( باب القصاص فيما دون النفس ) .
لما فرغ من بيان القصاص في النفس شرع في بيان ; لأن الجزء يتبع الكل قال رحمه الله تعالى ( يقتص بقطع اليد من المفصل ، وإن كانت يد القاطع أكبر وكذا الرجل ومارن الأنف والأذن ) لقوله تعالى { القصاص فيما دون النفس والجروح قصاص } أي ذو قصاص لقوله تعالى { والسن بالسن } فكل ما أمكن فيه رعاية للمماثلة يجب فيه القصاص وما لا فلا وقد أمكن في هذه الأشياء التي ذكرناها ولا عبرة بكبر العضو ; لأنه لا يوجب التفاوت في المنفعة وإذا قلنا أن المدار عن التساوي في المنفعة فلا تقطع اليمنى باليسرى ولا الصحيحة بالشلاء ولا يد المرأة بيد الرجل ولا يد الحر بيد العبد وقيد بقوله من المفصل ; لأنه لو قطع ذلك من غير المفصل لا قصاص فيه وفي النوادر روى والقصاص ينبني على المماثلة الحسن عن رحمهما الله تعالى أنه إذا أبي حنيفة يقتص منه ، وإن قطع نصف أذنه ، وكان يقدر أن يقتص مثل ذلك اقتص منه ; لأن شحمة الأذن لها حد معلوم وللأذن مفاصل معلومة فإذا قطع منها شيء يعلم أن القطع من أي المفصل أمكن القصاص ، وكذلك إذا قطع غضروف الأذن قطعا يستطاع فيه القصاص اقتص منه يعمل ذلك بحديدة أو بغير حديدة ، وإن قطع شحمة أذنه لا قصاص فيه وعليه الأرش في ماله ، وإن جذب أذنه فانتزع شحمته كان بالخيار إن شاء ضمنه نصف الدية ، وإن شاء قطعها على صغرها ، وكذلك لو كان أذن القاطع سكا أي صغيرة الخلقة وأذن المقطوع صحيحة كبيرة كان المقطوع بالخيار ، وإن كانت الناقصة هي المقطوعة كان له حكومة عدل لا قصاص فيه وفي نوادر كانت أذن القاطع مقطوعة أو خرماء أو مشقوقة عن ابن سماعة ، ولو محمد ففيها القصاص ، وإن قطع من أصله لا قصاص عليه ; لأنه عظم ، وليس بمفصل قطع المارن ، وهو أرنبة الأنف قال ولا قصاص في العظم : لو أبو حنيفة اقتص منه ; لأنه أمكن استيفاؤه على سبيل المساواة إذ له حد معلوم فأشبه اليد من الكوع . قطع ذكره من أصله أو من الحشفة