( قوله وإذا خرج الإمام فلا صلاة ، ولا كلام ) لما رواه في مصنفه عن ابن أبي شيبة علي وابن عباس رضي الله عنهم كانوا يكرهون وابن عمر وقول الصحابي حجة ولأن الكلام يمتد طبعا فيخل بالاستماع والصلاة قد تستلزمه أيضا وبه اندفع قولهما أنه لا بأس بالكلام إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر وأجمعوا أن الخروج قاطع للصلاة ، وفي العيون المراد إجابة المؤذن أما غيره من الكلام فيكره إجماعا كذا في السراج الوهاج وفسر الشارح الخروج بالصعود على المنبر وهكذا في المضمرات وذكر في السراج الوهاج يعني خرج من المقصورة وظهر عليهم وقيل صعد المنبر ، فإن لم يكن في المسجد مقصورة يخرج منها لم يتركوا القراءة والذكر إلا إذا قام الإمام إلى الخطبة ا هـ . الصلاة والكلام بعد خروج الإمام
وفي شرح المجمع عباره الخروج واردة على عادة العرب من أنهم يتخذون للإمام مكانا خاليا تعظيما لشأنه فيخرج منه حين أراد الصعود هكذا شاهدناه في ديارهم ، والقاطع في ديارنا يكون قيام الإمام للصعود ا هـ .
فالحاصل أن الإمام إن كان في خلوة فالقاطع انفصاله عنها وظهوره للناس وإلا فقيامه للصعود وأطلق في الصلاة فشمل السنة وتحية المسجد ويدل عليه الحديث { } فإنه يفيد بطريق الدلالة منعهما بالأولى ; لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة وتحية المسجد ، وما في صحيح إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت من قوله صلى الله عليه وسلم { مسلم } فمحمول على ما قيل تحريم الكلام فيها دفعا للمعارضة ، وجوابهم بحمله على ما إذا أمسك عن الخطبة حتى يفرغ من صلاته كما أجابوا به في واقعة إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما سليك الغطفاني فغير مناسب لمذهب الإمام لما علمت أنه يمنع الصلاة بمجرد خروجه قبل الخطبة إلى أن يفرغ من الصلاة ، وفي فتح القدير ، ولو خرج وهو في السنة يقطع على ركعتين ا هـ .
وهو قول ضعيف وعزاه قاضي خان إلى النوادر قال فإذا قطع يلزمه أربع ركعات ، والصحيح خلافه كما في المحيط قال الولوالجي في فتاويه إذا تكلموا فيه والصحيح أنه يتم ، ولا يقطع ; لأنها بمنزلة صلاة واحدة واجبة ا هـ . شرع في الأربع قبل الجمعة ثم افتتح الخطبة أو الأربع قبل الظهر ثم أقيمت هل يقطع على رأس الركعتين
وكذا في المبتغى بالغين المعجمة ، ولا يرد عليه قضاء فائتة لم يسقط الترتيب بينهما وبين الوقتية فإنها لا تكره كما في السراج الوهاج ; لأنه أطلق فيها لما قدمه أن الترتيب واجب بمعنى الشرط ، وأطلق في منع الكلام فشمل الخطيب قال في البدائع إلا إذا كان أمرا بمعروف فلا يكره لما روي أن : ويكره للخطيب أن يتكلم في حال الخطبة كان يخطب يوم الجمعة فدخل عليه عمر فقال له أية ساعة هذه ؟ فقال له : ما زدت حين سمعت النداء يا أمير المؤمنين على أن توضأت فقال والوضوء أيضا ، وقد علمت أن رسول الله أمر [ ص: 168 ] بالاغتسال ا هـ . عثمان
فاستفيد منه أنه لا يسلم إذا صعد المنبر وروي أنه يسلم كما في السراج الوهاج وشمل التسبيح والذكر والقراءة ، وفي النهاية اختلف المشايخ على قول قال بعضهم إنما كان يكره ما كان من كلام الناس أما التسبيح ونحوه فلا وقال بعضهم كل ذلك مكروه ، والأول أصح ا هـ . وكذا في العناية أبي حنيفة
وذكر الشارح أن الأحوط الإنصات ا هـ . ويجب أن يكون محل الاختلاف قبل شروعه في الخطبة ويدل عليه قوله على قول وأما وقت الخطبة فالكلام مكروه تحريما ، ولو كان أمرا بمعروف أو تسبيحا أو غيره كما صرح به في الخلاصة وغيرها وزاد فيها أن ما يحرم في الصلاة يحرم في الخطبة من أكل وشرب وكلام وهذا إن كان قريبا ، فإن كان بعيدا فقد تقدم من أبي حنيفة المصنف أن النائي كالقريب ، وهو الأحوط في المحيط ، وهو الأصح وأما دراسة الفقه والنظر في كتب الفقه ففيه اختلاف وعن أنه كان ينظر في كتابه ويصححه وقت الخطبة ، ولو لم يتكلم لكن أشار بيده أو بعينه حين رأى منكرا الصحيح أنه لا بأس به وشمل تشميت العاطس ورد السلام وعن أبي يوسف لا يكره الرد ، وهو خلاف المذهب واختلفوا في الحمد إذا عطس السامع وصححوا أنه يرد في نفسه لكن ذكر أبي يوسف الولوالجي أن الأصوب أنه لا يجب فيهما ; لأنه يختل الإنصات وأنه مأمور به ، وعليه الفتوى وكذا اختلفوا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه والصواب أنه يصلي في نفسه كما في فتح القدير ، ولا يرد على المصنف لو ; لأن ذلك يجب لحق آدمي ، وهو محتاج إليه ، والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة كما في السراج الوهاج ، وفي المجتبى الاستماع إلى خطبة النكاح والختم وسائر الخطب واجب والأصح الاستماع إلى الخطبة من أولها إلى آخرها ، وإن كان فيها ذكر الولاة ا هـ . رأى رجلا عند بئر فخاف وقوعه فيها أو رأى عقربا تدب إلى إنسان فإنه يجوز له أن يحذره وقت الخطبة
ثم اعلم أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوي وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء ويدعون للصحابة بالرضى وللسلطان بالنصر إلى غير ذلك فكله حرام على مقتضى مذهب رحمه الله وأغرب منه أن المرقى ينهى عن الأمر بالمعروف بمقتضى الحديث الذي يقرؤه ثم يقول : أنصتوا رحمكم الله ، ولم أر نقلا في وضع هذا المرقى في كتب أئمتنا . أبي حنيفة