماع للحاجة ولا اعتبار بمن قال إنه على وفقه ، وقد أطال في الرد عليه في فتح القدير . قدم النبي صلى الله عليه وسلم والناس يسلفون في التمر السنة والسنتين والثلاثة فقال من أسلم في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم
[ ص: 167 - 168 ]