الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وكره أن يقرأ سورة ويدع آية السجدة لا عكسه ) ; لأنه يشبه الاستنكاف عنها عمدا في الأول ، وفي الثاني مبادرا لها قال محمد : وأحب إلي أن يقرأ قبلها آية أو آيتين وذكر قاضي خان إن قرأ معها آية وآيتين فهو أحب وهذا أعم من الأول لصدقه بما إذا قرأ بعدها آية أو آيتين بخلاف الأول وعلله بقوله دفعا لوهم التفضيل أي تفضيل آي السجدة على غيرها إذ لكل من حيث إنه كلام الله تعالى في رتبة ، وإن كان لبعضها بسبب اشتماله على ذكر صفات الحق جل جلاله زيادة فضيلة باعتبار المذكور لا باعتباره من حيث هو قرآن ، وفي الكافي قيل : من قرأ آي السجدة كلها في مجلس واحد وسجد لكل منها كفاه الله ما أهمه ، وما ذكر في البدائع في كراهة ترك آية السجدة من سورة يقرؤها ; لأن فيه قطعا لنظم القرآن وتغييرا لتأليفه ، واتباع النظم والتأليف مأمور به قال الله تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } أي تأليفه فكان التغيير مكروها يقتضي كراهة ذلك كذا في فتح القدير وأقول : وإن كان ذلك مقتضاه لكن صرح بعده في البدائع بخلافه فقال : ولو قرأ آية السجدة من بين السور لم [ ص: 138 ] يضره ذلك ; لأنها من القرآن ، وقراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من بين السور وقيده قاضي خان بأن يكون في غير الصلاة فظاهر أنه لو كان في الصلاة كره فهو مقيد لقوله لا عكسه ثم قال في البدائع ، ولو قرأ آية السجدة وعنده ناس ، فإن كانوا متوضئين متأهبين للسجدة قرأها جهرا ، وإن كانوا غير متأهبين ينبغي أن يخفض قراءتها ; لأنه لو جهر بها لصار موجبا عليهم شيئا ربما يتكاسلون عن أدائه فيقعون في المعصية ا هـ .

                                                                                        وذكر الشارح ، ولو قرأ آية السجدة إلا الحرف الذي في آخرها لا يسجد ، ولو قرأ الحرف الذي يسجد فيه وحده لا يسجد إلا أن يقرأ أكثر آية السجدة بحرف السجدة ، وفي مختصر البحر لو قرأ واسجد وسكت ، ولم يقرأ واقترب تلزمه السجدة ا هـ .

                                                                                        وفي فتاوى قاضي خان رجل سمع آية السجدة من قوم من كل واحد منهم حرفا ليس عليه أن يسجد ; لأنه لم يسمعها من تال - والله سبحانه أعلم وبعباده أرحم .

                                                                                        التالي السابق



                                                                                        الخدمات العلمية